اقتصاد

النوحي: القضايا المالية ستصبح في قلب النقاش العمومي بعد جائحة كورونا

قال جواد النوحي أستاذ التعليم العالي في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال، والمتخصص في الصفقات العمومية، إن “القضايا المالية ستكون في قلب النقاش من بعد جائحة كورونا، لأن هناك تأثير كبير على تدبير المالية العامة، وما يترتب عنها في تنفيذ العديد من النفقات، من بينها الصفقات العمومية ومجموعة من المشاريع التي قد تتأخر نتيجة حالة الطوارئ الصحية”.

جاء ذلك خلال مداخلة له، في ندوة “فيروس كورونا.. قراءات متقاطعة”، نُظمت أمس الأربعاء، عن بعد، من طرف كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، مع مركز للدراسات الاستراتيجية في القانون والاقتصاد والتدبير، وبشراكة مع المؤسسة الألمانية كونراد إديناور،

واعتبر النوحي أن “منظومة الصفقات العمومية الآن في حاجة لمواكبة التحولات الكبرى في التدبير، مثل العلاقات التعاقدية، لتُجيب على كيفية الموازنة بين المصلحة العامة للدولة وحقوق وضمانات أصحاب المشاريع”.

وأشار إلى غياب التوصيف على حالة الأوبئة في مدونة الالتزامات والعقود، وباقي النصوص التشريعية الأخرى، رغم أن التاريخ الإنساني عرف العديد من الأوبئة، مشددا على “أن ما يهم في القوة القاهرة ثلاثة عناصر، هي أنها حدث خارج عن إرادة المتعاقدين، ولا دخل للإرادة في وقوعه، وحدث غير مرتقب لم يكن في الحسبان”.

وعَرف النوحي القوة القاهرة، على أنها “حدث مستقل عن إرادة المتعاقدين وغير مرتقب، يمتنع معه بصورة مطلقة تنفيذ العقد بكامله، أو تنفيذ أحد المجيبات التعاقدية”، مشيرا للفصل 269 من قانون الالتزامات والعقود الذي يقول “إن القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية، الفياضانات، والعواصف والزازل والحرائق”.

وجوابا على سؤال هل القوة القاهرة الآن (كورونا) يجب أن تنطبق على كل صفقات الأشغال؟، قال النوحي، إنها “لا تنطبق عل كل صفقات الأشغال، فهي في تقدير كل حالة على حدى، لأن بعض المقاولين قد يتمكنوا من إنجاز الأعمال، في حين أن بعض المقاولين الآخرين قد يتعذر عليه، إما لعدم توصله مثلا بالسلع، أو بعدم التحاق العمال نتيجة تدابير الحجر الصحي”.

ودعم المتحدث طرحه، عبر حكم لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، سنة 2008 اعتبر أنه في حالة أن الأصل هو التزام المتعاقد بتنفيذ العقد إلا في حالة القوة القاهرة، ولكن تكون فيه استحالة مُطلقة، واعتبر في القضية المعروضة عليه “إن المرض الذي أصاب المتعاقد فرض ثبوته لا يشكل إلا ظرفا مؤقتا، ولا يصل إلى شكل قوة قاهرة”.

وأضاف، أن لجنة الصفقات في رأي 228/1 ل12 دجنبر 2001، التي حاول أحد أصحاب الصفقات أن يعتد بالقوة القاهرة لتبرير تأخر الصفقة، ومن تم عدم التعرض للجزاءات بحكم أن هناك زلزال ضرب في التايوان، وأنه لم يتمكن من حصول التوريدات من شريكه الفرنسي”، فاعتبرت اللجنة أنه لا يدخل في القوة القاهرة لأنه كان بإمكانه اللجوء إلى إمكانيات أخرى من أجل تنفيذ التزاماته.

وزاد النوحي، بأنه “بالرجوع إلى دفتر الشروط الإدارية للعمل لسنة 2016، نجدها قد أشارت إلى نقطتين تتعلق بالقوة القاهرة، ويتعلق المقتضى الأول بالمادة 8 التي أكدت أن أجل تنفيذ الصفقات العمومية غير قابل للتغيير، غير أنه أشار إلى إمكانية وجود أجل إضافي في عدد من الحالات، من بينها القوة القاهرة”.

وأضاف: “لكن الفصل الأكثر تطرقا للقوة القاهرة هو المادة 47 من دفتر الشروط الإدارية العامة، الذي تكلم عن القوة القاهرة وحدد المسطرة، وهي أن صاحب الصفقة يُرسل رسالة مضمونة داخل أجل سبعة أيام سبعة أيام، إلى صاحب المشروع ليبلغه بالعناصر المؤلفة للقوة القاهرة، وتبعاتها المحتملة على إنجاز الأشغال”.

وتابع قوله: وهنا يبقى لصاحب المشروع التقدير، هل يدخل في حالة القوة القاهرة أم لا، وفي حالة رفض صاحب المشروع، فهناك الضمانات أمام المقاول إما الطعن أمام المحكمة الإدارية أو اللجوء إلى اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية”.

وأردف بالقول: “لكن هناك مقتضيات أساسية، تتمثل في كون أن صاحب الصفقة ملزم بإنجاز العمل مع انتهاء ظروف القوة القاهرة، لكن إذا ما تجاوزت هذه الوضعية ستين يوما، فإنه يمكن فسخ الصفقة، إما وفقا لإرادة صاحب المشروع، أو تحت طلب المقاول”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *