وجهة نظر

المغرب الأخطر

12 عربيا و 22 عالميا هي رتبة المغرب في تصنيف معهد الموارد العالمي لندرة المياه. المعهد صنف بلادنا في الخانة الحمراء للدول المهددة بالجفاف الحاد بسبب استنزاف الثروة المائية. المثير في الأمر أن وطننا حل قريبا (و أحيانا سابقا ) لدول تعاني حروبا و مجاعات.

خلف اليمن (20) حل المغرب في الرتبة 22 عالميا متجاوزا الجزائر (29)، تونس (30) و سوريا (31)، ما ينذر بخطر وشيك على أمن الوطن و استقراره و تنمية سكانه.

أكتوبر 2017، وجد الشاب الزاكوري (رضوان الطويل) 19 سنة، نفسه محاطا بتهم ثقيلة هي وضع شحنة متفجرة على الطريق و العصيان و مقاومة رجال الأمن…حينما شارك رفقة باقي سكان مدينة زاكورة (و خصوصا ساكنة حي العطشان) في مظاهرة للمطالبة ب حقهم في الماء الصالح للشرب، و احتحاجا على كون حياتهم باتت أرخض من دلاحة تسمن الكبار و تفقر الصغار المداويخ! الشاب رضوان أدين ب5 سنوات سجنا نافذا من المحكمة الابتدائية بمدينة وارزازات.

دلاح لا يحتل أي أولوية في سلم المغرب الغدائي غير كونه يذر بين 15 مليار و 20 مليار سنتيم على كبار فلاحين يزرعون 2000 هكتار في منطقتي درعة و سوس، بربح صاف للهكتار يتراوح بين 7.5 و 10 مليون سنتيم!

عشرات الآبار تحفر لسقي حوالي 970 هكتار من الدلاح بين منطقتي زاكورة و طاطا، بينما ينهش مرض اللشمانيا أجساد الأطفال و النساء لندرة المياه و مشكل النظافة. المكتب (الوطني) للماء يرفض حفر آبار جديدة للشرب لأن الدراسات تؤكد نضوب الماء، لكنه لا يمانع ليس فقط بحفر آبار الدلاح، بل بالسماح للفلاحين الكبار باستغلال آبار المكتب و تركيب قنينات الغاز المدعم لشفط مياه الجوف حسب شهادات سكان المناطق الجافة و المتضررة.

مقابل الرتبة 24 عالميا في تصدير الدلاح، يخسر المغرب سنويا 12 مليون متر مكعب من مياهه الجوفية، ما يعادل خمس ثروة منطقة سوس المائية السطحية: كل هكتار دلاح (بطيخ) يستهلك 6000 متر مكعب من الماء العذب الزلال و 400 كيلو غراما مبيدات و أسمدة تفقر التربة و تحكم عليها بموت طويل و لسنوات.

لا ندري هل المليارات التي ستصرف لتقديم نموذج تنموي جديد (متوفر على الانترنيت مجانا) ستأخذ بالحسبان تقارير منظمة الأغذية و الزراعة (الفاو)، التي تقول أن المغرب سيفقد بين 6 و 14% من ناتجه الإجمالي بحلول 2050 بسبب الهدر المائي و استنزاف الثروات الجوفية و السطحية لعصب الحياة. و إذا كانت الدولة المغربية بناتجها الإجمالي الحالي لا توفر أكثر من 26000 منصب شغل حسب آخر تقرير للبنك الدولي، فكيف ستكون الحال حين نفقد 10% من اقتصادنا بسبب تماسيح تأكل الأخضر و اليابس بفضل مخطط المغرب الأخضر!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *