أخبار الساعة، مجتمع

عبد الرزاق عفاف.. رحالة مغربي شاب يؤسس أول بنك لنباتات المغرب

يرسم الشاب المغربي عبد الرزاق عفاف على وجهه ابتسامة مشرقة وهو يقترب من نبتة محلية مستوطنة بغابة تبضرت بمنطقة الأطلس الكبير بضواحي مراكش؛ يرش زهرتها بالماء قبل أن يصورها.

يقول عبد الرزاق للجزيرة نت -وهو يراقب حشرة صغيرة حطت على زهرته- “النباتات عالمي السحري، كلما اقتربت منه اكتشفت أسرارا وخبايا تأسر العقل والروح”.

عمل دؤوب

يعشق عبد الرزاق السفر، ويعمل منذ ست سنوات على جمع معلومات ميدانية لينشئ مشروعا سماه “بنك نباتات”، هو الأول من نوعه، وسلاحه في ذلك حبه الطبيعة الخلابة والمتعة التي يجدها وهو يتجول في غابات الأطلس المغربية.

يقتضي مشروعه -كما يوضح- أن يقدم كل نبتة بصور مختلفة، إضافة إلى نصوص يبرز فيها أسماءها العلمية والمتداولة والمحلية، قبل أن يبدأ وضع لمساته على الفيديوهات التي ينشئها للتعريف بها.

همه أن تكتمل موسوعته الإلكترونية التي تضم الآن المئات من النباتات، كما يطمح إلى أن تشمل كل نباتات المغرب. ويعتمد في ذلك على استشارة باحثين أكاديميين في المجال.

ويصف الأكاديمي والخبير في علم النباتات محمد المحروق للجزيرة نت عمل عبد الرزاق بالطموح، مبينا أن جهده مقدر إلى جانب ما يقوم به الباحثون في المجال.

كنز

أكثر ما يتردد على لسان هذا الشاب (32 سنة) عبارة “النباتات كنز”. ولا يقصد بها قيمة مالية فهي لا تقدر بثمن، ولكنه ينبه إلى المعارف التي تحتويها قصة حياة كل نبتة، وتساعد الإنسان على فهم أهمية الحفاظ على تنوعها البيولوجي.

ويشرح عبد الرزاق أن تلك العبارة يحاول أن يترجمها إلى واقع عملي، ويسعي بكل قوته لتثمين التراث الطبيعي في مجال النباتات.

وتقول الباحثة الأكاديمية في سلك الدكتوراه بالجامعة هاجر الصبان، التي تقدم له المساعدة العلمية لتحقيق حلم مشترك، إن ما يقوم به هذا الشاب يستحق كل التنويه، فهو يقدم المعلومة بجمالية وبساطة، وأيضا بدقة.

في الطبيعة

من يرافق الشاب عبد الرزاق -الذي يلقب نفسه بـ”صديق النباتات”- وسط غابات الأطلس يكتشف بعض أسرار حبه النباتات، فهو يتوقف طويلا متأملا تفاصيل نبتات أو زهرات تبدو لأول وهلة أنها متشابهة، يسجلها في مذكرته الصغيرة، ويتابع مسيرته على غير عجل.

يقول عنه صديقه أنس البوراوي -الذي يصاحبه في أغلب رحلاته- للجزيرة نت “تربط عبد الرزاق بالنباتات علاقة عجيبة، ذاكرته البصرية القوية تجعله ينتبه إلى تفاصيل تغيب عادة عن عين العموم”.

كما تضيف هاجر الصبان للجزيرة نت -وهي تنظر إلى مفكرتها العلمية- أنها تستفيد كثيرا من تلك المعلومات التي تدققها في مصادرها العلمية قبل أن تكون جاهزة لتستخدم في الموسوعة الإلكترونية.

حب المغامرة

تدرج عبد الرزاق في جمعيات متعددة عاملة في الميدان، مثل نوادي الكشافة والهلال الأحمر المغربي، ونال منها شهادات وأوسمة، كما عمل مرشدا بيئيا في غابات المغرب، مما يساعده على اقتحام الصعاب في مغامراته الميدانية.

وتوضح المتخصصة في مجال الأعشاب البرية صفاء سرور للجزيرة نت أن عبد الرزاق لا يحب المعلومة السهلة، فهو يسعى إليها في الغابات والجبال ويقارن بين ما وجد وما قدم له.

كما تشير الباحثة في المعهد الوطني للبحث الزراعي خديجة باخي للجزيرة نت إلى أن هذا الشاب يعد مرجعا ميدانيا لكل باحث في مجال النباتات، منوهة بصبره وتأنيه في التعامل مع الباحثين، وتطلعه الدائم لمعرفة المزيد من المعلومات عن كل نوع نباتي.

تحديات

يتطلب مشروع “بنك النباتات” الكثير من التضحية بالوقت والجهد، كما يواجه تحديات مالية، لكنه “الهوى” الذي يسيطر على قلب صاحبه، ويجعله مستمرا في مغامرته، كما يقول.

وعن سر تشبثه بمشروعه رغم كل العراقيل، يومئ عبد الرزاق إلى شجرة باسقة، وهو يحكي عما قد تكون عاشته من صعوبات الظروف المناخية، خلال مسارها حتى بدت الآن شامخة.

ويؤكد أنس أن “صديق النباتات” وصل إلى “الالتزام” وهي مرحلة متقدمة لإنجاح أي مشروع، وينصحه الدكتور محمد المحروق -الذي يراكم أربعين سنة من التجربة- بأن يصبر في عمله ويواصل الاستفادة من تجارب الآخرين.

أما هاجر فتطمح إلى أن تحظى مثل هذه المبادرة بالدعم من الجهات المسؤولة، ولم لا التفكير في مشروع مشترك أكبر يكون دليلا علميا أكاديميا لكل الباحثين ومحبي الطبيعة والنباتات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 5 سنوات

    عبد الرزاق ابن منطقتي ونحن كشباب نفتخر به لكونه شخص خلوق وطموح يسر الله أمره

  • أحمد
    منذ 5 سنوات

    جميل