مجتمع

باحثة فرنسية: التجربة المغربية مثال متفرد للبناء السياسي الديني

سعيدة مليح

قالت الباحثة الفرنسية في معهد “توماس مور”، صوفي دي بيريت، إن التجربة المغربية مثال متفرد للبناء السياسي الديني، وأن الملك بسلطته الروحية والتوجه الإسلامي يسعى إلى تدعيم سبل الاعتدال، وفقا للمتفق عليه في دستور 2011، مما يبرز الخصوصية المغربية.

وأضافت الباحثة أنه في الوقت الذي تسعى فيه عدد من بلدان العالم العربي الإسلامي، إلى إيجاد توازن بين السياسة والدين، ظل المغرب منذ قرون مركزا على دعامتين مهمتين وهما الإسلام والملكية، وهو التوازن المتفرد، وأنه “على مر القرون، وبفضل المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني، المدعوم بالتوجه الوسطي، أي إسلام الاعتدال، شكلت المملكة المغربية صرحا عقائديا قويا”.

وبسطت الباحثة في دراسة عنونتها بـ”الأمة والدين.. التجربة المغربية”، المعايير التي تتيح الفهم الجيد لوضعية المغرب كمثال متميز للبناء السياسي الديني، بعد مرور عشرين سنة على حكم الملك محمد السادس، إذ قالت إنه “من المهم دراسة الكيفية التي يعالج بها المغرب الإشكلات المعاصرة المتعلقة بالإسلام، والمضي في محاولة فهم كيفية ضمان الاستقرار السياسي والديني في المنطقة وخارجها”.

وأبرزت دي بيريت، كون أن فكرة الحوار بين الأديان ليست جديدة على الدولة المغربية، “التي عملت طوال تاريخها على التعامل مع الأقليات الدينية المتواجدة على أراضيها من اليهود والمسيح والشيعة”، مضيفة أن “المغرب يدرك أهمية التبادلات بين الثقافات ويشكل جهة فاعلة في الحوار بين الأديان”.

وعن خصوصية التجربة المغربية في تفعيل الحوار بين الأديان، أشارت الباحثة أنه في سنة 1985، كان الملك الحسن الثاني أول رئيس دولة في بلد عربي يتلقى حبرا سياديا وهو يوحنا بولس الثاني آنذاك، وبعد مرور 34 سنة، رحب الملك محمد السادس بالبابا فرانسيس في مارس 2019، داعيا إلى تطوير ثقافة الحوار والتعامل معها باستمرار ودون ضعف، والتعاون كسلوك.

ولفتت إلى أن ظهور الأصولية الإسلامية وتكرار الهجمات الإرهابية الناجمة عنها، أثرت على بلدان الشرق والغرب، “مما يتوجب القضاء عليها باستخدام عدد من الأدوات المتعلقة بالتعليم والديبلوماسية، بدون إغفال الحوار بين الأديان بشكل عام، والحوار الإسلامي المسيحي بشكل خاص، وهو ما أقدمت المملكة المغربية على الاندماج فيه”.

وأردفت الباحثة أن الارتباط المعقد بين الإسلام والسياسة يشكل أحد العوامل الرئيسة لزعزعة استقرار المجتمعات المعاصرة، فصعود الأصولية الإسلامية في جميع أنحاء العالم تجبر الدول على إعادة النظر في أنماط عملها وعلاقتها بالشأن الديني، في جميع بلدان العالم، سواء تعلق الأمر بالبلدان الإسلامية أو غيرها، وفق تعبيرها.

وختمت الدراسة بأن الحوار بين الأديان وحده لن يكون كافيا للقضاء على الأصولية، ومع ذلك يمكن أن تساهم فيه طالما أنها تستند إلى تبادلات حقيقية لا تتجاهل نقاط الاختلاف وتثبت أنها مثمرة، بالاعتراف أنها ليست غاية في حد ذاتها ولكنها وسيلة للعمل معا ضد تهديد مشترك، حسب رأيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *