مجتمع

“طفرة”: معطيات مندوبية التخطيط المتاحة غير كافية لتطوير حلول لمكافحة كورونا

اعتبرز مركز الأبحاث “طفرة”، أن المعطيات الدقيقة التي تنشرها المندوبية السامية للتخطيط، لا تسمح بإجراء تحاليل مفصلة، لاسيما في مجال الوقاية من الأوبئة.

جاء ذلك، ردا على توضيحات للمندوبية السامية للتخطيط عقب مراسلتها من طرف المركز للمندوب السامي للتخطيط، قصد توفير الاحصائيات والبيانات التي توجد بحوزتها لمساعدتهم على إيجاد حلول لمواجهة “كورونا”، والتي جاء فيها بكون المندوبية دأبت على نشر كافة المعطيات والبيانات منذ سنة 2019 افي احترام لمبدأ سرية المعطيات الفردية.

مركز طفرة، قال في رد على المندوبية، “إن النقاشات الرائجة حاليا بخصوص إمكانيات إنهاء حالة الحجر الصحي تبقى مستحيلة في بلادنا نظرا لغياب وضوح مجالي بشأن الاستراتيجيات التي ينبغي اتباعها، في حين أننا نعلم أن تعبئة كافة المختصين في إطار نقاش علمي مفتوح هي المنهجية الكفيلة بصياغة السياسات العمومية الأكثر نجاعة” على حد تعبيره.

وتابع، أنه “يمكن الاستعانة بمثال دقيق للاستدلال على المحدودية المشار إليها. فالمعطيات الدقيقة الخاصة بالإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014، والتي نُشرت بعد خمس سنوات من إجراء الإحصاء، لا تمثل سوى عينة من 10% على مستوى الإقليم/العمالة”، ضاربا المثال، بـ”عمالة الدار البيضاء”، ومشيرا إلى أن “صحيفة البيانات التي خصصتها المندوبية لـ”الفرد” تضم 333851 مستجوباً في حيز مجالي مساحته 189.14 كلم مربع، لكن دراسة جيوب الهشاشة السوسيو-اقتصادية والوبائية مستحيلة وفق هذا السلم، حيث لا يوجد رمز جغرافي يميز بين من يعيش في حي “غوتييه” ومن يعيش في الحي الحسني”.

وقال المركز، “لا تتعلق جميع المعطيات الدقيقة بالأفراد، فالعديد من المتغيرات حول الأسر المعيشية تقدم معلومات مهمة في سياق الأزمة التي نواجهها (مثلاً، عدد أفراد الأسرة ومستويات التجهيزات وأنواعها التي تدل على مستوى الثراء). ويقدم المعهد الوطني للإحصاءات والدراسات الاقتصادية (INSEE) مثالاً حياً على ذلك، حيث يتيح بكل حرية تنزيل المعطيات الدقيقة المصنفة ومخفية المصدر حول المساكن وذلك أعلى مستوى من التفصيل (الوحدات السكانية المجمَّعة لأغراض المعلومة الإحصائية “IRIS”، وهي وحدات أو جزر (îlots) أساسية تشير إلى 2000 نسمة)”.

واستطرد، “من ناحية أخرى، فإن تجميع المعطيات الفردية على مستويات مختلفة، كما تقوم بذلك المندوبية السامية للتخطيط فيما يخص الجماعات مثلاً، لا يمس على الإطلاق بحماية المعطيات الشخصية. وإذا كان ذلك ينطبق على الجماعات، فإنه ينطبق كذلك على الوحدات السكانية. حيث يمكن إحداث مثل هذه الصحائف بسهولة، غير أن ذلك يتطلب وضع مسطرة واضحة بين المندوبية و الباحثين”.

وأبرز المركز، أن “التوضيح الرسمي لمساطر الوصول إلى المعطيات الأولية التي يطلق عليها كذلك “البيانات الخام”، سواء عن بعد أو في موقع مؤمن لفائدة الباحثين والباحثات المعتمدين من الجامعة. هذه المساطر متبعة من طرف كل منتجي الإحصائيات العامة العالية الجودة، والتي تسمح بالاشتغال على معطيات غير متاحة للعموم. ومن بين الأمثلة العديدة لمثل هذه الإجراءات الإدارية نذكر تلك الخاصة بمكتب الإحصاء الأمريكي”.

وأوضح المركز، بأنه يضع نفسه، رهن إشارة المندوبية السامية للتخطيط من أجل تقديم المعلومات التقنية ومعايير الممارسات الفضلى طواعية، كما أنه مستعد لتشكيل مجموعة من الباحثين المغاربة، المقيمين داخل الوطن أو خارجه، في انتظار هذه المعطيات.

ولفت المركز، إلى أنه يعتزم في الأيام والأسابيع القادمة مواصلة جهوده لجمع المعلومات من مستعملي معطيات المندوبية السامية للتخطيط، من أجل تحديد الاحتياجات والتوضيحات المنتظرة من مختلف الموقِّعين فيما يتعلق بكل واحدة من الدراسات المنجزة من طرف المندوبية، داعيا كافة الموقِّعين وأي شخص ينتظر معطيات محددة إلى ملء استبيان “تحديد الاحتياجات”.

وأشارت “طفرة” إلى أن المندوبية السامية للتخطيط، قد بذلت مجهودات لا يمكن إنكارها فيما يتعلق بالارتقاء بقدراتها في مجال الحق في الوصول إلى المعلومة، إلا أن النتائج لا تزال غير كافية، خاصة في ظل الاحتياجات الملحة التي تولدت عن الأزمة الصحية الحالية.

وتهدف مبادرة “طفرة”، وفق المركز، إلى تشجيع هذه الجهود والمشاركة في تذليل الصعوبات، حتى يتمكن الأكاديميون المغاربة في نهاية المطاف من الوصول إلى معطيات بنفس جودة المعطيات التي يحصل عليها نظراؤهم الأجانب، بالرغم من أن هناك إجماعاً واسعاً على محدودية المعطيات الحالية. وتقع على عاتق المندوبية السامية للتخطيط، بصفتها الجهة المسؤولة، الاستجابة للمطالب المعبر عنها بهذا الخصوص، آخذة بعين الاعتبار الضرورة الملحة الناتجة عن الأزمة، وذلك من أجل توضيح مواقفها بشأن كل النقاط المذكورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *