وجهة نظر

شيء من الاعتراف..

بسيمة الحقاوي وزيرة النوع الاجتماعي بالمغرب

في عالم السياسة حينما يعين وزير او مسؤول حكومي يضع برنامج السياسي وخطة عمله التي تكون بمثابة تعاقد اجتماعي بينه وبين المواطن الذي صوت من أجله، هذا في الديمقراطيات العالمية التي تتعامل مع البرامج لا مع الأشخاص، فهي تصوت لبرنامج معين ولانتماء سياسي وقناعة معينة.

لكن في المغرب الأمور تختلف، فهناك السياسي والحزبي والشخصي والعرقي حاضر وهدوء وكاريزمية الشخص في اختيار الأشخاص سواء كانوا مسؤولون في الحزب أو في مناحي التسيير الحكومي او الانتدابي.

قبل أشهر قليلة غادرتنا وجوه حفظناها وحفظنا خرجاتها ولكن لم نعرف ما قدموا، وماتركوا من اعمال ومشاريع يمكن ان تغضب البعض وترضي البعض الآخر،وقد اخترت بعض هاته الوجوه التي شكلت اسثتناء في الممارسة السياسية بالمغرب لا من حيث قوة انتاجها الحكومي ولا من حيث جرأتها في المواقف والمواجهات مع الخصوم السياسيين ،ولا من حيث نصيب النقد والانتقاد الإعلامي والسياسي لأداءهم .

نبدأ بشخصية من عالم المرأة والتي استطاعت ان تشق طريقها في النضال الفينمستي لكن بمرجعية محافظة تروم الإصلاح بمنهجية تتسم بنوع من الاعتدال في الخطاب والممارسة .

تركت هاته الوزيرة رصيدا هاما من السياسات والبرامج القطاعية التي اثرت على توجه الحكومة بشكل عام وخاصة في المجال التشريعي الذي اصبح لبنة أساسية في الإصلاح وخاصة في قطاع هام كالأسرة والمرأة والفئات الخاصة ،وسؤال التشريع كان تحديا في قطاع نصيبه من هذا المجال ضعيف نظرا لغياب استراتيجية قطاعية تؤسس لنفس تشريعي قبل مجيء هاته الوزيرة ،التشريع هو ثمرة السياسة العامة القطاعية ،فالقطاع الذي لا ينتج تشريعا يبقى قطاعا بلا اثر في البنية الاجتماعية التي هي بحاجة الى التنظيم والإصلاح ،فالقانون مقوم للبنية والسلوك ومحفز للجودة والممارسة.

كان التحدي اخراج نصين لمؤسستين دستوريتين هامتين في نسق السياسات العامة الاوهما المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة وهيأة المناصفة ومكافحة كل اشكال التمييز.

لا مست اثناء التنزيل التشريعي جدية في الإخراج لسيناريو قانوني يحترم مبادئ التشاركية والديمقراطية وفسح المجال لجميع النسائيات والمهتمين بالمجال لإثراء النقاش والمشاركة في تجويد مخرجات القانونيين المنظمين لهاتين المؤسستين .

والاعتراف هنا نقصد به تقييم الأداء والتعرف على نقط الضعف والقوة في أداء الفاعل الحكومي ،وهذا جديد في الممارسة المغربية ،لأننا حينما تعدل حكومة لا يتم وضع الحساب أو تقديم الحصيلة الا بشكل بيروقراطي وفي خانات محددة ،ولذلك فالاعتراف هنا اعتراف بالاداء سواء كان ذا أثر أو بلا أثر ،وعلى الرغم مما سيقال ،فان تجربة هذا الفاعل السياسي أعطت قيمة مضافة للمرأة المغربية ،حيث حسمت مع عقلية الاقصاء للأنثى ،السياسة أداء وممارسة واتقان وصدق في الخطاب والعمل بالقيم وتمثلاتها الاجتماعية ،لذلك نحن بحاجة الى ان نقرأ التجربة الصادقة للمرأة المغربية في العديد من المجالات سواء كانت في التسيير أو الانتداب او في الإدارة.

وسؤال الضعف لا نقصد به الحط من عمل ما ولكنه يبقى خاصية إنسانية ،لأنها تمثل البحث عن الكمال النسبي والذي ماهو الا رضى المواطن عن الخدمات التي تقدم اليه ،وتبقى اكمال المسيرة وتصحيحها ثمرة البنية الاجتماعية التي تحتاج الى التجويد والانفتاح على التجارب الناجحة بمقومات القيم المغربية .

لقد استطاعت ان تحول ورش السياسة العمومية القطاعية من وثائق الى نقاش عمومي مثير للجميع بشكل تحس بغنى ووفرة الخطاب وقوته وقدرته على إعادة تصحيح وتغيير للعقليات بشكل يضمن توازنا وتغييرا لمسار عرفت فيه المرأة وباقي الفئات الأخرى اقصاء وتهميشا وسياسات بدون أثر على المجتمع .

لولا هاته الوزيرة الحديدية لما خرج قانون العنف ضد النساء الذي رغم عتاب بعض من كان يسير هذا القطاع، وهو غضب عادي لأن تتويج النقاش الذي ابتدأ لسنوات بإخراج نص فئوي حمائي للمرأة المغربية بمقاربة تجمع بين الزجري والتكافلي ،من شانه ان يعيد انتاج سلوكات تنصف المرأة في واقع عنيف بمؤسساته الاجتماعية المتناقضة سواء كانت إدارة او اسرة أو اعلاما او دولة .

لحسن الداودي بين الخبرة والعفوية

الذي لا يعرف هذا الرجل يظلمه سواء داخل الحزب او خارجه ،لكن يبقى رجلا قويا استطاع ان يخلق العديد من النقاشات سواء داخل الحكومة او حتى في المؤسسات التي يشتغل معها ،ولذلك فالعفوية في عالم السياسة سيفين ذو حدين فهي قد تعطي انطباعا سيئا على ان هذه الشخصية قد تقع في مشاكل او ان غالبية العموم ستؤاخده لأنه لم يحترم الضوابط والبرتوكول ،لكن هاته العفوية قد تكون لها اثر إيجابي في التعبير عن عدم الرضى على وضع يتحمل الجميع مسؤوليته ،ولذلك رغم ان التقييم للأداء لا يجب ان نرهنه بأخطاء او هفوات شخص بعينه ،بل نحن هنا نقيم البرامج أو السياسات التي تتحمل الحكومة مسؤولية إنجازها ،لان البرنامج الحكومي هو برنامج عام شامل لجميع القطاعات .

العفوية في المشاركة في فعل احتجاجي وفي خضم الحملة الشعبية لمقاطعة شركة دولية جنى عليه وعلى بنيته السياسية الكثير من النقد والضغط لتقديم استقالة، رغم ان الاستقالة كسلوك في الحكومة المغربية غير متعارف عليه ولم يثبت ان تم الموافقة على فعل الاستقالة لعضو في حكومة طوال تاريخ العمل الحكومي المغربي، بل تكون هناك محطات للتعديل والتغيير لأعضاء عبروا عن رغبتهم أو لم يوفقوا في مسارهم الحكومي .

ولان الحزب بطبيعته التي تتدافع فيها أفكار وأراء لمناضليه والذين هم جزء من الشعب فان رغبة المسؤول الحكومي في عدم تعريض هيأته للحرج، وهنا يجب ان نسائل انه يجب التمييز بين مسؤول حكومي في حكومة متوافق بشأنها وبأغلبية متنوعة فانه يصعب ضبط الهيئة السياسية لأعضائها ولذلك فان العديد من الخرجات الفايسبوكية كانت تؤثر في انسجام مكوني الحكومة أو تشكل حرجا .

محمد أوجار حكيم العدالة المغربية

رغم اختلاف في الأفكار الا انه شكل إضافة نوعية بوزارة العدل وامام اختبار التعايش الوظيفي مع مؤسستين قضائيتين الا وهما المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ،هدوءه واتزانه اعطى نوع من الاحترام والحب من الجميع ،رغم خرجاته الإعلامية في مجال الحرية الفردية وهو موقف فكري يعبر عن تمثله للحرية وتجلياتها في المجتمع المغربي .

فورش الإدارة القضائية اهم تجلي في الانسجام الذي تركه هذا الوزير في تنزيل مخرجات الميثاق الوطني لاصلاح منظومة العدالة ،ويمكن ان وفق في القيادة في المستقبل ان يعيد انتاج بنية ليبرالية تساهم في إعادة منتوج سياسي بمرجعية قوية تزاحم القوى السياسية .فالحكمة هنا تعني قدرة الانصات بفكر ناقد وبصيرة ،وما نحتاجه في المغرب مثل هؤلاء الرموز الذين يمكن ان يشكلوا منعطفا جديدا في البناء السياسي .

فيما يخص عمله التدبيري لم تعطى له الفرصة لإكمال عمله بوزارة قوية كوزارة العدل، ولكن كسب الاحترام والتقدير، لما قدمه في إتمام ما بناه الوزير المهندس مصطفى الرميد.

ليبقى سؤال العدالة حاضرا في وجدان المغاربة وفي كل لحظة، لأنها استمرارية الحياة الاجتماعية بالمغرب، ولذلك نحن بحاجة الى دينامية قوية تعيد التوازن الاجتماعي بمقومات تحترم الإرادة وتحافظ على المكتسبات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *