وجهة نظر

الإشكالية التنموية بالمغرب اشكالية ثقافية بالأساس.. إذن كيف؟

لا يمكن قطعا أن نحقق التطور المنشود في ظل طغيان ثقافة الكلام والوعود الزاف، فالمسؤولية تقتضي مطاقبة القول مع الفعل وضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة القانونية، وليس المحاسبة الانتقائية الانتقامية.
فالمحاسة الحقيقية منهجيتها تتلخص في عبارة القانون فوق الجميع.

الفقر والبطالة يهددان السلم الاجتماعي، واعتبار المال وسيلة لممارسة السلطة هو تدمير لقيم المساواة بين شعب مرتبط بمصير واحد وأرض مشتركة اسمها المغرب.

فتنقية الطريق تقتضي التخلص الجدري من ثقافة العرقية أو القبلية، والتي لازالت متأصلة في النفوس حتى في صفوف من يدعون الفكر الحر!

العجرفة العرقية واقصاء العرق الاخر لايخدم الا من تميل نفسيته، ويتحجر عقله بوهم الاثنية المقيتة.

ثقاقة التنوير والنهوض بالبلاد والعباد تجبرنا جميعا، على أن يدرك الجميع ضرورة العيش في بيئة الأخوة، في هذا الوطن المتنوع الثقافات والأعراق .

فالمعضلات الاجتماعة، بالخصوص أزمة البطالة، لو كان التفكير فيها يميل لتغليب منطق إنسانية الأخوة، لتم على الاقل خلق منحة أو تقديم تعويضات عن فراغ قاتل للنفس البشرية، وذلك بهدف أنسنة الفكر عند العاطل ، ودفعه نحو الأم، عوض السقوط في داوافع للانحرافات التي تهدد الاستقرار بسلوكات مشينة، تتفرع عنها مختلف أنواع العنف والسرقة وتهديد المارة وغيرها، و المهددة لطمأنينة المجتمع.

الثقة تبنى، وهي الآن شبه مفقودة في واقع تغلب عليه ثقافة نفسي نفسي، وكأننا في يوم القيامة.

لذا العمل على زرع الثقة هو الاساس في سلامة التنمية.

أما اذا كان الاحتجاج هو الاساس لتحقيق المطالب، فهذا من الأمور الخطير التي قد تحرق الاخضر واليابس. لذا أتمنى ان يستخدم العقل قبل القلب، والأخوة قبل النعرات الاثنية القبلة او الجهوية.

الوطن للجميع وعليه أن يكون مع الجميع، ومن يسعى الى تحقيق المطالب بالسب والشتم فهو واهن، لا يقدر خطورة الاكراهات المتنوعة، ووعية ضئيل جدا بالمخاطر، وبالتالي فطرق ردة الفعل في حالة الاندفاع لا تستقيم!

العدالة الاجتماعية غائبة، وتحقيقها للجميع يقتضي تغيير ثقافة الريع والاتكالية، والقضاء على الرشوة والتوزيع العادل للثروة.

وهذا طموح يتقاسمه من له ثقافة الانسانية، وليس القبلية أو الحزبية أو المالية، والتي تساهم في ظلم العقول، و تسعى فقط لتسمين البطون .

فمثلا، التغطية الصحية التي تدخل في صلب الحماية الاجتماعية قد تؤنسن بجرة قلم!

الدولة و بشراكة فعالة مع القطاع الخاص، وشركات التأمين والأبناك، وشركات الأدوية، ومختبرات التحاليل الدموية. والعمل في اتجاه فرض ضريبة تضامنية تدمج في فواتير الكهرباء والماء حسب نسبة الاستهلاك، علاوة على الرفع من الضرائب على الأمور الكمالية والمشربات الغازية والروحية، لكن بشرط الجلوس فوق الطاولة مع الجميع و العودة للتفاهم على نسبة الاقتطاعات الجديدة من أجور الأجراء حسب رواتبهم .

ثم العمل على احداث وكالة خاصة لمراقبة الجودة. وتنظيم الولوج إلى المرافق الاستشفائية بتوزيع المواطنين حسب الانتماء المهني .

وهذا ربما سيضع حدا لحالة الخوف واللااطمئنان التي يخشى الكل في الوقوع فيها منها بسبب المرض .

هنا تتحول البطاقة الصحية الناطقة الوحيدة، وبدون دفع مسبق ولا هم يحزنون، أي تغطية صحية كاملة ب0درهم .

مع الصرامة في المراقبة والحكامة المالية .

الأمر يحتاج لمجهود كبير، وإرادة سياسية قادرة على مواجة اللوبيات التي تقتات من معاناة المرضى .

ها أنا أقترح من جديد .

أروني أي برلماني اقترح هذا وسأعتذر .

الوطن ليس عاقرا ها نحن نقترح بدون تعويضات ولا سفريات !

وبالعودة لموضوع البطالة، فخلق ضريبة تضامنية جديدة غير مباشرة تفرض على المؤسسات والأشخاص، مع ترشيد أموال الزكاة والنفقات لصالح خلق تعويض شهري للعاطلين من حملة الشواهد المهنية والتعليمية، والأرامل والمعاقين ليس ريعا، وإنما بداية أنسنة المجتمع .

الطلب ليس مستحيلا بل يحتاج فقط إلى جرأة ومخطط للتنفيذ .

فالبطالة تدفع بصاحبها إلى التفكير بفكر الجحيم واليأس. المفضي إلى كره نعيم الحياة، ومن تم الاتجاه نحو التطرف الأسود .

أما في ما يخص التسرع الذي استهدف إصلاح صندوق المقاصة بدون اجراءات مواكبة فهذا عبث يندرج في البوليميك السياسي الضيق .

الذين فكروا ووضعوا صندوق المقاصة، هم ثلة ممن لهم حس إنساني يراعي وضعية الأغلبية الساحقة من المقهورين والفقراء والطبقات المتوسطة، المثقلة بالديون وإعالة عائلات بأكملها .

فكان هدف الصندوق أصلا ضمان القدرة الميسرة على الاستهلاك، وأمل في الاستمرار وطمأنينة على مستقبل الابناء والأحفاد .

أما وديمقراطيتنا التي لاتصلح لشعب لازال لم يصل بعد لدرجة الوعي، فأفرزت نخبة التحدي من أجل التحدي .

فعوض الأصلاح من خلال استرجاح الدعم عن طريق فرض ضرائب جديدة على من لا يستحق الدعم رغم استفادته. تم اللجوء للحل السهل، المتمثل في حذف الدعم وافقار العامة دون اجراءات مواكبة .

وعندما نقول هذا الكلام يتم اتهامنا بالعرقلة ! لأننا لن نسمح لأنفسنا بأن نكون قطيعا. وهذا راجع إلى الإيمان العميق برجاحة العقل ورفض تأليه الزعامات الحزبية، التي أصبحت تهرج عوض أن تبرمج وتبظع الجديد .

الحماية الاجتماعية تقتضي أنسنة الإنسان، فالبشر بشر وليسوا أرقاما يتم التلاعب بها حسب المواسم الانتخابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *