وجهة نظر

مكانة اللغة في مقترح قانون حزب الاستقلال

اعلم ان لكل دولة خصوصياتها، بل من أهم ما تختص به وتمتاز هو الدين واللغة. بل بعض الأحيان يمكن تغليب اللغة على الدين في تمييز دولة عن أخرى. وبهذا نجد الدستور المغربي في نسخته الاخيرة يؤكد على اللغة الوطنية ويحددها في لغتين: العربية والأمازيغية، بل نجد الفصل المحدد لهذا يتلو مباشرة الفصول المحددة للنظام السياسي والدين المعتمد وشعار المملكة. اضافة الى هذا، نجد الدستور المغربي يوجب على الدولة حمايتهما وتنميتهما، وذلك بإحداث مجلس وطني خاص للغات والثقافة المغربية. وقد سبق معنا مناقشة مهمة هذا المجلس في مقال آخر.

خلال تصفح موقع مجلس النواب والبحث عن كل المبادرات التي اتخذت من أجل حماية وتنمية اللغتين؛ لاسيما بعدما اتضح ان المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية غير قادر على تقديم الحماية اللازمة للغتين الوطنيتين؛ تبين أن هناك من المقترحات ما يستجيب لمقتضيات الفصل الخامس من الدستور، ولعل أهم مقترح تم الاطلاع عليه هو مقترح قانون تقدم به الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، المحال على مجلس النواب يوم 6 فبراير 2019، وهو قيد الدرس في لجنة التعليم والثقافة والاتصال منذ تاريخ 20 فبراير من نفس السنة. وقد اتى هذا المقترح تحت عنوان: “مقترح قانون يتعلق بإلزامية اللغتين العربية والأمازيغية بالإدارة والحياة العامة”، ويضم اثني عشر فصلا.

إن الناظر إلى نص المقترح لا يتردد في مساندة المقترح بدون قيد ولا شرط، ليس لكونه آت من جهة سياسية معينة، بل لأنه يحمل بين صفحاته ما يُلزم الجميع؛ بدون استثناء؛ استعمال اللغتين الوطنيتين طبقا للفصل الخامس من الدستور. وجاء على عكس القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، لأن المقترح يحمل إشارات قوية لإعادة الاعتبار للغتين بقوة القانون، حيث يمكن تلخيص كل هذه الإشارات في فقرة صغيرة، لنعلم جميعا جدية الدفاع عن اللغة بعيدا عن كل المزايدات السياسية:

” تلتزم المنظمات الرسمية وغير الرسمية، بل حتى المقاولات الخاصة باعتماد اللغتين في مختلف المعاملات. كما يجب تحرير جميع الوثائق والمذكرات باللغتين ويلزم ارفاق المحررات بلغة أجنبية من طرف أشخاص أجانب بترجمتها الى اللغة العربية. اضافة الى وجوب كتابة جميع اللافتات والإعلانات والعلامات التجارية وغيرها من الأمور باللغتين الوطنيتين، بل يتم اعادة تسجيل كل العلامات التجارية التي كانت بلغة أجنبية خلال أجل اثني عشر شهرا من صدور القانون بشرط أن تكون اللغة الوطنية الأبرز والأكبر حجما. مع ضرورة احداث اجهزة في كل الادارات العمومية وشبه العمومية تعني بسلامة اللغتين في كل الوثائق والمعاملات.
ولم يكتفي المقترح بهذا فقط، بل نص على عقوبات تأديبية، تكون لكل مخالف لمقتضيات القانون هذا، بل تحدث المقترح عن غرامات يمكن أن تتراوح بين 5000 و20.000 درهم، وقد تتضاعف عند العود. مع التأكيد على إلغاء جميع القوانين المنافية له.”

إلى هذا الحد نقف لأن المقام لا يسمح للتفصيل أكثر، ومن له الرغبة في الاطلاع أكثر على النص فليزر الموقع الرسمي للبرلمان المغربي.

ختاما، إن المقترح الذي حاولنا تسليط الضوء عليه يعتبر إضافة نوعية وسيخدم اللغتين الوطنيتين ان حظي بالمصادقة. ونتمنى من كل الاطياف السياسية مساندة المقترح ان هم أرادوا حقا التعبير بشكل جدي عن الشعارات التي تطلق هنا وهناك بخصوص الثوابت الوطنية والحفاظ عليها. كما نتحين الفرصة لنطالب الفرق البرلمانية إعادة النظر في مشروع قانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وان المصادقة على هذا المشروع يعتبر أكبر خيانة للوطن، بل إن فرصة استدراك الخطأ من طرف الممتنعين عن التصويت خلال مناقشة المشروع في لجنة التعليم والثقافة والتواصل ما زالت قائمة، وأن أي امتناع عن التصويت خلال الجلسة العامة بمثابة المشاركة في الجريمة ( الجريمة السلبية) وتكريس لغة المستعمر. وبهذه المناسبة ندعو الله عز وجل تثبيت نواب الأمة على الحق المستقيم، وأن يرزقهم المنطق السليم. لذا فإن اقتراح مشروع قانون يلزم استعمال اللغتين الوطنيتين لا يستقيم مع الامتناع عن التصويت، بل الواجب الأخلاقي والوطني يفرض قول كلمة: لا لفرنسة التعليم.
اللهم ارزقنا المنطق والعمل به.

حسن المرابطي باحث في القانون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *