سياسة، مجتمع

بنجلون: الجشع حول المغرب لوجهة سياحية باهظة… والجميع يسعى لجني المال بسرعة

انتقد الكاتب المغربي الفرنسي الطاهر بن جلون بشدة موجة الغلاء التي يشهدها المغرب، لا سيما خلال فصل الصيف، مشيرا إلى أن البلاد “لم تعد في متناول أبنائها”، وتحولت إلى “وجهة سياحية بأسعار أوروبية وخدمات متدنية”.

وأضاف بنجلون، الذي اشتهر بأعماله الأدبية التي تتناول قضايا اجتماعية وسياسية، في مقال كتبه بعد عودته من عطلته في المغرب، أن الجميع “يروي كم كلفهم الخروج مع أطفالهم لتناول وجبة خفيفة في المقاهي العصرية، ناهيك عن المطاعم التي تفرض أسعارا أوروبية بلا خجل”. ووفقا للكاتب، فإن “الجميع متورط في موجة الغلاء هذه، وهدفهم هو جني أكبر قدر ممكن من المال”.

وسجل الكاتب أن العديد من التقارير تشير إلى انخفاض عدد المغاربة المقيمين بالخارج العائدين لقضاء عطلتهم مقارنة بالسنوات السابقة، مرجعا ذلك إلى أن الغلاء دفعهم إلى “عدم السفر إلى أجمل بلد في العالم، مفضلين إسبانيا أو تركيا”، موضحا أن أسعار تذاكر الطيران والنقل البحري والفنادق ذات الخدمات السيئة كلها مرتفعة، بالإضافة إلى فواتير المطاعم التي تضاهي فواتير المطاعم الباريسية، باستثناء الجودة.

ويصف بنجلون الوضع بأنه “ليبرالية جامحة وغياب للروح المدنية”، حيث يرى أن “الجميع يريد كسب الكثير وبسرعة”، ما يؤدي إلى فوضى أخلاقية واستغلال للمواطنين. ويعطي أمثلة حية على هذا الاستغلال، مثل الارتفاع غير المبرر في أسعار السلع الأساسية كالتين الذي قفز سعره من 10 إلى 50 درهما، والسردين الذي ارتفع إلى 30 درهما، إضافة إلى التكاليف المبالغ فيها للخدمات الصحية والتعليم الخاص.

وأكد صاحب رواية “موحى الأحمق موحى العاقل” على أن الدولة يجب أن تتدخل بشكل حاسم لضبط الأسعار، خاصة في قطاعات حساسة مثل الأدوية والرحلات الجوية، ومراجعة سياسات التسعير التي لا تراعي القدرة الشرائية للمواطنين، مشيرا إلى أن هذا “الانحراف” يُهدد بزيادة العنف والإحباط، لا سيما بين الشباب، ويدفعهم نحو العمل غير القانوني.

لا تقتصر أزمة المغرب، حسب بن جلون، على الجانب الاقتصادي فقط، بل تمتد لتشمل غيابا للحس المدني. يروي الكاتب أمثلة من حياته اليومية، مثل سلوكيات الركاب في القطارات الذين يزعجون الآخرين ويتجاهلون القواعد الأساسية للنظافة والاحترام. ويرى أن هذه التصرفات الصغيرة تُؤشر على مشكلة أكبر: غياب القيم والتضامن، مما يُعيق العيش المشترك.

وفي الختام، يلخص بن جلون الوضع في مقولة “المغرب ذو السرعتين”، حيث تسيطر الأنانية والفردية على المشهد، ما يثري الأغنياء ويسحق الفقراء، داعيا إلى العودة إلى القيم الأصيلة، وتطبيق سياسات تعنى بالمواطن، ومحاسبة المسؤولين عن هذا الانفلات الاقتصادي والأخلاقي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *