حوارات، مجتمع

طبيب: للصيام فوائد علاجية ولا دليل علمي على دوره في الوقاية من كورونا

قال الطبيب الرئيس بالمركز الحضري المستوى الأول بدمنات، عبدالغني خرشافي، إن الظروف الاستثنائية التي جاء فيها رمضان هذه السنة ستؤدي حتما إلى تغييرات في العادات والسلوكيات خاصة في الجانب النفسي. مشيرا إلى أن الصيام من الجانب الطبي يخضع لنفس شروط وقواعد الظروف العادية خلال زمن “كورونا”.

وأوصى المتخصص في الطب الرياضي في حوار ضمن سلسلة حوارات تنشرها جريدة العمق خلال شهر رمضان بعدم صيام المريض بكورونا درءا لمخاطر المرض، خصوصا في ظل غياب معلومات كافية حول تأثير الصيام على المريض، مشيرا إلى أنه لا يوجد في الوقت الراهن دليل علمي على دور الصيام في الوقاية من الإصابة بهذا المرض.

ووجه “خرشافي” محموعة من النصائح للصائمين بخصوص العادات الغذائية، إذ شدد على اتباع نِظامٍ غذائيٍّ متوازن من خلال تحضير المأكولات التي تحتوي على جميع المجموعات الغذائية، محذرا في الوقت نفسه من الإفراط في الأغذية كما وكيفا.

وشدد المصدر ذاته على ضرورة الحفاظ على توزيع الوجبات (3 وجبات) والتأني أثناء الأكل مع احترام مواعيد وعدد ساعات النوم وكذا الحفاظ على قدر من النشاط البدني.

وفي مايلي نص الحوار الكامل:

كما تعلمون دكتور، المغاربة كباقي مسلمي العالم يستقبلون رمضان هذه السنة في ظروف حرجة بسبب وباء كورونا الراهن، ما هي بعض النصائح التي يمكن تقديمها للمواطنين حتى لا تفسد كورونا بهجة رمضان؟

في البداية لابد من الإشارة إلى أن للصيام فوائد صحية علاجية ووقائية مثبتة علميا على العديد من الأمراض كما له دور مهم في تقوية المناعة. كما أن له أضرار ومضاعفات على العديد من الأمراض الأخرى وجب معها ضرورة الإفطار لتجنب الإضرار بالنفس وهو ما أكد عليه ديننا الحنيف الذي هو دين عقل ودين مصلحة قبل كل شيء.

بالنسبة لرمضان لهذه السنة، فهو يأتي في ظروف استثنائية تزامنا مع وباء “كورونا” وظروف الحجر الصحي مما سيؤدي إلى تغييرات في العادات والسلوكيات خاصة من الجانب النفسي. أما من الناحية الطبية العلمية، فالصيام يخضع لنفس الشروط والقواعد كما في الظروف العادية.

وخلافا لما يتم تداوله حول الصيام ومرض “كورونا”، فليس هناك سبب علمي لإفطار غير المريض بدعوى تجنب الاصابة. كما أن المريض بهذا المرض يجب عليه تجنب الصيام درءا للمخاطر، في ظل غياب معلومات كافية حول تأثير الصيام على المريض، على اعتبار “كورونا” مرض مستجد وليست هناك دراسات علمية حول تأثير الصيام، كما أنه ليس هناك دليل علمي على دور الصيام في الوقاية من الإصابة. فالصيام إذن، يجب أن يتم كما هو مألوف مع تجنب الصيام للمرضى كما ينصح بذلك المتخصصون.

تتغير العادات الغذائية عند المغاربة خلال شهر رمضان، ماهي نصائحكم للصائمين بخصوص الوجبات الغذائية خلال هذا الشهر وخاصة في الأيام الأولى منه؟

بالنسبة للصيام فهو وسيلة لتغيير مجموعة من العادات الغذائية السيئة، وهو الهدف منه، بالإضافة للهدف الروحي، لكن واقع الحال لدينا يقول غير ذلك، فشهر رمضان مناسبة لمجموعة من الممارسات الغذائية الخاطئة.

كما أن هذا الشهر الفضيل يعتبر من الناحية العلمية فرصة كبيرةً للتخلص من العادات الغذائيّة السيّئة، ومحاولة للاعتياد على الطعام الصحيّ؛ ويكون ذلك باتِّباع نِّظامٍ غذائيٍّ متوازن من خلال تحضير المأكولات التي تحتوي على جميع المجموعات الغذائية؛ والتي تشمل: النشويات، والفواكه، والخضروات، ومنتجات الألبان، والأطعمة الغنيِّة بالبروتين؛ كاللحوم، والأسماك؛ لتزويد الجسم بكافة احتياجاته من العناصر الغذائيّة، والسوائل.

كما أنه من الضروري عدم الإفراط في الأغذية كما وكيفا (خاصة السكريات)، كما يجب الحفاظ على توزيع الوجبات (3 وجبات) والتأني أثناء الأكل مع احترام مواعيد وعدد ساعات النوم (7 ساعات على الأقل) وكذا الحفاظ على قدر من النشاط البدني.

لا يفوتني أن أؤكد على فوائد بعض العادات الغدائية المغربية من قبيل الإفطار على حبات من التمر والماء أو الحليب والحريرة المغربية الغنية بالألياف والنشويات. كما ننصح باستعمال العصائر الطبيعية. وتناول “الطاجين” المغربي الذي يعتبر غذاء متوازنا ومتنوعا، وتقليل الدهون والسكريات وتجنب المقليات.

إجمالا يجب التقليل من استهلاك الحلويّات، وتجنّب تناول الأطعمة المُصنّعة بشكلٍ كبير، والتي تحتوي على كميّاتٍ كبيرةٍ من الكربوهيدرات المكررة، كالسكر والطحين الأبيض، بالإضافة إلى الأطعمة عالية الدهون، كالحلويات الشائعة في رمضان، إذ إنّ هذه الحلويّات تحتوي على كميّاتٍ كبيرةٍ من الدهون، بالإضافة إلى كونها فقيرةً بالعناصر الغذائية المفيدة للجسم. وتجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين؛ كالشاي، والقهوة، والكولا، وذلك لأنها تُعتبر مُدرة للبول، وبالتالي فإنّها قد تؤدي إلى الجفاف.

بخصوص وجبة السحور هناك من الناس من يستغني عن هذه الوجبة، فهل ترون ذلك صحيا؟

كما سبق أن أشرنا إلى ذلك، يجب توزيع الوجبات على 3 وجبات منتظمة ومتوازنة : فطور ، وعشاء، وسحور. هذه الأخيرة لها أهميتها لكونها مصدر الطاقة ليوم كامل من الصيام، لذا وجب التأكيد عليها وتأخيرها ما أمكن (حتى السنة النبوية نصحت بذلك) خاصة لبعض الفئات كالأطفال والمسنين والحوامل والمرضعات رغم أن للحالتين الأخيرتين رخصة الإفطار.

فوجبة السحور من أهمّ الوجبات خلال شهر رمضان، إذ إنّها تزوّد الجسم بالطاقة خلال اليوم كما أنَها تُخفِّف من الجوع الشديد، والصُداع، وفيما يأتي بعض الخيارات التي يُنصح بتناولها في وجبة السحور: الخبز الكامل مع الجُبن، مشتقات الحليبٍ خاصة قليلة الدسم. الفواكه الطازجة؛ خاصة الافوكادو، أو الفواكه المُجفّفة؛ كالتمر، المكسرات غير المملحة، الخضروات، والبيض.

كما ينصح بتجنب تناول الأطعمة التي تحتوي على الملح بكمياتٍ كبيرةٍ؛ ومنها: اللحوم المُصنعة كالنقانق، ومنتجات الأسماك، والزيتون. ويستحسن استهلاك السكريات السريعة.

أجمع الأطباء وأخصائيو التغذية على أهمية ممارسة الرياضة في جميع الأوقات والحالات من أجل المحافظة على الوضع الصحي السليم، هل من الممكن ممارسة الرياضة أم يفضل الامتناع عنها خلال رمضان؟ وكيف يمكن ممارستها في ظل الحجر الصحي؟

الرياضة أو النشاط البدني ضروري خلال شهر رمضان للحفاظ على اللياقة البدنية لكن يجب احترام بعض الشروط وتفادي بعض العادات السيئة:

فلا ينصح بممارسة الرياضة في ساعات الظهيرة، إذ يكون الطقس حاراً أو خلال ساعات الصوم الأولى لتجنب استهلاك الطاقة، أوفي ساعات الصوم المتـأخرة لأن الجسم يكون في هذه الفترة مرهقاً تنقصه السوائل، أي يكون في حالة من الجفاف.

والوقت المفضل لممارسة الرياضة هو قبيل موعد الإفطار مباشرة، إذ تأتي وجبة الإفطار لتساعد في عملية تعويض مخزون الطاقة، أو بعد وجبة الإفطار بساعتين على الأقل، حتى تنتهي عملية الهضم وهذا الأخير هو الأفضل.

بالنسبة لنوع النشاط فهو نفسه قبل رمضان مع تكييف الحدة والمدة حيث لا تتجاوز المدة 45 دقيقة مع الحرص على توقيف النشاط في حالة الإرهاق. كما يجب الزيادة في حجم السوائل غير المحلاة والحرص على الأغذية الغنية بالنشويات والبروتينات والأملاح (الخبز الكامل – الأرز – الخضر – الفواكه – اللحوم والاسماك – مشتقات الحليب والبيض).

أما بالنسبة لظروف الحجر الصحي فيمكن ممارسة تمارين رياضية بسيطة في البيت، كما يمكن الاستعانة في هذا الصدد ببعض المواقع المتخصصة على الانترنيت.

من بين الأمور التي اعتاد عليها البعض خلال رمضان هي السهر حتى ساعات متأخرة تليها ساعات طوال من النوم خلال النهار، ما مدى خطورة هذه الممارسات على صحة الإنسان؟

شهر رمضان ليس مناسبة للتكاسل والإفراط في النوم لأنه سيكون عكس المغزى من الصيام كما أن الإفراط في السهر وتغيير مواعيد النوم يشكل عاملا سلبيا على الصحة بشكل عام، حيث تؤثر قلة النوم وجودته على قدرات التعلم والتفكير وتعيق القدرة على الانتباه واليقظة والتركيز، مما يؤدي الى صعوبات في التعلم والعمل.

كما أن قلة النوم يساهم بشكل كبير في ارتفاع نسبة الحوادث وبالأخص حوادث السير بالنسبة للسائقين الصائمين. كما تؤدي قلة النوم أيضا إلى اضطراب المزاج. ومن شأن قلة النوم أن تؤدي إلى مضاعفات ومشاكل صحية خطيرة (منها: أمراض القلب، النوبة القلبية، الفشل القلبي، مرض السكري، ارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية).

إن الحفاظ على نمط نوم صحي خلال رمضان يساعد على التقليل من الآثار السلبية المترتبة عن قلة النوم، ولتحقيق ذلك إليكم النصائح التالية:

• النوم لمدة كافية (7 ساعات على الأقل) وفي الأوقات المناسبة (الليل وليس النهار)
• تجنب تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين قبل النوم.
• عدم ممارسة أي نشاط بدني قبل ساعة من النوم تقريبا.
• تجنب تناول الطعام في الثلاث الساعات تقريبا قبل النوم.
• تجنب تناول أطعمة من شأنها أن تؤدي إلى الأرق في النوم خلال وجبة السحور.

وفي الأخير وجب التأكيد على أن فترة الحجر الصحي لا يجب أن تغير من الشروط الصحية للصيام والتغذية والنشاط الرياضي خلال رمضان. كما استغل الفرصة للتأكيد على ضرورة احترام إجراءات الحجر الصحي والتباعد الجسدي (وليس الاجتماعي) والإجراءات الحاجزية (mesures barrières) كالكمامات ومسافة الأمان للخروج إن شاء لله من هذه الأزمة بأمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *