منتدى العمق

في الحاجة لجبهة اجتماعية منسجمة

إن تأسيس جبهة اجتماعية يكتسي اليوم أهمية خاصة، بل استثنائية تمليه تحولات المشهد السياسي العام في بلادنا، وما نتج عنها من اختلالات اجتماعية عميقة، بسبب السياسات النيوليبيرالية المتوحشة المتبعة، هي ذاتها التي جعلت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تفر بعمق فيما تتطلبه المرحلة الراهنة من أداة اجتماعية/سياسية/حقوقية، وحدوية وفعالة تَحُول دون التشتت المضني لمجهودات القوى المناضلة في مواجهتها للرأسمال الكاسح للحقوق الاجتماعية للمواطنين بناء جبهة اجتماعية تستجيب حتما لحاجة فعلية للشعب المغربي الذي يعبر عبر سيل من النضالات و الحراكات المتفرقة عن سخطه تجاه المقاربات القمعية والإحسانية التي تُوَاجَه بها مطالبه الاجتماعية المشروعة ،وفي نفس الوقت هي ضرورة لدرء المخاطر المحدقة بالبلاد عبر أداة تضم كل القوى التقدمية أدوارها التجميع و التوحيد و التوجيه و الإشراك في النضال الملموس إلى جانب أوسع الجماهير التواقة للحرية و الكرامة و الديمقراطية ،بآفاق جديدة تتجاوز إشكالية تنازع شرعية النضال وتتجاوز إشكال الخروج الانفرادي غير المجدي للقوى الديمقراطية التقدمية المناضلة لساحة الكفاح أمام قوة المتحكمين في السلطة و المال.

فإذا كانت مسؤولية الدولة واضحة بالمضي في تجاه رفع اليد على القطاعات الاجتماعية خاصة التعليم و الصحة والتوجه نحو الرهان على القطاع الخاص و خوصصة كل القطاعات الاجتماعية وتحرير الأسواق دون أن تكلف نفسها حتى إحداث آليات قانونية واضحة لمراقبة الأسعار ،والتفكيك التدريجي للمرفق العمومي ونهج شراكة قطاع خاص/عام ….فإن القوى الديمقراطية التقدمية في حاجة ماسة لمراجعة أساليب و طرق اشتغالها الجماعي حتى تتمكن بالفعل أن توقف مسلسل الإفساد السياسي بالتأثير المباشر و غير المباشر في موازين القوى بإشراك أوسع للفئات الاجتماعية في معاركها الجماعية بوحدة الرؤيا و الاهداف من خلال جبهة اجتماعية متماسكة ومنفتحة على كل القوى الوطنية المناضلة.

فما يحدث اليوم في المغرب من إجراءات و تدابير تَقْدُم عليها الدولة في المجالين الاجتماعي و الاقتصادي ما هي إلا ترجمة عملية للقرارات التي اتخذها صندوق النقد الدولي في إطار النظام الليبيرالي المتوحش ،موضوعيا يصعب بدرجة الاستحالة مواجهة ما يحدث في ظل تفكك و تشرذم القوى التقدمية المناضلة التي وعت بضرورة التوحد في إطار جبهة اجتماعية عقدت اولى لقاءاتها التشاورية يوم السبت 9 نونبر 2019 بالمقر المركزي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل عَبًَر الموقعون على ميثاقها عن استعدادهم الدائم والتضامني و التفاعلي للقيام بمبادرات مشتركة تهم مجالات محاربة الفساد والاحتكار و الريع ،خوض معركة الديمقراطية و التوزيع العادل للثروة ،الدفاع عن الحقوق و الحريات ،مناهضة القوانين التراجعية في المجالات الاجتماعية و الحقوقية…

ولن يتأتى ذلك إلا بالنأي عن التضخم الذاتي و التسابق السلبي الذي لن يخدم سوى القوى الرجعية و المتحكمة في السلطة و المال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *