سياسة

بنعبد الله: حكومة العثماني بلا رؤية.. ولجوءها للاقتراض يرهن الأجيال المقبلة

قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله، اليوم السبت، إن الحكومة الحالية “بلا رؤية ولا إقدام ولا انسجام”، مشيرا إلى أنه “في ظل عدم قدرتها على تعبئة موارد مالية كافية، فإنها تلجأ إلى الحلول السهلة مثل الاقتراض الذي يرهن مستقبل الأجيال المقبلة”.

وأوضح بنعبد الله، أثناء تقديمه تقرير المكتب السياسي أمام الدورة الخامسة للجنة المركزية لحزبه، أن الحكومة تعتزم اقتراض نحو 97 مليار درهما برسم سنة 2020، وهو نفس الرقم تقريبا المخصص لتسديد مستحقات الديون وفوائدها، “مما يعني أن الاقتراض المذكور لا يتوجه في العمق نحو تمويل المشاريع التنموية، وهو أمر خطير يُنبئ بدخول بلادنا في حلقة مفرغة من المديونية”.

وأشار إلى أن “الحكومة قدمت مشروع القانون المالي برسم سنة 2020، يفتقد للحس الإصلاحي وللنفس السياسي، مكتفيا بمقاربة محاسبية ترسخ الأمر الواقع، وتعيد إنتاج نفس الأساليب الجامدة التي أبانت عن عقمها، وذلك ما جعلنا نصوت برفض المشروع من موقع المعارضة الوطنية التقدمية المسؤولة”.

وسجل المتحدث “تراجعا ملحوظا في معدلات النمو، والتي نزلت على 3%، بعد أن كانت تناهز 4.5% خلال الفترة 2008-2013، مع العلم أن ثمار هذا النمو، على علاته، لا تستفيد منه الطبقات الاجتماعية والمجالات الجغرافية بنفس الدرجة”.

وأضاف أنه “نمو ناتج بالأساس عن الطلب الداخلي، في حين يظل الطلب الخارجي يلعب دورا سالبا في هذا النمو، بسبب العلاقات الاقتصادية غير المتكافئة بين بلدنا وشركائه، وهو ما دفع بحزبنا إلى أن يُضَمِّنَ مقترحاته الخاصة بالنموذج التنموي الجديد مراجعةَ اتفاقيات التبادل الحر، بما يحمي نسيجنا الإنتاجي الوطني”.

ويرى بنعبد الله أن “ضعف أدائنا الاقتصادي يجلى أيضا في استمرار عجز ميزان الأداءات، حيث أنه بالرغم مما سجلته الأرقام المطلقة من زيادة في ما يتعلق بتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وكذا الإيرادات السياحية، إلا أننا نسجل بالمقابل تراجعا ملحوظا من حيث مساهمة هذه الموارد في الناتج الداخلي الخام”.

واعتبر زعيم حزب الكتاب أن الحكومة “لم تنجح، إلى حد الآن، في إعادة النظر في السياسة الجبائية، باتجاه عدالتها وفعاليتها ومردوديتها، وبعد مرور سبعة أشهر على المناظرة الوطنية حول الجبايات، لا زال مختلف الفاعلون، ومعهم الرأي العام الوطني، ينتظرون تفعيل توصيات المناظرة المذكورة وبلورة مشروع قانون إطار بهذا الصدد”.

وتابع قوله: “حين نقول إن الوضعية الاقتصادية الوطنية لا تدعو إلى الاطمئنان، فإننا بذلك لا نختلق المعطيات من خيالنا، بل إن مؤسسات وطنية متخصصة هي أول من يؤكد ذلك في مختلف تقاريرها”، وفق تعبيره.

وعلى المستوى الاجتماعي، سجل الوزير السابق “تباطؤ الحكومة في توسيع التغطية الصحية والتغطية الاجتماعية بالنسبة للمهنيين المستقلين، حيث إذا كان لحزبنا شرفُ إخراج القوانين ذات الصلة إلى الوجود، إلا أن التماطل في تفعيل هذا الورش الاجتماعي الحيوي يظل أمرا غير مفهوم، وغير معقول، وغير مقبول”.

نفس الشيء يمكن أن يُقال عن تعثر نظام المساعدة الطبية “راميد” الذي رغم انطلاقته الطموحة، إلا أن الحصول على بطاقة الراميد صارت اليوم لا تعني للمواطن الفقير أي شيء تقريبا، بالنظر إلى ضعف الموارد وضعف حكامة النظام المذكور برمته، وفق ما جاء على لسان بنعبد الله.

أما إصلاح منظومة التربية والتكوين، يضيف المتحدث ذاته، “فلا يزال التعثر يلازمه لحد الآن، حيث بعد المصادقة العسيرة على القانون الإطار بسبب مزايدات سياسوية غير مسؤولة، لا شيء يُظهر أن الحكومة مُصَمِّمَةٌ على تفعيل مقتضياته الهامة، والتي تتطلب إمكانيات لم يتم رصدها له بعد”.

وبخصوص القضايا الإيكولوجية، اعتبر بنعبد الله أنها “لا زالت لا تحظى بالأولوية، كما يظل البعد البيئي شبه غائب عمليا في السياسات العمومية، على الرغم من تعمق ظاهرة التلويث والاستنزاف البشع الذي تتعرض له الطبيعة ومواردها في غالبية مناطق بلادنا”.

وأعطى أمثلة على ذلك بوجود بعض الشواطئ أو بعض المدن المتأثرة سلبا بالنشاط الصناعي الموجود بها، والنقص الكبير الحاصل في معالجة النفايات بمختلف أنواعها، “وهو ما يحتم تناول الموضوع من زواياه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية، في إطار نموذجٍ جديد للإنتاج يراعي وجوبا الالتزامات الإيكولوجية”.

لكن الأخطر من كل هذا وذاك، يقول بنعبد الله، “هو اتساع رقعة الأوضاع الاجتماعية المزرية الناتجة عن الهشاشة المطلقة، كما هو الحال على سبيل المثال لا الحصر، بالنسبة لآلاف الأسر الفقيرة بإقليم المضيق الفنيدق، على إثر إغلاق معبر باب سبتة أمام مرور السلع، وما أحدثه من توقفٍ يكاد يكون كاملا لمصدر القوت المعيشي الوحيد بالنسبة للكادحات والكادحين هناك في ظروف لا إنسانية”.

وأفاد المتحدث أن “هذه الهشاشة المطلقة، بمآسيها وألمها ولا إنسانيتها، هي ما يسائلنا في الصميم، فإما أن يتم الانتباه إلى ذلك ومعالجته بالجدية المطلوبة، وإما أن يتم التغاضي عنه وإفساح المجال أمام عواقبه الوخيمة”، حسب قوله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *