سياسة، مجتمع

“أشباح” و”هدر”.. جطو يفضح اختلالات مالية وإدارية في FST مراكش

كشف المجلس الأعلى للحسابات في تقريره للسنة 2018 تخبط كلية العلوم والتقنيات التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، في مجموعة من الاختلالات المالية والإدارية، وسجل وجود أساتذة “أشباح” وآخرون لا يكملون الساعات القانونية اللازمة.

ووقف المجلس على ارتفاع الهدر الدراسي بالكلية وغياب برنامج عمل للكلية، إضافة إلى توقيع صفقات من طرف شخص غير مؤهل وتمريرها بشكل معيب.

وسجل قضاة إدريس جطو في التقرير الصادر أمس الأربعاء، والذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، مجموعة من الملاحظات المتعلقة بتدبير موارد ومعدات الكلية، وحجم الميزانية الموجهة للبحث العلمي بمقارنة مع الغلاف المالي المرصود للمؤسسة التي تعد ذات استقطاب محدود.

كما وقف التقرير على اختلالات شابت اعتماد المسالك والتكوينات وعدم انسجامها مع متطلبات سوق الشغل وتطلعات الطلبة، وهو ما أدى حسب المصدر ذاته إلى “تراجع جاذبية الكلية”.

صفقات “مشبوهة”

افتحاص صفقات الكلية وطلبياتها العمومية كشف عن وجود مجموعة من “الاختلالات” من قبيل عدم تطابق صفقات مع دفتر الشروط الخاصة، وتوقيع أخرى من طرف من وصفه المجلس بـ”شخص غير مؤهل” إضافة إلى التصريح بالتسلم المؤقت قبل الإنجاز الفعلي للخدمة.

وأشار التقرير إلى أن الكلية عرفت تمرير صفقة حملت رقم 132/2010 بملبغ 215 ألف درهم، لا تتطابق مقتضياتها مع دفتر الشروط الخاصة.

وقف على الشروع في التنفيذ أشغال صفقة ذات رقم 14/2010 المتعلقة بتأهيل وصيانة الكلية بتاريخ 27 شتنبر 2010، قبل تأسيس الضمان النهائي الذي تم 13 أكتوبر الموالي، وكذا قبل توجيه الأمر بالخدمة الذي حمل تاريخ 21 أكتوبر 2010 أي بعد الشروع في تنفيذ الأشغال.

ووقف قضاة المجلس على توقيع “شخص غير مؤهل” على محاضر تسلم 6 صفقات بصفته “عميدا لكلية العلوم والتقنيات”، وذلك في الفترة الممتدة بين 24 يوليوز 2013 و20 يناير 2015، مع العلم أنه لم يتم تعيينه عميدا للكلية سوى في تاريخ 26 فبراير 2015.

وفي الخروقات التي سادت الصفقات بالكلية ذاتها، سجل التقرير إرجاع الضمان النهائي للصفقة 09/2010 المتعلقة بشراء معدات علمية بمبلغ 790 ألف درهم، وذلك قبل التصريح بالتسلم النهائي المتعلق بها، وهو ما يخالف مقتضيات المادة 16 من دفتر الشروط الإدارية المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لفائدة الدولة، والذي ينص على أن الضمان النهائي يرجع إلى صاحب الصفقة بعد رفع اليد الذي يسلمه صاحب المشروع داخل أجل الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ التسلم النهائي للأشغال.

في السياق ذاته، كشف افتحاص سندات التسلم المتعلقة بالصفقات المنجزرة لفائدة الكلية، أنها صرحت بالتسلم المؤقت قبل التسلم الفعلي للعتاد العلمي موضوع خمس صفقات فاق مجموع غلافها المالي 2 مليون و381 ألف درهم.

وأقدمت الكلية ذاتها خلال سنة 2010 على إصدار 13 سند طلب لشراء المعدات المعلوماتية بغلاف مالي وصل 546 ألف و122 درهم، وهو ما يخالف مرسوم شروط وأشكال إبرام صفقات الدولة الذي حدد سقف السندات في 200 ألف درهم في سنة مالية واحدة.

وسجل التقرير أن الكلية قامت بإصدار مجموعة من سندات الطلب بتواريخ لاحقة لإنجاز الخدمة، وهو الأمر الذي يخالف المقرر المتعلق بالتنظيم المحاسبي والمالي للجامعات، كما وفق على “عدم احترام قواعد المنافسة”، وأبرز أن هذا الأمر شاب سبعة سندات طلب تمت خلال سنتي 2013 و2014، ووصل مجموع الغلاف المالي فيها إلى 170 ألف درهم.

أستاذ “شبح” و”هدر الزمن”

وضبط قضاة المجلس الأعلى للحسابات في افتحاصهم للوضعية المالية والإدارية لكلية العلوم والتقنيات تواجد أستاذ بشعبة البيولوجيا “لا يمارس مهامه المخصصة للتدريس منذ ما يزيد عن عشر سنوات بدون مبرر”، كما ضبط أساتذة لا يعملون الساعات المحددة في القانون ومنهم من لا يصل حتى نصف المدة المذكورة.

ووقف القضاة على أستاذ للتعليم العالي بالشعبة ذاتها لم يتجاوز عمله في الموسم الدراسي 2016 – 2017 نسبة 32 في المائة من عدد الساعات القانونية، وأستاذان مساعدان أحدهما لم تتجاوز مدة عمله 45 في المائة من المدة القانونية، والآخر 52 في المائة، إضافة إلى أستاذ مؤهل توقف أداؤه في 59 في المائة من المدة القانونية.

وسجل المجلس إهدار 8 ألاف و51 ساعة من الغلاف الزمني الإجمالي المخصص لشعبة البيولوجيا وهو ما يمثل 42 في المائة من الزمن الدارسي النظامي.

وأشارت الوثيقة إلى أن النظام الأساسي الخاصة بهيئة الأساتذة الباحثين بالتعليم العالي ينص على أن الحصص الأسبوعية التي يمارسها الأساتذة الباحثون تحدد في ثماني ساعات من الدروس الرئيسية بالنسبة إلى أساتذة التعليم العالي، وعشر ساعات من الدروس الرئيسية بالنسبة إلى الأساتذة المؤهلين، وإلى 14 ساعة من الأعمال التوجيهية بالنسبة إلى أساتذة التعليم العالي المساعدين.

كلية “بدون برنامج”

أورد تقرير المجلس الأعلى للحسابات أنه بالرغم من تسطير جامعة القاضي عياض استراتيجية عمل للفترة بين سنتي 2013 و2016، غاب عن كلية العلوم والتقنيات أي برنامج كفيل بتنزيل الاستراتيجية على مستوى المؤسسة، وعدم وضع الجامعة لميزانية متعددة السنوات قصد التتبع الأمثل للمشاريع المبرمجة.

ولاحظ المجلس أن غياب الاستراتيجية أدى إلى جعل جميع الشعب والمختبرات والمصالح الإدارية تشتغل بـ”منطق استهلاك الاعتمادات المالية” المحولة للمؤسسة من طرف الجامعة “بدل التوفر على رؤية محددة بأهداف ومؤشرات واضحة”، كما أبرز أن الجامعة أصدرت حصيلة تنفيذ استراتيجيتها دون أن تشمل ما أنجز على مستوى كلية العلوم والتقنيات بسبب غياب البرنامج.

ضعف بيداغوجي

وأشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى ضعف تطور العرض البيداغوجي بـFST مراكش موضحا أن عدد المسالك بالمؤسسة انتقل من 22 مسلكا في الموسم الدراسي 2013 – 2014 إلى 24 مسلكا فقط في الموسم الدراسي 2017 – 2018، كما سجل تراجع المسالك في سلك المهندسين من 6 إلى 5 مسالك.

بالمقابل شهدت المسالك في سلك الإجازة بالكلية المذكورة استقرار في 9 مسالك، وذلك بالرغم من أن الإجازة تستقطب لوحدها 72 في المائة من عدد الطلبة الجدد.

في السياق ذاته، واصل المجلس تعداد مظاهر الضعف البيداغوجي بالمؤسسة المذكورة، حيث أفاد أن عددا من المسالك الدراسية بينها مسالك ماستر عرفت تأخر فتحها رغم اعتمادها، وذكرت في هذا الخصوص ماستر “استكشاف وتثمين المواد المعدنية” الذي تم اعتماده سنة 2011 ولم يشرع في العمل سوى في سنة 2013 – 2014، وكذا ماستر “استكشاف وتثمين الموارد الأرضية” الذي اعتمد سنة 2014 ولم يشرع في استقبال الطلبة إلا في الموسم الدراسي 2016 – 2017.

الأكثر من ذلك، وقف قضاة المجلس على أن اعتماد المسالك الدراسية بالمؤسسة “لا يخضع لدراسات استطلاعية مسبقة موجهة للطلبة والمتدخلين الاقتصاديين من أجل تحديد ومعرفة حاجيات، وبالتالي ملاءمة العرض للطلب في مجال التكوين، علما أن المسالك الدراسية بالمؤسسة مهنية وموجهة لسوق الشغل”، على حد تعبير التقرير.

ارتفاع الهدر الدراسي

وقدر التقرير أن الكلية المذكورة شهدت خلال الفترة بين الموسمين الجامعين 2006 – 2007 و2012 – 2013 نسبة الطلبة الحاصلين على الشواهد من الكلية بحوالي 63 في المائة من مجموع الطلبة المسجلين في الفترة المذكورة، وهي النسبة التي وصفها بـ”الضعيفة بالنسبة لكلية ذات استقطاب محدود”.

وأضاف أن النسبة المذكورة “تخفي فوراق بين مختلف أسلاك المؤسسة، حيث بين أن معدل الحصول على دبلوم الإجازة لا يتجاوز 50 في المائة، علما أن سلك الإجازة يستقطب لوحده أكثر من 70 في المائة من عدد الطلبة”، وأبرز أنه من بين 3300 طالبا تم تسجيلهم في سلك الإجازة خلال الفترة ذاتها، لم يحصل على الشهادة سوى 1647 منهم، موضحا أن طالبا واحدا بين كل اثنين من المسجلين في السلك المذكور هو الذي يحصل على دبلوم الإجازة.

وفصل التقرير بخصوص حالة الهدر في سلك الإجازة، حيث أفاد أن 785 طالبا لم يستطع إتمام مساره الدراسي خلال الفترة المذكورة بسبب الغياب، وأن 508 تك طردهم، في حين 360 طالبا سحب ملفه قبل الحصول على دبلوم الإجازة، وهي نسبة الهدر التي تبلغ 50 في المائة.

وعلق التقرير “إن هذه الوضعية تكشف نسبة الهدر الجامعي الكبيرة بمؤسسة ذات استقطاب محدود، بالرغم من الوسائل البشرية واللوجستيكية المتوفرة”.

وأضاف “تجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من الوسائل المالية والبشرية والمعدات العلمية المعبأة من طرف الكلية، فإن هذه الوضعية تؤشر على أن المؤسسة لم تستطع الاحتفاظ سوى بنصف الطلبة المسجلين بالسنة الأولى من سلك الإجازة”.

تراجع جاذبية الكلية

وفي الوقت الذي تشير الإحصاءات المتعلقة بالمؤسسة على قدرتها استيعاب 4612 مقعدا دراسية وتوفرها على طاقم مهم من الأساتذة يصل إلى 188 أستاذا، تراجع العدد الإجمالي للطلبة المسجلين بالكلية إلى 2443 طالبا برسم الموسم الجامعي 2017 – 2018، بعد أن كان الرقم يصل إلى 2646 طالبا في الموسم 2013 – 2014.

وعرف عدد الطلبة الجدد المسجلين في المؤسسة بدروره، تراجعا مستمرا حيث لم يتسجل خلال الموسم الجامعي 2017 – 2018 سوى 1109، بعد أن عرفت المؤسسة خلال الموسم الجامعي 2012 – 2013 تسجيل 1323 طالبا، وهي أكبر نسبة منذ الموسم المذكور.

سلك الإجازة بالكلية شهد بدورها تراجعا في عدد الطلبة المسجلين به، حيث وقف تقرير المجلس الأعلى للحسابات على وصول نسبة الانخفاض إلى 24 في المائة.

وأرجع مجلس إدريس جطو التراجع في أرقام الطلبة المسجلين بكلية العلوم والتقنيات إلى تراجع نسبة استقطاب الطلبة، وإلى نسبة المهدر بالمؤسسة والتي وصفها بـ”المهمة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *