وجهة نظر

الحوار

فى الطريق تتجمع الناس حول مشاجره ، حيث تشتد اللعنات بين الأطراف ، وتبرز الأدوات الحاده ، ويبدأ الدم في التدفق بين أقدام الحضور ، والكل في دهشه وتعجب بعيونهم مع تداخل الأصوات ، فلا تدرك من يتكلم ، ومن يسمع ، حتى تسمع صوت رجال الشرطه ، وهم يدفعون كل الأطراف إلى مقر البوليس ليتم التحقيق معهم .

فى الطريق تسمع صرخات تخرق الجدران ، لتقفز من غرف النوم إلى مسارات طرق الناس ، ثم تخرج الأشياء من النوافذ ، ويرمى بها على جانبي الحركه للماره فيلتقط أحدهم الشئ ، ويتبادل عبارات السخريه مع غيره ، وسط صيحات ضحك من الماره ، مغلفة باللعنات على الزوجين .

في الطريق تكاد أن تفجع بصوت إصطدام سياره بأخرى ، حتى تفاجئ بوحش يخرج من السياره لينقض علي سائق السيارة الأخرى ، ليفترسه كلاميا ويبرحه ضربا ، دون أى إستبيان للموقف ، بل كل ما يجول برأسه ، هو كيف يزهق روحه بعد إهانته وقتله نفسياً .

فى الطريق تجد طفلا ضائعا من أهله، يتحسس الطريق ووجوه الماره، لعله يجد فيهم وجه أبيه أو أمه، اللذان تشاجرا بالطريق وتركوا إبنهما بقارعة الطريق، كلا منهما يعاند الاّخر ويلقى بالصخور أمامه ، كي يقطع كل طريق يربطه بالآخر .

فى الطريق تجد بائعا يمسك بتلابيب المشتري ، ويطعنه بكل اللعنات المذلة أمام جمع من الناس ، لإختلافهم في بيع سلعة كل منهم ىيتهم الآخر ، والكل يشاهد ذلك السجال دون تحريك أي ساكن .

فى الطريق تجد إمرأه تصرخ في وجه متحرش ، أراد بها سوءاً ولو بنيته ، أو نظرته، أو لمسته ، فخرجت عن عباءة الحياء ، لتقذفه بكل ما لذ وطاب من الإهانات له ولأهله ، وتصر على إصطحابه للشرطه، ليسلط عليه سيف القانون ، ويتجمع الناس ، منهم من يشاهد ، والباقي يتحرش هو الاّخر بها .

ومما يسقط عقلي في بئر بلا قاع أكاد لا أخرج منه تساؤل عالي الصوت …

لماذا خلق الله لنا العقل واللسان ؟ ولماذا لا نستعمله ، فهو متاح لنا جميعا ولا ضريبه على إستخدامه ، بل العكس فإن العائد المنفعي ، سيعود علينا بلا شك ، ولذلك كل ما هو مطلوب ، هو فقط إعطاءه الفرصه للتفكير المنطقي ، وسوف يصيبك الذهول ، من هول ما تجد منه من حلول بكل بساطه، لكل المشاكل والتأزم السلوكي ، وهذه الرغبه المحمومه للصراع ، وتدمير الآخر دون رعايه لأي قيمه أو مبدأ .

الحوار مفتاح لحل كل المشاكل بين الزوجين ، لأن كلا منهم سيفهم مقصود الاّخر ، حيث كانت الضغائن بين الزوجين ، إما من مقصود لم يفهم أو مفهوم لم يقصد، فإذا تنازل أحد الأطراف وبدأ بالحوار مع الآخر، فإنه سيجده متحاوراً معه لإستبيان موقفه ، أو إعتذاره ، أو تنازله عن جزء من أرضه ، والأول يتنازل هو الاّخر عن جزء ،

فتجدهما بمنتهى السهوله تلاقيا في نقطه مشتركه ، هنا يلتئم حبل الود وتبدأ نغمة التناغم بينهما، ليعم الإستقرار الأسري، ويسود الود والطمأنينه للأطفال ، ليحيوا في وسط بيئه صحيه ويخرج منهم أسوياء يبنون المجتمع ولا يكونوا عليه عاله .

بالحوار تتقارب الآراء ، وتستجلب المرونه ، وتهدأ النفوس ، ويذوب جبل الثلج بين الطرفين ، حيث يفهم كلا منهم الآخر ، وتبدأ المياه في السريان مره أخرى حتى لو قطرات في البدايه ، فالحوار يهدئ النفوس ، ويبدأ العقل في العمل ، والقلب في الإحساس ، وتزداد مساحة الإستعداد لقبول الحل لكل طرف ، ويسكت الصوت الواحد

، فيتولد الثراء في المناقشه ، ويعلم الأطراف أن هناك حلول كثيره للإشكاليه ، وليس صوت واحد كما كانوا يسمعون .
فالحوار يولد أفكارا والفكره تنير للأخرى، وتأخذ بيدها ، وتهدئ الأصوات العاليه ، وتنخفض وتيرة الغضب ، وتخفف حدة الكلمات المستخدمه من الأطراف المتشابكة ، حتى تظهر الكلمات الحانية من أى طرف ، فيستجلب بها المشاعر الطيبه من الطرف الاّخر ، وتنطفئ النار وتخبو شعلتها ، حتى تعود الأطراف إلى السلام بينهم ، وكأن شيئا لم يحدث وذاك مسلك الدول المتحضره .

يا ساده تبنّوا الحوار، فى كل شئ ، ينصلح كل شئ ، ويبقى بيننا كل شيء، ليهدأ كل شئ ، ويرفرف السلام على كل شئ ، وينظم كل شئ ، ويزداد جمالا كل شئ ، وينمو كل شئ ، ولا يفسد أي شئ ، فالحوار الحوار هو كل شئ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *