مجتمع

في كوخ مهترئ.. فوزية تتبنى حفيدتها ملاك بعدما تخلت عنها أمها (فيديو)

فقر وقناعة، تخلي واحتضان؛ متناقضات لغوية تعيش تحت سقف خشبي منهار، واجهتها الجدة فوزية بإنسانيتها النادرة، لما اختارت أن تتبنى حفيدتها ملاك بعد تخلي والدتها عنها قبل أربع سنوات دون سؤال أو رحمة. عاشت المكلومتان داخل حجرة مهترئة الجدران والسقف، طينها يتساقط بين الفينة والأخرى، مشكلا للإذان لحن رعب لا يتوقف.

الجدة فوزية محفوظي بعكازتها الزرقاء، تسوق قطيع خرفان في واحة وراء مدرسة التعليم العتيق ابن يوسف، بعاصمة السياحة مراكش، وبالقرب من مسكنها، تتمايل خطواتها يمنة ويسرة، وكل اهتمامها منكب على عملها الذي اختارته أو وجدت نفسها تجيده بعدما لعب الزمان بها لعبته.

روحها في الخرفان

تردد جدة الإنسانية كثيرا وكأنها تعيش استغفار إلهي؛ “أنا مرتاحة في هذا الوضع وراضية عليه، فأنا التي اخترته منذ عشر سنوات بعد وفاة زوجي. لقد ترك لي هاته الحجرة بدوار ضراوة، والمعروف بِعُش بلارج”.

“وكل يوم أجد نفسي أجري وراء الخرفان”، تتابع فوزية محفوظي، بنبرات تغمرها السعادة والفرح، “إنها روحي، يجب أن أتبعهم في طريقهم، أما حياتي فلا تهمني بقدر ما يهمني مستقبل ابنتي ملاك”.

مستقبل ملاك

بكل قناعة وأنفة، تحكي الجدة خلال لقاءها بـ”العمق”؛ “أنا هنا أضحي من أجل ابنتي ملاك، وأنا راضية على العيش هنا، ما أريده هو إصلاح سقف هذه الحجرة حتى تتوقف قطرات المطر عن إفساد نوم غاليتي، لأن الأمطار تتساقط علينا من السقف كأننا ننام في العراء”.

وتسترسل فوزية قولها؛ حتى الجرذان تفسد علينا طمأنينتنا، فقد هشمت طين السقف وقصبه، وأصبح البرد يقض مضجعنا في ليالي الشتاء، فأنا أريد من هذه الحياة شيئان لا غير؛ إصلاح الحجرة من أجل هذه البنت، والحصول على وثائق الحالة المدنية لها، لتلج المدرسة وتشق مستقبها، أما أنا فلا أهتم لنفسي أكثر من ملاك”.

لست أمك

بنبرة ثقة وصدق، تعلن الجدة فوزية استعدادها لتخبر ملاك بحقيقة نسبها، وتكشف لها عن أبويها الحقيقين، وأن الأم في الماضي هي جدة منذ اليوم، لكنها لن تتركها بل ستبقيها تحت رعايتها وتضحي من أجل تمدرسها وضمان مستقبلها.

تقول فوزية، بصوت متقطع “إذا جاء أبوها أو أمها، فأنا مستعدة لأعطيها لهم، بالأخص أبوها”، تغيرت النبرة وزاد صوتها وسرعتها، “لأن أمها منذ أن ولدتها، تركتها لي دون أن تسأل عنها، وكل من التقى بها بالمكان الذي تسعى به بمقربة المستشفى الجامعي بمراكش، يحثها على السؤال عن ابنتها، فتجيبهم لا أملك بنتا”.

لتعود نبرة حواء العطوف، وتنصح بنات جِنسها بالقول؛ “أي واحدة أنجبت ابنا في الحلال أو الحرام، فلتحتفظ به، لا يعرف مصدر الخير، إن لم يأتي من فلدة الكبد حتما سيأتي من شخص آخر، المهم هو عدم التفريط في الأبناء بعد ولادتهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *