سياسة، مجتمع

الراشدي يرصد آثار الفساد الوخيمة وتأثيرها على الاقتصاد والديمقراطية

قال رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بشير الراشدي، إن ظاهرة الفساد أصبحت “أكثر تفشيا وتعقيدا، وإن تأثيرها صار أكثر ضخامة وحِدَّة على اقتصاد الدول بحكم اختراق المفسدين لكل ثغرات نظم التدبير العمومي واستغلال الإمكانيات الهائلة التي يتيحها النمو التكنولوجي وتطور الآليات والشبكات المالية العالمية”.

وأضاف بشير الراشدي خلال افتتاح ورشة العمل الإقليمية حول موضوع “الابتكار في الوقاية من الفساد”، أمس الثلاثاء بمدينة طنجة، أن العديد من الدراسات أكدت أن “قيمة  الرشاوى المدفوعة سنويًا عبر أنحاء العالم، وفقًا لصندوق النقد الدولي، تقدر ما بين 1.500 و2.000 مليار دولار، أي ما يمثل حوالي 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي”.

وزاد المتحدث، أن اختلاس الأموال العامة، يمثل “حوالي 2.600 مليار دولار، بما يناهز 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وقد ترتفع التكلفة الإجمالية  الناتجة عن هذه الممارسات إلى معدلات أكبر، إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار الانعكاسات الغير مباشرة لهذه الآفة”.

واسترسل في كلامه قائلا: “لقد وقع إجماعٌ دولي على أن الفساد يُساهم في المس بقواعد الديمقراطية، وفي تقويض سيادة القانون، وفي الحد من الولوج للموارد والتوزيع العادل للثروات، وتكريس الهشاشة الاجتماعية والمجالية. كما يؤدي إلى تدني منسوب ثِقة المواطنين في المؤسسات والمس بالأمن والاستقرار”.

كما سجل المسؤول ذاته أنه “أصبح مسلما أن آفة الفساد تشكل إحدى العقبات الأساسية التي تعيق التنمية والاستقرار في أي بلد، إذ تؤدي إلى إضعاف السياسات العمومية والمخططات والبرامج التنموية وتقويض حقوق المواطنين في التمتع بحقوقهم الأساسية، كما تتسبب في عرقلة الاستثمار والمبادرة الحرة”. 

واعتبر الراشدي أنه من  أبرز أولويات الدول التي لم يعد بالإِمكان تأجيلُها، هي تقديم أجوبة عملية للمواطنين من خلال العمل على تخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد وضمان الحريات، ووضع مطلب القضاء على الفساد والحد من الفوارق الاقتصادية والاجتماعية والمجالية الناجمة عنه، على رأس مطالب هؤلاء المواطنِين. 

وأوضح أن المغرب أدرك “بشكل استباقي الأخطار الحالية والمستقبلية لآفة الفساد ونتائجها الوخيمة، وانخرط منذ سنين في ورش تخليق الحياة العامة، باعتماد سياسات عمومية تميزت بنجاحات وإخفاقات، والتدرج في المقاربة على مدى مراحل متميزة”.

وأضاف أن ذلك مر عبر مراحل “انطلق من المقاربة الزجرية الصرفة منذ سنة 1962 في سياق تجريم أفعال الفساد في مجموعة القانون الجنائي وإحداث محكمة العدل الخاصة للنظر في هذه الجرائم، إلى المقاربة التخليقية التي تأسست مع إحداث لجنة وطنية لتخليق الحياة العامة سنة 1999، لتتبنى المقاربة الشمولية المندمجة وفق متطلبات الدينامية الدولية لمكافحة الفساد مع الإعلان عن استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد سنة 2015”.

يشار إلى أن ورشة العمل الإقليمية حول موضوع “الابتكار في الوقاية من الفساد”، المقامة أمس الثلاثاء بمدينة طنجة، نظمت من طرف الأمم المتحدة الإنمائي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وبشراكة مع الوكالة الكورية للتعاون الدولي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *