اقتصاد، مجتمع

حلم المقاولة.. شباب يفرون من البطالة بحثا عن الحرية والاستقلالية (روبورتاج)

أمل، شابة في مقتبل العمر، مهندسة دولة في الكهرباء، تُقِر أن الناس أنواع، كما الآلات كل شخص وبرمجته، منهم من يقبل العمل المكتبي بأوقات محددة، ليحصل في نهاية الشهر على راتب محدد، ومنهم من لا يقبل بهذا النمط من الحياة، وله طموحات أخرى بعيدا عن تخصصه الدراسي، ونوعية عمله، وتقول “أنا من النوع الثاني”.

وتزيد أمل بالقول “اشتغلت في مجال دراستي، ولازلت، أولا لأشعر أنني لم أدرس عن فراغ، ثم من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، ولكي أستطيع تمويل حاجياتي، ثم لم لا القدرة على تمويل مشروعي الشخصي لأُخرجه إلى حيز التنفيذ، ودائما ما أشعر في قرارة نفسي أنه مهما طال عملي الروتيني سأتوقف عنه”.

وتستمر في الحديث بشغف عن طموحها في انطلاق مشروعها الخاص بالتعبير “دائما ما أتمنى أن أبدأ في مشروعي الخاص، لأعطي فيه أكثر وأبدع، لكي لا أشعر في نهاية المطاف أنني مجرد “آلة أو روبو”، ولأستطيع تحقيق الاستقلال الذي أسعى جاهدة للوصول إليه”.

غير أن أمل، تستحضر العقل في قرارها بالقول، “السيناريو الأفضل الذي أحبذه هو أن أبدأ في مشروعي الخاص وأنا لم أفقد عملي الرسمي بعد، ففي حالة فشل المشروع منكونش تخليت على البوسط ديالي على والو”، وتردف قائلة “غير أن هاذ السيناريو ليس سهلا لأنه من الصعب أن تعطي هنا والهيه وتركز هنا ولهيه، وبما أن الخدمة فالشركة ممكن تمشي وتجي، لكن حلمك إن مضى ومر الكثير من الوقت من الصعب أن يعود، ممكن أن أغامر وأترك وظيفتي من أجل إنجاح مشروعي الخاص”.

صلاح الدين البدوي مقاول صاحب فضاء للعمل التشاركي لتطوير أفكار المقاولات، وباحث في سلك الدكتوراه تخصص المقاولة، يتحدث عن الجديد الذي أتى به صندوق دعم المقاولات بالقول “الجديد هو الفترة الزمنية للرد على الطلبات، إذ تتراوح ما بين 3 أسابيع وشهر، وهي محفزة، لأنه فيما مضى كان وقت الرد طويل”.

الجديد كذلك، بالنسبة لصلاح الدين، يكمن في أن صندوق دعم المقاولات أتى لتمكين المقاولات الصغرى أو المقاول الذاتي من التمويل حتى قبل الحصول على مكان خاص بالعمل في البداية، فضلا عن تمويل حاملي أفكار المشاريع، على خلاف أن قبل ذلك كان يلجأ الشباب إلى المستثمرين، الذين كانوا يقدمون التمويل بشروط تعجيزية، تصل أحيانا أن ملكية المشروع تتحول من صاحب الفكرة إلى المستثمر الذي قد يحصل إلى ما يصل إلى 70 في المائة من أرباح المشروع”.

وزاد البدوي، أن المساطر التي جاء بها صندوق دعم المقاولات سهلة ولا تتطلب عددا كبيرا من الوثائق، ولأن الأبناك تضمن 80 في المائة من دعمها لا تعقد مسألة الحصول على ضمانات شخصية”، فضلا على أن البرنامج يمول بداية انطلاق المشروع أو يمول حاجيات التسيير”.

ويؤكد البدوي، “بالنسبة لي الجديد الذي أتى به العرض، يمكن لي تطوير الشركة من الآن، بدلا من الاستفادة من هذه الامتيازات بعد مرور فترة أكبر، مما من قدرته أن يضفي أرباح أكثر على الشركة”.

غير أن صلاح، يقف في نهاية حديثه على إشكال مهم يكمن في أن هناك خصاص في برامج المواكبة وفي الموارد البشرية المؤهلة لمواكبة حاملي المشاريع، لأن حاليا أغلب الشباب الذين يلجون إلى مكاتب إنعاش الشغل أو مكاتب الاستثمار لعمل دراسة جدوى لمشروعه يجد ندرة المخولين لذلك، مما قد يضطرهم لوضع طلبات تمويلهم إلى المؤسسات البنكية بدون أي دراسة مسبقة، ليكون مصير طلباتهم الرفض.

الاتحاد العام لمقاولات المغرب
كريم متاقي عضو الاتحاد العام لمقاولات المغرب، قال في أحد اللقاءات التلفزيونية إن “الأساس في البرنامج هو تحفيزي وإدماجي، وتم الإعلان عن السقف الذي لا يتعدى 2 في المائة، وهو تاريخيا أدنى سعر فائدة في المغرب، بالنسبة للمقاولات لهذا السعر آثار مباشرة على تكلفة تمويل المشروع”.

وأضاف متاقي بكون “سعر فائدة 2 في المائة، يعني قدم لنا الإبداع والطاقة، ولوج الشباب للسوق المالية أو التمويل لم يعد إكراها قويا، وهامش الربح الخاص ممكن يصبح أكبر، وتطور المشروع سيكون بسرعة أكبر، وفي المغرب هناك عدد من الناس لها بروفايل مقاول، لهم أفكار وإمكانية بلورتها على أرض الواقع، لكن لم تكن لديهم إمكانية التمويل”.

من جهته، نعمان العصامي نائب مدير الخزينة والمالية الخارجية بوزارة الاقتصاد والمالية، أفاد بكون “سعر الفائدة 2 في المائة هو إشارة قوية جدا لتمويل الاقتصاد أو المقاولة بشكل خاص، بالنسبة للمقاول من غير الأمور الخاصة بإنشاء المقاولة، كان هناك عائق يتعلق بتكلفة التمويل التي كان تشكلا عائقا كبيرا في البداية”.

وأضاف أن “هناك ضمانات سيقدمها البرنامج بالنسبة للقروض، تمكن من تخفيض سعر المخاطرة بالنسبة للأبناك، بالإضافة إلى قواعد احترازية مسهلة بالنسبة للقروض التي تخص إنشاء المقاولات ودعم المقاولات الصغرى جدا، وأساسا إن الهدف الرئيس من هذه الإجراءات هي تمكين الأبناك من تمويل المقاولات بسهولة أكثر، لأن هذا النوع من المقاولات بطبيعتها فيها خطورة أكثر، لأن الراغبين فيها ليس لهم تجارب سابقة في المجال، وفي طور البحث عن بيع الخدمات أو منتوجاتها، ولتمكين الأبناك من خوض غمار المغامرة كان لا بد من تحديد عدد من الإجراءات”، مشيرا أن “نسبة فائدة أقل من نسبة فائد سندات الخزينة”.

بالنسبة للعالم القروي، فتكلفة التمويل فيه أكبر لأن فيها نسبة الخطورة أكبر، ونسبة الفائدة تصل لـ1.75 في المائة، وكان لا بد من موارد إضافية، وهنا تدخل صندوق الحسن الثاني ليوفر للتمويل 2 مليار الدرهم كقرض بدون فائدة، فضلا عن 6 ملايين الدرهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *