أخبار الساعة، أدب وفنون

البيبليوغرافي المغربي قاسمي يكشف أسباب غوصه في هذا الاختيار الأكاديمي (حوار)

حوار مع البيبليوغرافي المغربي محمد يحيى قاسمي

حاورته كل من: شيماء المرابط ورانية حلوان

س- تخصصت في علم البيبليوغرافيا منذ تسعينات القرن الماضي، فما هي أسباب هذا الاختيار الأكاديمي؟

يعود هذا الاختيار لسببين:

أولهما الفراغ الذي وجدته في الساحة الثقافية المغربية مقارنة بدول عربية خطت خطوات كبيرة في مجال التوثيق عموما، ومجال البيببليوغرافيا تحديدا. وأستثني هنا بعض الأعمال الرائدة التي توقفت للأسف في بداياتها، ولم يكتب لها الاستمرار.

أما السبب الثاني في هذا التخصص فيرجع إلى ميولاتي الرياضية منذ التعليم الأولي والإعدادي والثانوي التي تعتمد على الإحصاء والأرقام. غير أن توجيهي– خطأ- إلى شعبة أدبية حال دون الغوص في العلوم الرياضية. ولكني استثمرت هذه (الموهبة الرياضية) في الدرس الأدبي.

س- ما هي العلاقة القائمة بين مؤلفاتك في علم البيبليوغرافيا.. علاقة اتصال أم انفصال؟

باستثناء كتاب (ظلال الكاتب) الذي هو كتاب نقدي صرف فإن المطلع على مؤلفاتي التي تبلغ لحد الآن 24 مؤلفا يلحظ انسجامها وارتباطها وتصنيفها ضمن ما يسمى بالبيبليوغرافيا الأدبية المتخصصة إضافة إلى أنها تخدم الأدب المغربي الحديث بخاصة والأدب المغاربي بعامة دون غيره من المعارف الأخرى. وهذا الأمر مرتبط طبعا بالتخصص الذي أشتغل به في أبحاثي الجامعية.

س- ما الإضافات التي قدمها كتاب “بيبليوغرافيا المبدعات المغاربيات”، وما الخصوصية التي تميز بها هذا الكتاب المشترك؟

الجواب عن القيمة التي يقدمها أي كتاب لا يمكن أن تصدر عن مؤلفه، فالحكم يرجع حتما للمتلقي. فهو الكفيل بالتقويم بناء على حجم استفادته من هذا المؤلف أو ذاك.

أما عن الخصوصية التي يتميز بها كتاب (بيبليوغرافيا المبدعات المغاربيات) فيمكن الإشارة إلى أمور عدة منها :

أنه ليس أول عمل مشترك بل هو الرابع من نوعه بعد بيبليوغرافيا الشعر(مع أحمد سيحال) وبيبليوغرافيا الرواية المغربية (مع عبد الرحيم العلام) وبيبليوغرافيا المسرح المغربي (مع مصطفى رمضاني).

أن الاشتراك كان مع كاتبة (أنثى)، وهو أمر مقصود، إذ غالبا ما أستئنس في بعض أبحاثي البيبليوغرافية ببعض المتخصصين (مصطفى رمضاني في المسرح) ، زهور كرام (في الإبداع النسائي) ، عبد الرحيم العلام (في الرواية).

أن الاشتراك مع زهور كرام كان نتيجة اهتمامنا المشترك بالأدب المغاربي، فمن ناحيتي سبق لي أن اشتغلت بهذا الأدب مع طلبة وحدة الأدب المغاربي بكلية الآداب وجدة ، وتوج هذا الاشتغال بإصدار كتاب (بيبليوغرافيا الأدب المغاربي المعاصر) . ومن ناحيتها كانت الأستاذة مسؤولة عن وحدة خاصة بالأدب المغاربي.
ملاحظة إضافية أخيرة هي أنني أعتبر هذا الكتاب استل من الكتاب الأصلي (بيبليوغرافيا الأدب المغاربي المعاصر.

س- باعتبارك مهتما ببيبليوغرافيا الإبداع بصفة عامة والنسائي بصفة خاصة، ما موقفك من هذا الأخير؟

اهتمامي بالكتابة النسائية لا يصدر عن تحيز لهذا الجنس أو ذاك، ولا يصدر عن تمييز بين الجنسين. ولكن الساحة الثقافية العربية على العموم والمغربية بالخصوص أثبتت أن هناك تراكما إبداعيا مهما من لدن المرأة، لذلك وجب الاهتمام بهذه الظاهرة ومقارنتها من حيث الحصيلة والخصوصية.

والدليل على ما أشرنا إليه هو فتح ماستر للكتابة النسائية في عدة كليات، وتوالي الإصدارات الخاصة بالكتابة النسائية إلى حد أصبحت تشكل مكتبة نسائية ذات حجم كبير.

س- هذا المشروع الذي لا تزال تخرجه في أعمال متواترة يمثل دليلا للقارئ والباحث والناقد إلى الأدب المغربي، لكن كيف السبيل للوصول إلى هذه العناوين؟ ألا ترون أننا لا نتوفر على هذه الذخيرة أو المدونة الأدبية والتي لا نعثر عليها مجتمعة لا في المكتبة الوطنية ولا غيرها؟

للأسف هذا الأمر يقوله باحث متكل ومعتمد على الموجود. ولكننا ننسى أن القدامى كانوا يسافرون من أجل توثيق حديث واحد،أو من أجل البحث عن نسخة قريبة من المؤلف إذا كان الأمر يخص تحقيق مخطوط مثلا . وكان الباحث يرتاد الخزانات العامة والخاصة للاطلاع على مؤلف مفقود .

لذلك أقول- كما قال الجاحظ يوما -هذه العناوين مطروحة في الطريق وعلى أرصفة الكليات، وعلى رفوف المكتبات والمكتبيين. وهي تنتظر من يقتنيها ، ويكفي أن يجتهد الباحث حتى يصل إليها لأنها ليست في حكم المفقود وإلا كيف وصلت إليها البيبليوغرافيا ووثقتها وبينت محتوياتها ومضامينها.

ألا يحق لي أن أتساءل بدوري : كيف توصلت بإمكانياتي المحدودة إلى هذه العناوين كلها ويستعصي الأمر على الآخرين؟

س- ارتباطا بوسائط التواصل الجديدة ألا ترون بأهمية انتقال مشروعكم إلى المستوى الرقمي وجعل هذه البيبليوغرافيات متاحة في الفضاء الافتراضي، كما قمتم بهذه المهمة في كتاب ” سيرورة القصيدة سنة 2000، والأمر نفسه بالنسبة إلى بيبليوغرافيا الرواية. ألم يحن الوقت لرقمنة هذه الموسوعة البيبليوغرافية؟

للحقيقة والتاريخ، أنا لا أنقل مؤلفاتي الورقية إلى العالم الرقمي، لأن هذه العملية تقتل الكتاب الورقي من جهة، وتجعل مشروعك العلمي عرضة للقرصنة من جهة ثانية، وتخرق من جهة ثالثة – وهذا هو الأهم – ميثاقا أخلاقيا بيني وبين المؤسسات ودور النشر التي تتكفل بنشر بعض مؤلفاتي. فلا حق لي في نقل هذه المؤلفات إلى العالم الرقمي وحقوق النشر بيد هذه المؤسسات .

أما الأعمال المشار إليها فقد كانت بمبارة من بعض الذي توصلوا بطريقة أو أخرى بأعمالي مرقونة. ولا ألومهم على ذلك، بالعكس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *