منتدى العمق

رأي في ظاهرة اجتماعية

من الإشكالات التي نلاحظها في أسرنا اليوم، ما يصدر عن الأبناء، وخاصة البالغين منهم، من صور التمرد الاجتماعي على الآباء، وعدم الرغبة في الاستماع الى نصائحهم التي تساعدهم على النجاح في هذه المرحلة العمرية. وصاحب ذلك انفلات وانعزال دائم عن الأسرة وهروب من المسؤوليات. ويمكن تفهم هذا الأمر في حياة البالغين؛ إن لم يتجاوز الحد الطبيعي.

في خضم هذا الوضع داخل الأسرة نجدهم خارجها أكثر اندماجا مع زملائهم وأصدقائهم ، وفريق دراستهم؛ تجدهم أكثر انطلاقا في الحديث، أكثر حرية في التعبير عن مشاعرهم المختلفة، وعن أخص خصائص حياتهم الشخصية والعاطفية والأسرية، وعن همومهم الحياتية والاجتماعية، وعن أفكارهم وآفاق طموحاتهم وتحدياتهم التي يوجهونها.

إنهم يشعرون بكثير من الراحة عند جلوسهم إلى زملائهم، بل لربما أصبحت ثقتهم بهؤلاء الأقران والأصدقاء أكبر من ثقتهم بآبائهم، وهذا أمر يدعو إلى التفكير والمراجعة وإثارة أسئلة من قبيل: لماذا لا يجد البالغون في جلسات آبائهم ما يجدونه مع آبائهم؟ كيف يمكن تفسير هذه الظاهرة التي نراها على الأبناء بشكل كبير في المدارس؟ وماهي الحلول الممكنة لتجاوز ذلك؟

أقول بأن ما نراه من قوة ارتباط وتفاعل في العلاقة بين البالغين وزملائهم، يمكن أن يكون مؤشرا على طبيعة العلاقة مع الآباء والأولياء، فحين فقد الطفل حياة ملؤها الحب، والعطف، والحنان، والتفهم والحوار الدائم، والإنصات إلى همومه ومشاكله من قبل الآهل داخل الأسرة…، كان من الطبيعي أن يسعى الأبناء للبحث عن هاته العواطف والمميزات خارج البيت، ومنهم من وجدها ـ أعني العواطف ـ فعلا بين أقرانه فارتمى في أحضانهم، ضاربا عرض الحائط كل ما يمت بصلة لأسرته الأصل.

وعليه فالمطلوب من الأسرة، وهي تحاول إقامة علاقة جديدة مع الطفل، لتستوعبه داخل فضائها، أن توفر له أعلى قدر ممكن من صور الحوار والاحتضان والتقبل وغيرها من الحاجيات الضرورية التي تعتبر ركيزة أساسية لتنشئة الطفل تنشئة سليمة.

هذا رأي من بين أراء كثيرة في هذا الموضوع، يحتاج الى مقالات أخرى أكثر تفصيلا وتحليلا واقتراحا للحلول من اجل تجاوز هذه المعضلة التي أصبحت تؤرق بال غالب أسرنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *