رمضانيات

“صحافة الأمس” (8): ملك إسبانيا ألفونسو 13 يزور تطوان بعد استسلام الخطابي

“صحافة الأمس”.. إطلالة قصيرة خلال أيام رمضان على مغرب الأمس بعيون صحافيين كانوا يرزحون تحت رقابة الاستعمار الفرنسي والإسباني أو تحت رقابة المخزن، ويشتغلون بوسائل بسيطة. ونفض للغبار في كل مرة على خبر من مجلة أو جريدة صدرت قبل عقود من الزمن.

كانت منطقة الحماية الإسبانية بالمغرب في عهد الاستعمار مشتعلة قبل سنة 1926، حيث تلقت إسبانيا هزيمة نكراء على يد جيش المقاوم محمد بن عبد الكريم الخطابي عام 1921 في معركة أنوال، قلب أن تنقلب الموازين لصالح الاستعمار ويستسلم الخطابي.

وبعد الخطابي استمرت عصابات من المقاومين، بقيادة محمد بن على الخمليشي الملقب “بالسليطن” في إرباك الاستعمار، قبل أن يضطر هو الآخر للاستسلام في يوليوز 1927. بعد استسلام “السليطن” الذي عرف بـ”آخر الثوار” بأسابيع فقط، قرر ملك إسبانيا ألفونسو الثالث عشر زيارة تطوان وعدد مناطق الحماية الإسبانية.

زيارة وهدايا

خصصت مجلة “الاتحاد” التي كانت تصدر بمدينة تطوان، جل صفحات عددها الثامن الصادر في شتنبر من عام 1924 للزيارة التي قام بها ألفونسو الثالث عشر وزوجته فيكتوريا لمدينة تطوان، كما نشرت صورا توثق لهذه الزيارة والأنشطة التي باشرها ملك إسبانيا آنذاك، والاحتفال الذي استقبل به والهدايا التي تلقاها.

وحسب ما ذكرت “الاتحاد”، فإن خليفة منطقة النفوذ الإسباني الحسن بن المهدي، هو من استقبل ملك إسبانيا، إذ نشرت صورة لهما معلقة عليها “صورة جلالة ملك إسبانيا مع سمو الخلفية وهما يشاهدان عرض العساكر”.

وكشفت تغطية المجلة أيضا حصول الملك وزوجته غلى الكثير من الهدايا من القياد والأعيان وعدد من شخصيات الاستعمار بالمنطقة ووفود القبائل، حيث نشرت صورة وكتبت أسفلها، “صورة وفود القبائل الجبلية الآتين للسلام على ملك وملكة اسبانيا حاملين الهدايا الثمينة”.

“صورة بعض الخيول المطهمة والجمال الجميلة والتحف الثمينة من غوالي الجواهر والذهب والفضة والزرابي والأقمشة المطرزة والمزركشة وخلاف ذلك من الهدايا التي قدمها أهالي المنطقة لجلالة ملك وملكة اسبانيا المعظمية”، تضيف المجلة في وصفها لإحدى الصور التي تظهر الهدايا.

ولم يقف تبجيل القواد المقربين من الاستعمار لألفونسو الثالث عشر عند هذا الحد، بل إن أحدهم سجد أمام الملك وعفر جبينه بالتراب، حسب ما تظهر صورة للمجلة أرفقتها بعبارة “جريا على القاعدة المألوفة إن أحد قياد الجبالة يعفر الجبين أمام جلالة ملك اسبانيا كما ترى سيادة قايد المشوار السعيد يحاول نهضه ماسكا اياه بسلهامه”.

“تنزيهة”

وتطرقت المجلة ذاتها إلى جولة لزوجة ألفونسو الثالث عشر بالمدينة، في خبر بعنوان “تنزيهة في شوارع تطوان”، قائلة إن الملكة أرادت “أثناء إقامتها في هذه العاصمة التطوانية التجول في بعض شوارعها العربية وحرماتها الطبيعية برفقة سعادة رئيس الوزارة ألخينير بيمو دي ريبيرا والسيدات رفيقاتها وأكابر منطقة الحماية، قد خصصت المساء للغاية المذكورة للتجول في العاصمة التي هي من أجل مدن البلاد المغربية”.

واسترسلت المجلة “وقد تجردت جلالتها من كل مظاهر العظمة التي لها وتنصلت من كل فخفخة سلطاتها ورفعتها وتظاهرت كأحد النساء العاريات عن كل صفة سلطانية رغبة من بالتقرب من المسلمين التي لهم بقلبها محبة عظيمة وبمشاهدة جمال الهندسة العربية المشيدة عليها من الديار التطوانية، فاجتازت في الزنايق الضيقة والمعوجة ووقفت مرارا متأملة في جمال صنعة صوامع الجوامع وتنازلت ودخلت إلى دار عبد الكريم اللبادي ودار السيد عبد السلام بن محمد الحاج حيث أطالت الزيارة وفي كل مكان كانت تتكرر عبارات اانشقافها بما رأت وانشراحها مما شهدت”.

وتتابع المجلة في خبرها الذي بالغ في تبجيل الملكة “وفي كل موضع مرت كانت تخلب القلوب بلطفها وكمالها وتسبي العيون بحسنها وجمالها”، مضيفة “عندما كانت جلالة الملك تجتاز الأزقة والشوارع الآهلة كان الأهالي يشعرون بقوة منعشة في نفوسهم لذلك الوداد والتعلق وكانوا يجاهرون بالدعاء لها بالنصر ويمطرونها بالزهور والرياحين من كافة السطوح والشرفات والنوافذ والأبواب إذ كانت النساء المسلمات المتشحات بالوشاح الناصع محتشدات كالبناء المرصوص وكطيور الحمام فوق الآكام”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • محمد الصادق العسري
    منذ 4 سنوات

    عندي فيديو لهذه الزيارة وكذلك بعض الصور٠ وكانت هذه الزيارة في تطوان 27 إكتوبر 1927