الأسرة، مجتمع

“غسل اليدين” .. عملية بسيطة أنقذت الإنسان عبر التاريخ (صور)

هل غسلت يديك اليوم؟ قبل شهرين من الآن، كان جوابك سيكون نعم مرة أو مرتين أو ثلاثا.. أما اليوم فعدد المرات بات لا يحصى، فغسل اليدين لم يعد تلك العادة التي تفرضها علينا قواعد النظافة المتعارف عليها، بل أضحت سلاحنا الوحيد ضد فيروس بالغ الصغر لا يرى بالعين المجردة، لكنه أصاب لحد الساعة أزيد من مليوني و94 ألف شخص حول العالم وأودى بحياة 135 ألف منهم.

لطالما كانت طقوس غسل اليدين موجودة منذ آلاف السنين في الثقافات الإسلامية واليهودية وغيرها، لكن فكرة انتشار المرض باليد أضحت جزءا من نظام المعتقدات الطبية منذ حوالي 130 عاما فقط، حيث أن أول اكتشاف مسجل لقوة غسل اليدين المنقذة للحياة جاء قبل 50 عاما، في عام 1848.

إغناز سيميلويس

تؤكد أستاذة علم الأحياء في جامعة ويليام باترسون في نيوجيرسي ومؤلفة كتاب ” كتاب اليد: البقاء على قيد الحياة في عالم مليء بالجراثيم”، ميريام وارمان أنه إذا كان هناك من يستحق لقب “أب” غسل اليدين أو مكتشفها، فسيكون حتما إغناز سيميلويس (1818-1865)، وهو طبيب مجري كان يقيم في فيينا، فبعد تسجيل عدد وفيات متزايد في جناج التوليد الذي يشرف عليه، أدرك أن النساء يصبن بحمى النفاس أثناء الولادة، نتيجة “عدم نظافة” الأطباء الذين يذهبون مباشرة من المشرحة إلى حجرة الولادة.

وقد أثبت أنه من الممكن خفض معدلات وفاة الأمهات في أثناء الولادة من 18٪. إلى حوالي 1٪. “، عن طريق روتين غسل الأيدي بمحلول الكلور، لكن “اكتشافه” قوبل بمقاومة شديدة من أطباء فيينا، الذين كانوا ينتمون لعائلات من الطبقة المتوسطة أو العليا، وكانوا يؤمنون أنهم أكثر نظافة مقارنة بالطبقة العاملة الفقيرة، ورفضوا فكرة أن تكون “أياديهم” قذرة، فمات إغناز وحيدا في مصحة نفسية.

جراثيم محفزة

على مدى السنوات الأربعين التالية، تطور فهم الجراثيم، وتحولت المواقف تجاه النظافة تدريجيا، ففي عام 1857 بدأ لويس باستور برفع الوعي بمسببات الأمراض وكيفية قتلها بالحرارة.

وفي عام 1876 ، اكتشف العالم الألماني روبرت كوخ عصية الجمرة الخبيثة، فاتحا أبواب جديدة في مجال علم الجراثيم الطبية،وبعدها تم اكتشاف الكوليرا والسل والخناق وعصيات التيفوئيد، مما جعل عددا من الجراحين يأخذون عملية “غسل اليدين” على محمل الجد “إذا كانوا يقطعون جلد شخص ما والذي يعتبر طبقة واقية – فعليهم اتخاذ احتياطات استثنائية”.

وبحلول تسعينيات القرن التاسع عشر وحتى أوائل القرن العشرين، انتقل غسل اليدين من شيء فعله الأطباء إلى شيء طُلب من الجميع القيام به.

وكان لانتشار مرض السل في مطلع القرن الجاري، دور أساسي في نشر ثقافة غسل اليدين بين أفراد الشعوب، حيث تم إطلاق حملات الصحة العامة والتي استهدفت البالغين وأطفال المدارس، وبات الناس خائفين تماما من مصافحة أو تقبيل بعضهم البعض عندما أدركوا أن “فمهم وجلدهم وشعرهم يحتوي جراثيم عدة قد يتسبب بعضها في القتل”.

واقع عربي

وفي الوقت الذي تدعو فيه وزارات الصحة في كل بلدان العالم عبر نشرات يومية الناس لغسل اليدين لمنع تفشي فيروس كورونا – كوفيد 19، تؤكد لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب اسيا ( الإسكوا) أن 74 مليون شخص في المنطقة العربية يفتقرون لمرافق غسل اليدين .

وتوقعت اللجنة في دراسة نشرتها  يوم أمس الأربعاء 15 أبريل أن يراوح “معدل زيادة الطلب المنزلي على المياه بين أربعة وخمسة ملايين متر مكعب يوميا في المنطقة” الشحيحة أساسا، موضحة أن “ما يزيد الوضع سوءا هو عدم كفاية إمدادات المياه المنقولة بالأنابيب إلى المنازل في 10 بلدان عربية من أصل 22”.

وحذرت الأمينة التنفيذية للجنة رولا دشتي من “استخدام الحرمان من المياه كسلاح من أسلحة الحرب” في الدول التي تشهد نزاعات، في وقت حذرت منظمات دولية من مخاطر سرعة تفشي الفيروس في دول تشهد نزاعات أو تضم مخيمات مكتظة، ولا تتوافر فيها المياه لغسل اليدين بشكل متكرر للوقاية من الوباء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *