وجهة نظر

بين محاربة الإرهاب ومحاربة استغلاله.. أوقفوا تصفية الصحافيين والنشطاء والمعارضين

هل يكفي أن نحارب الإرهاب وأسبابه ومنابعه، أم لابد أيضا من محاربة استغلاله والاستثمار فيه؟

لم يكد يمض أسبوعان، على تحقيق الزميل تامر المسحال على قناة الجزيرة، والذي كشف رعاية واحتضان البحرين، لإرهابيين من تنظيم القاعدة، واستعمالهما في تصفية معارضين بحرينيين في الداخل، والقيام بعمليات إرهابية في الخارج، حتى استفقنا صباح يوم السبت 27 يوليوز، على خبر إعدام شابين من نشطاء الحراك البحريني.

وبحسب مصادر إعلامية، فقد جرى إعدام علي محمد العرب (25 عاما) وأحمد عيسى الملالي (24 عاما) بعد إدانتهما بقتل شرطي في يناير 2017.

من جهته قال المعارض البحريني سعيد محمد الشهابي، إن الاعترافات انتزعت من الشابين تحت التعذيب، الذي تضمن نزع الأظافر والربط بكرسي على مدى أيام، مضيفا أن أكثر من 20 شخصا ينتظرهم الإعدام وأن الأحكام صدرت بحقهم بعد اعترافات انتزعت تحت التعذيب.

وقال والد أحمد عيسى الملالي، أن ابنه بقي مطاردا منذ انطلاق الحراك، سنة 2011، وكان عمره حينها 16 سنة، إلى أن اعتقل سنة 2017، ووجهت له رفقة زميله علي محمد العرب 25 سنة، تهمة قتل شرطي، ليتم إعدامهما معا، دون أن يحضيا بمحاكمة عادلة، بل انتزعت منهما اعترافات بالقتل تحت التعذيب.

وجرت تصفية الناشطين الشابين، كما في أغلب التصفيات التي يتعرض لها نشطاء ومعارضون وصحافيون، يتم اعتقالهم أو اختطافهم أو اغتيالهم، في دول عربية عديدة، بالتهمة التي أصبحت موضة العصر، والتي هي الإرهاب، لكي تضفي الأنظمة الحاكمة المشروعية على تصفياتها تلك، وقد يتهمون بتهم أخرى من قبيل الخيانة والتخابر مع دولة أجنبية، وغيرها من التهم التي أصبحت العديد من الأنظمة تستعملها ضد النشطاء لتلطيخ سمعتهم، وإفقادهم الدعم والتعاطف.

الجديد في إعدام الشابين البحرينيين، أنه حصل إجماع من جهات حقوقية عديدة، بإدانة الإعدام، واستنكار التهمة الموجهة للشابين.

فقد اعتبر منتدى البحرين لحقوق الإنسان، الإعدام، جريمة مروعة، ودعت الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان الدولية، البحرين، إلى وقف عملية الإعدام بحق الشابين، وكذلك فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي والمقرر الأممي الخاص المعني بالتعذيب، وهيومن رايتس ووتش، وأمنيستي، ووجهت 13 مجموعة حقوقية في ماي الماضي رسالة مشتركة إلى ملك البحرين طالبت فيها بتخفيف أحكام الإعدام، لكن دون جدوى.

وهذا الذي فعلته البحرين، من صناعة الإرهاب والاستثمار فيه، من جهة، ثم توظيفه لتصفية المعارضين والمثقفين والنشطاء والصحافيين، باتهامهم به، من جهة أخرى، هو نفسه ماتفعله أنظمة عربية عديدة.

ولقد تابعنا جميعا عمليات الإعدام في السعودية وفي مصر، بتهمة الإرهاب لنشطاء وصحافيين، (أعدمت السعودية قبل ثلاثة أشهر، 37 سعوديا جلهم من المعارضة، بتهمة الإرهاب، وتهدد بإعدام مفكرين ومثقفين وشيوخ، بنفس التهمة) أما الاعتقالات بهذه التهمة فهي أكثر من أن تحصى، في هذه البلدان وغيرها (من الأمثلة البارزة المثيرة للجدل هذا الأسبوع، وفاة الناشطة السياسية الإماراتية، علياء عبد النور، في ماي الماضي في سجنها، بسبب الإهمال الطبي، واعتقلت علياء صيف 2015، بتهمة تمويل الإرهاب، وقد استنكرت منظمات حقوقية دولية اعتقالها واتهامها بالإرهاب).

إن هذه الأمثلة وغيرها التي يضيق المقام عن ذكرها، تستدعي وقفة حازمة، مع هذا الاستغلال البشع، لقضية الإرهاب، من طرف أنظمة الاستبداد، في عالمنا العربي، بإلباسها للمعارضين والنشطاء والصحافيين، من أجل تصفيتهم أو إخراسهم وقمعهم.

على المثقفين الأحرار، أن يفضحوا هذه الممارسات اللاأخلاقية واللاإنسانية واللاقانونية، لأنها حتما ستكون عاملا من عوامل تغذية التطرف والإرهاب، فهذه الأنظمة الاستبدادية التي ترمي بتهم الإرهاب يمينا وشمالا، والتي تجني من وراء ذلك، مزايا وفوائد بمنطقها الاستبدادي، تتجلى في:

التخلص من الأصوات المزعجة
استعمال فزاعة الإرهاب، لإحكام القبضة الأمنية
تغيير القوانين بالشكل الذي يخدم التسلط والاستبداد
الظهور بمظهر المحارب للإرهاب، مع مايدره من فوائد ومداخيل
تغفل عن حقيقة مرة، وهي أنها تساهم بطريقة أو بأخرى، في بذر بذور التطرف، وتفريخ بيض الحقد والكراهية، واللعب بالنار، إضافة أنها تبتذل قضية الإرهاب وتميعها.

إنه من واجبنا كطبقة مثقفة واعية متنورة، بالإضافة لمحاربتنا للإرهاب ومنابعه، أن نحارب استغلاله والاستثمار فيه، وأن نكون صوت الوعي، وصوت اليقظة، وصوت الرفض، لهذه الأساليب القذرة، من أنظمة المنطقة، التي تريد قمع أي صوت مخالف، وأي فكر تنويري، باستعمال سلاح الاتهام بالإرهاب.

فلنقل جميعا لا لاستعمال تهمة الإرهاب لتصفية المخالفين والمعارضين والنشطاء والصحافيين، ولننخرط في حملة المطالبة بإيقاف استعمال تهمة الإرهاب لتصفية النشطاء والصحافيين والمعارضين بالتوقيع على العريضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *