وجهة نظر

الوضع الحقوقي بالمغرب بين السريالية والواقعية

في الوقت الذي صرحت الحكومة عبر ناطقها الرسمي، بأنه “لا توجد تراجعات في مجال حقوق الانسان” باعتبار أن “المغرب يملك دستورا قويا وقوانين متطورة ومؤسسات حقوقية دستورية تقوم بواجبها”، ترسم تقارير منظمات وجمعيات حقوقية وطنية ودولية “صورة قاتمة” لوضعية حرية التعبير والرأي والصحافة واصفة ذلك ب” تراجعات وردة حقوقية” عما تمت مراكمته من ايجابيات في المراحل السابقة.

الا أن حسن عبيابة وزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة أثار الانتباه في معرض رده على أسئلة صحافيين الى أنه “يجب التفريق دائما بين التعبير الحر المكفول قانونا وارتكاب جنايات التي يعاقب عليها القانون” وذلك برد بطريقة غير مباشرة على تقرير “اللجنة الوطنية من أجل الحرية للصحفي عمر الراضي وكافة معتقلي الرأي والدفاع عن حرية التعبير” الذى أشار الى اعتقال 17 فردا ” بسبب تعبيرهم عن آراء بواسطة الأنترنيت” على حد وصف اللجنة في تقريرها.

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة أمس الخميس خلال ندوة صحافية عقدها في أعقاب انعقاد مجلس الحكومة، أن القانون يعاقب كل من ارتكب جناية سواء كان الشخص المعني صحفيا أو طبيبا” في حين كانت أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، قد عبرت نهاية الأسبوع الماضي بسلا عن “عدم اتفاقها” مع ما عبر عنه الأستاذ الجامعي محمد الساسي الباحث في الحقوق في مداخلة في ندوة “دور الاعلام في تنشيط النقاش العمومي المجتمعي” نظمها المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الاعلام والاتصال الخميس الماضي بالرباط من ” أننا نعيش دورتين، دورة الانفتاح ودورة التشدد وأن المرحلة الراهنة وبحكم تواتر الأحداث هي دورة التشدد”.

وقالت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا السياق ” انا لا أتفق  مع ما ذهب إليه محمد الساسي  وذلك بكل قناعة وموضوعية وصدق”، في الوقت الذى اعتبر الساسي كذلك، أن لحظة اعطاء الكلمة لبعض رموز حركة 20 فبراير في الاعلام العمومي كان قمة دورة الانفتاح، وهو الرأي الذى شاطره في نفس الندوة الصحفي علي أنوولا الذى اعتبر أن دورات الانغلاق والتشدد غالبا ما تطول مقارنة مع دورات الانفتاح، وهو الأمر الذى يرخي بضلاله على الواقع السياسي الذى يؤثر على المشهد الصحافي والاعلامي.

وبينما رصدت عدة تقارير لجوء مكثفا في قضايا الرأي والتعبير للمقتضيات القانون الجنائي خاصة من لدن المبحرين في العالم الافتراضي وعبر وسائط التواصل الاجتماعي، حملت بوعياش الفاعل السياسي كامل المسؤولية في عدم حصول التقدم المنشود في مسار الارتقاء بمستوى القانون الجنائي، ليصبح أكثر انسجاما مع مقتضيات المواثيق الدولية لحقوق الإنسان الضامنة للحريات العامة والفردية.

وقالت أمينة بوعياش أن القضايا المتعلقة بحرية التعبير التي ينظر فيها القضاء، أو التي اعتقل إثرها بعض الصحافيين، “لم تكن كلها مبنية على انتقاد الهيئات، ولم يكن فيها مساس بالأشخاص”.

واحتل المغرب الرتبة الثانية في مؤشر حرية الإنترنيت عن جهة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا و33 عالميا في التقرير الأخير الصادر عن منظمة “فريدوم هاوس” الذى قسم الدول إلى ثلاث فئات؛ الأولى شملت الدول التي تتمتع بحرية الإنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي، وتهم الثانية الدول التي تتمتع بحرية الإنترنيت جزئية، بينما ترصد الثالثة الدول غير الحرة على مستوى ولوج الإنترنيت. غير أن المغرب اعتبر أن المعطيات التى أوردها هذا التقرير “غير دقيقة وغير موضوعية، ولا تتماشى مع المؤشرات الايجابية لحرية الصحافة والإعلام الرقمي وتتجاهل أيضا التزام المغرب بالمعايير الدولية في مجال حرية التعبير وتنمية وسائل الإعلام الرقمي”.

الا أن تقييم الوضع الحقوقي في ظل “حكومة الكفاءات” بين السريالية ( لا نقصد سريالية لوحات بيكاسو )، والواقعية ( المقصود ليست واقعية روايات نجيب محفوظ)، وإنما الكلام ( ليس كلام المعتزلة) بخصوص اشكاليات حرية التعبير والرأي والصحافة، وتلك قصة أخرى من قصص الخيال العلمى كما تضمنتها رواية ” رقصة القمر مع آنشتاين” للكاتب الصحفي جوشرا فوير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *