مجتمع

“ح 2” من “لا مستحيل”.. فاطمة تتحدى إعاقتها البصرية لتتفوق في المعلوميات بالجامعة (فيديو)

سناء كريم

بالإرادة وقوة التحدي، استطاعت “فاطمة كنيني “، تحقيق أهدافها، وأحلامها بخطوات محددة، ومحسوبة، لتجعل من إعاقتها محفزا لها للمضي قدما في الحياة.

“فاطمة”، طالبة بالسنة الثانية ماسر، شعبة Génie logiciel pour le Cloud، خسرت عيناها وهي في العشرين من عمرها بسبب مرض ألَمَّ بخلايا الشبكية، اكتشفت بعد مسيرة من العلاجات، أن سببه قرابة والديها.

عاشت “فاطمة” معاناة حقيقية، سيما وأن إعاقتها حديثة، فلم يكن تقبل هذا الواقع بالسهل، إلا أنها استطاعت أن تستيقظ من الصدمة فتفردت لتبدع في المجال الذي اختارته.

بنبرة حزينة تروي فاطمة قصتها لـ”العمق”: “ولدت بشكل عادي، وحياتي كانت عادية، بعد الباكالوريا علوم فيزيائية، تسجلت في كلية إبن طفيل بالقنيطرة حيث أسكن، بشعبة المعلوميات التي أعشقها..لكن بعد بلوغي عشرين سنة، تفاجأت بمرض في عيني، وبعد مسار طويل لدى الأطباء، صدمنا بكون هذا المرض بسبب عمومة والداي”.

عاشت فاطمة أزمة حقيقية سنة 2012، لم تفلح العلاجات الطبية لتجاوز المرض، فأصيبت بالعمى سنة 2013، تقول:” كانت لدي تساؤلات كثيرة، كيف أستطيع العيش بهذه الإعاقة البصرية، وكيف سأتعايش معها وقد أخذت حياتي مسارها..”.

لم تستطع “فاطمة” وهي تحكي مسار حياتها إيقاف الدموع التي أبت إلا أن تسجل لتلك اللحظات الأليمة، سيما حين تذكرت أشهرا توقفت عن دراستها بالجامعة السنة الثانية، بل أوقفت كل حياتها في انتظار الآتي المظلم”.

لكن، إرادة “فاطمة” وإصرار والدتها سرَّعا بإيجاد الحل، وللخروج مرة ثانية إلى الحياة..فكانت البداية من الصفر، اضطرت “فاطمة” إلى تعلم طريقة برايل للمكفوفين بمؤسسة خاصة بمدينة سلا..هناك بدأت بوادر الأمل تظهر في الأفق..تقول:” هناك اكتشفت أن المكفوفين يتعاملون بالأجهزة الإلكترونية، بداية من الهاتف الذي يضيفون فيه برامج خاصة تساعدهم على استقبال المكالمات وإرسال الرسائل النصية، ونهاية بالعمل على الحاسوب، ومن تم اكتشفت بإمكاني استكمال حياتي بالشكل الذي خططت له، ويمكنني إكمال دراستي في الشعبة التي اخترتها وتعجبني”.

صعوبات كثيرة اصطدمت بها “فاطمة”، ضعف وأحيانا انعدام الولوجيات الذي يعد مشكلا حقيقيا لدى الأشخاص في وضعية إعاقة، بالإضافة إلى كثرة الحفر بالأزقة وأحيانا الشوارع..ولأنها كانت تُحرَج من استعمال العصا لمساعدتها على السير في البداية، كانت المعاناة مضاعفة.

لكن، وبمساعدة أخيها الأصغر، الذي كان سندا وعونا حقيقيا لها، والذي صار صديقا لها بعد محنتها، كانت تتحرك بشكل سلس صحبته.

عادت “فاطمة” إلى مدرجات الكلية، حيث وجدت الجميع مرحبا بها فتبددت جميع مخاوفها، هناك بدأت مسارا جديدا في دراسة المعلوميات لتصير أول “مكفوفة” على المستوى المغربي والعربي تدرس هذه الشعبة الصعبة.

وبالموازاة مع الدراسة، اشتغلت “فاطمة” بالتحالف للنهوض بوضعية الأشخاص في وضعية إعاقة، حيث تم تكليفها بمشروع في مجال “الإعاقة”، ورغم عدد من النجاحات التي حققتها..إلا أن أمنية “فاطمة” الحقيقة هي إنشاء شركة للمعلوميات، وهو الحلم الذي تصر على تحقيقه، حيث بالإرادة والعزيمة “لامستحيل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *