وجهة نظر

انتهاك الحياة الخاصة مقرف أخلاقيا ويقع تحت طائلة العقاب القانوني

أصبحت حرمة الحياة الخاصة للمواطنين عرضة للتدخل والانتهاك والتشهير، عن طريق ادعاء وافتراء وقائع غير صحيحة، وإفشاء أسرارهم وصورهم وأشرطة توثق للحظات حميمية دون موافقتهم ولا رضاهم.

وذلك رغم الحماية التي يوفرها القانون، ودون توفر شرطي الاستثناء الذي يسمح ويبيح ذلك والمتعلق بوجود العلاقة الوثيقة والوطيدة بين هذه الوقائع المزعومة وهذه الصور والأشرطة المسربة للعامة والعموم مع الحياة العامة أو تأثيرها على الحياة العامة.

وللأسف الشديد فان بعض الصحافة ضالعة ومتورطة في ذلك، و تمارس ذلك التدخل وكأنه أمر عادي ومباح، وجعلت منه قاعدة عامة رغم أنه استثناء وبضوابط وشروط، فتراها تتسابق من أجل صورة عارية أو مشهد حميمي لفنان أو فنانة او برلماني أو وزير ، وتتخذ من صفة الصحفي وسيلة وذريعة متناسية أن ذلك يقع تحت طائلة العقاب.

وفي بعض الحالات يتعدى ويتجاوز فعل التدخل والانهاك والنشر والتسريب الى اتخاذ الواقعة او الصورة او الشريط وسيلة للابتزاز مادي او لممارسة ضغط وإكراه على الضحية للرضوخ لمطالب الفاعل وقد تصل الاستغلال الجنسي، وهو بدورها اركان لجرائم منصوص ومعاقب عليها في مجموعة القانون الجنائي.

وقد يكون سبب ارتفاع وتضاعف حالات الخرق والتدخل نتيجة جهل مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي كاحدى وسائل النشر الجديدة، وهو جهل غير معفي من العقاب، كما قد يكون نتيجة تسابق الصحفيين على الخبر في اطار “سكوب” غير مكترثين وعابثين بحرمة الحياة الخاصة للأفراد أو من أجل مراكمة وحصاد عدد القراءات والتعليق والاعجاب، او لضمان تموقع حيد للموقع والحريدة والصحيفة، أو طمعا في تعويضات جوجل او يوتوب وغيرها، كما قد يكون نتيجة عدم تحديد مفهوم العلاقة وتأثير التدخل في الحياةالعامة الذي يسمح بموجبه القانون بالنشر والتدخل.

ومهما يكن من أمر ومن أسباب فهي لا تشفع لصاحبها وفاعلها بهذا التدخل والاعتداء لأن حرمة الحياة الخاصة محمية سريتها دستوريا ومعززة بالقوانين العادية، وليس من الأخلاق ما يبرر ذلك.

وإن المتابعة والاذانة وتوقيع العقاب والاشمئزاز والقرف والقزمية يظل فاعلها معرض لهم شرط ممارسة الضحية لحقه يظل الفاعلفي التقاضي وتقديم الشكاية، وان تخلف الضحايا عن تقديم هذه الشكايات هو الذي شجع المثير على التمادي والاستمرار مادام التدخل يربح من ورائه ارباحا مادية.

وقد آن الأوان وحان الوقت لوضح حد لهذه الأفعال عن طريق رفع وعي الضحايا والأفراد بحقوقهم وتحسيس الفاعلين بخطورة أفعالهم، و ممارسة النيابة لدورها في تحريك المتابعات تلقائيا ودون انتظارها تلقي الشكايات وتشديد العقاب لتحقيق الردع الخاص والعام.

ولا يقف التدابير الاحترازية في تفعيل الاجراءات القضائية فقط بل إلى تحرك الصحقيين وأجهزتهم التأديبية لطرد الأجسام الغريبة التي تعيش بينهم ورسم الحدود الفاصلة بين عمل الصحفي المهني المسؤول وبين الفوضى وعمل العصابات المستترة بالصحافة، فالحرية في إطار المسؤولية كلنا ندافع عنها نؤازرها نتضامن معها نلتئم لحمايتها. وممارسة الفوضى وارتكاب الجرائم ضد الحياة الخاصة للأفراد باسم الحرية والصحافة كلنا ننبذه ولا نريده ولا نبغيه ونطرده.

محامي بمكناس، خبير في القانون الدولي_ الهجرة ونزاع الصحراء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *