وجهة نظر

الحب داخل مجتمعات العالم الثالث.. فهم للواقع

الحب هي كلمة قد نخجل من ذكرها في مجتمعنا فنتظاهر بالعلو عن معناها و نتفه مضمونها لارضاء الاخر و للظهور بمظهر المسيطر على الامور الذي لا يقهر، فرغم فخامة الاسم و حلاوته و دوره الاكيد الدي يربط بين قلوب البشر ، الا انه و في المجتمعات التي الفت الحقد و الشر و و ربطت مصيرها و كينونتها بالاعراف و التقاليد اضحت كلمة احبك بين الرجل و المراة خصوصا امام العائلة او الاصدقاء او الابناء هي شبه محرمة و تدعو للخجل و بنطق الرجل لهذه الكلمة امام عائلته او اقرانه يفقده رجولته و فحولته و المراة بنطقها هذا المصطح تعتبر عاهرة و امراة لعوب لا تصلح لان تكون زوجة .

مجتمعنا يعاني من سكيزوفرينية يندى لها الجبين ، فالعيب ليس في معنى الحب و صفاته النبيلة الطاهرة ، و لكن من مارسوه بوحشية و استغلو معانيه افقدوه ذاك المعنى الروحي ليتحول الى اداة للممارسة الجنس المجاني ، فيخشى ان تظهر عليه ملامح و علامة الحب فيتظاهر بالامبالاة ليبرز قوته و انه ذاك الشخص الذي لا يقهر ، لكنه في المقابل يمارس حبه في الخفاء تحت جنح الليل مع كل فتاة .

هي مشكلة وعي و تنشئة اجتماعية ، فالابن منذ الطفولة لم يتم تربيته على الحب النبيل الهادف و احترام الجنس الاخر و التطلع له بمنظور الانسان الاخر ، و لكن تم تربيته على اساس العنف و الخجل و نبذ الجنس الاخر و ان المراة مجرد اداة للجنس و ان الرجل

مجرد شباك اوتوماتيكي ، لم يتم تربيتهم على اساس ان المراة شريكة الرجل في العمل و الدراسة و في بناء هذا الوطن ، و لكن تم تربيته على اساس ان دور المراة يقتصر فقط على الطبخ و الجنس و ان الرجل دوره ان يقوم بتوفير كل مستزمات المنزل ليبرز سطوته و صولته داخل بنائه الزجاجي .

نعيش داخل مجتمع موبوء ينظر للحب انه مسخ يجب القضاء عليه ، و انه فتنة تدخل صاحبها النار ، فمن حولها و اعطاها هذا المفهوم المشوه هو الانسان نفسه و الحب بريئ من كل تلك التعبيرات و الاحكام القيمية .

لا يوجد تعريف محدد لمعنى الحب فقد حار في تعريفه كبار الشعراء و الفلاسفة لكن الحب الحقيقي هو الحب الصادق النابع من القلب، والذي لا تشوبه تداخلات المصالح أو أي أمور أخرى، وهو رغبة الإنسان بوجود من يحب قربه لا أكثر، فالحب الحقيقي.. هو أن تزرع في طريق من تحبهم وردة حمراء.. وتزرع في خيالهم حكاية جميلة.. وتزرع في قلوبهم نبضات صادقة.. ثم لا تنتظر المقابل، الحب الحقيقي.. هو أن ترمي لهم بطوق النجاة في لحظة الغرق.. وتبني لهم جسر الأمان في لحظات الخوف.. وتمنحهم ثوبك في لحظات العري كي تدفئهم.. تم لا تنتظر المقابل

الحب الحقيقي.. هو أن تبيع دموعك كي تشتري لهم الفرح.. وتتراقص بينهم ألماً كي تمنحهم السعادة.. وتبكي بعيداً عنهم كي لا تفسد فرحهم.. ثم لا تنتظر المقابل.. الحب الحقيقي.. هو أن تتحول إلى عكاز كي ترحم عجزهم.. وتتحول إلى مرآة كي تقوم عيوبهم.. وتتحول إلى مطر كي تبلل جفافهم.. ثم لا تنتظر المقابل..

الحب الحقيقي.. هو أن تخترع لهم الهواء عند اختناقهم.. وتنزف لهم دموعك عند عطشهم.. وتقتطع لهم من جسدك عند جوعهم.. ثم لا تنتظر المقابل.. الحب الحقيقي هو ن تشعل أناملك كي تضيء لهم الطريق.. وتحرق أيامك كي تبث فيهم الدفء.. وتمنحهم عينيك بدون تردد كي تنير لهم الظلام.. ثم لا تنتظر المقابل.. الحب الحقيقي.. هو أن تساعدهم على الوقوف عند التعثر.. وتساعدهم على الفرح عند الحزن.. وتسعدهم على الأمل عند اليأس.. ثم لا تنتظر المقابل..

الحب الحقيقي.. هو أن تحتفظ لهم في داخلك بمساحة جميلة من الأحلام.. ومساحة شاسعة من الرحمة والمودة.. وأن تملك قدرة فائقة على الغفران لهم مهما أساؤوا اليك.. ثم لا تنتظر المقابل.. الحب الحقيقي.. هو أن ترد عنهم كلمات السوء في غيابهم.. وتحرص على بقائهم صفحة بيضاء في أعين الآخرين.. وتحفظهم مهما غابوا عنك.. ثم لا تنتظر المقابل.. الحب الحقيقي.. هو أن تترجم إحساسهم إلى من يهمهم أمره.. وتحمل أحلامهم إلى من لا يكتمل حلمهم إلا به.. وتدعو لهم بالسعادة مع سواك إذا كانت سعادتهم مع سواك.. ثم لا تنتظر المقابل..

الحب الحقيقي.. هو أن تمتص حزنهم وتمتليء به.. وتنصت إلى همومهم وتتضخم بها.. وتحمل عنهم ما لا يستطيعون حمله من متاعب الحياة.. ثم لا تنتظر المقابل.. الحب الحقيقي.. هو أن تقدم لهم دعوة إلى الحياة حين يفقدون شهية الحياة.. وتقدم لهم دعوة للحلم حين يفقدون المعنى الجميل للحلم.. وتقدم لهم دعوة اللجوء إلى قلبك حين تغلق القلوب في وجوههم.. ثم لا تنتظر المقابل.. ! الحب الحقيقي.. هو أن تتجرد من أنانيتك من أجلهم.. وأن لا تفرض عليهم مشاعرك وأحلامك.. وأن لا تصطاد قلوبهم في الماء العكر.. ثم لا تنتظر المقابل

فالحب فن و اسلوب حياة لا يتقنه سوى فرسان الميدان الحقيقيون الذين يتحلون بالطيبة و الشهامة و النخوة و الانسانية و التضحية في سبيل الاخر .فلو كنا في مجتمعنا نفهم و نعرف معنى الحب لعشنا كلنا في سلام و امان و كان لنا مصدر الهام و قوة في ان نتصدى لكل المخاطر و الالام ، و نبني وطننا بعزم و همة ، و تكون الانثى الى جانب الرجل و صديقا و حبيبا و اختا و اما و ابنه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *