الأسرة، مجتمع

في ظل الحجر الصحي .. العنف يحول حياة مغربيات إلى جحيم

في الوقت الذي اعتبر فيه البعض الحجر الصحي فرصة لتوطيد العلاقة بين أفراد الأسرة، وجد آخرون، ومن بينهم نساء مغربيات أنفسهن وخلال هذه الفترة تحت عرضة عنف لفظي ومادي من طرف أزواجهن، وأحيانا آباءهن و إخوتهن.

“لا فرصة لي للنجاة”

تحكي فاطمة البالغة من العمر 38 سنة عن تجربتها المريرة خلال الأيام الفارطة لجريدة “العمق” :”منذ 20 من مارس وأنا أتعرض لعنف مادي من طرف زوجي بعد فقدانه لعمله في إحدى شركات النسيج.. في البداية كان منعزلا عني وعن أبنائه، لكن ومع مرور الأيام بدأ في الانفعال بسبب كل شيء تقريبا.. بل إنه سبب لي جروحا على مستوى وجهي”.

تقول فاطمة التي شاركت قصتها في وقت سابق ومن خلال مجموعة في “فيسبوك” :”لا فرصة لي للنجاة منه.. عائلتي في أكادير ولا يمكنني السفر إليهم بسبب الظروف الحالية وحالة الطوارئ.. أنا الآن حبيسة هذه الجدران وأطلب أن تمر هذه الفترة بسرعة لأجد حلا لمشكلتي”.

“أول صفعة”

أما إلهام وهي طالبة جامعية، فالعنف الذي تعرضت له ليس من طرف زوجها، بل من طرف أخيها الأكبر، توضح لـ”العمق” :”فترة الحجر الصحي جعلت الأسرة تعيش ساعات النهار كاملة مع بعضهم البعض، مما يسبب أحيانا بعض المناوشات”.

وتضيف المتحدثة ذاتها :”قبل أيام، اختلفت مع أخي حول موضوع معين،ولأول مرة مد يده علي وصفعني وهو ما دمر نفسيتي وجعلني لا أحدثه بعدها”.

وتختم إلهام، والتي تدرس علم الاجتماع بالمحمدية: “كانت الصفعة أقوى من مجرد عنف مادي أتعرض له من طرف أخي.. وتذكرت حينها النساء اللواتي يتعرضن للعنف يوميا بسبب أو بدون”.

أسباب تزايد الظاهرة

بدورها، أكدت رئيسة جمعية التحدي والمساواة والمواطنة بشرى عبدو أن الأخيرة فتحت باب الاتصال مع النساء عبر أرقام هواتف مخصصة لذلك، ومن أجل تقديم الدعم النفسي والاستماع.

كما قالت بشرى في تصريح لجريدة “العمق” إن أسباب تزايد حالات العنف، خلال فترة الحجر الصحي، كثيرة، من بينها التواصل اليومي،الذي يكون غائبا بالمطلق بين الزوجين في الأيام العادية، ويقتصر فقط على أوقات محددة، كذلك ضعف الامكانيات عند البعض يخلق أزمة مالية خانقة تسبب في العنف، حيث إن هناك حالات كانت تعيش العنف اليومي ولكن أمام هذه الأزمة تضاعفت، بحكم أن كل الأبواب مغلقة في وجهها للشكاية والبحث عن مكان آخر”.

وتردف المتحدثة ذاتها :”هناك أيضا نساء كن يشتغلن وتوقفن عن العمل، وتسبب ذلك في مضاعفة حدة العنف الممارس عليهن من طرف الزوج”.

وختمت رئيسة جمعية التحدي والمساواة والمواطنة حديثها :” للأسف الشديد، هناك العديد من النساء لا يشتكين وخاصة في فترة الحجر الصحي وبسبب ضيق ذات اليد، بالإضافة إلى أن اهتمام الدولة منصب حاليا على السيطرة على جائحة كورونا -كوفيد 19.. كل هذه الأسباب تساهم في ترك المعنفة حبيسة للجدران”.

الأطفال أكبر المتضررين 

أما الأخصائي النفسي خالد عطاش، فاعتبر في حديثه لجريدة “العمق”، أن الأطفال ومهما كانت أعمارهم، يظلون المتضرر الأكبر من العنف الممارس داخل الأسرة، خاصة في هذه الفترة “الحساسة”.

ويوضح المتحدث :” العديد من الأطفال، مازالوا لم يستوعبوا ماذا يحصل بالبلاد، ولماذا هم غير قادرين على الخروج أو الذهاب للمدرسة، لذلك أي ضغط إضافي على نفسيتهم، يمكن أن يؤدي إلى نتائج لا يحمد عقباها”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *