مجتمع

حمادة لـ”العمق”: مقاربات ملف “الإرهاب” تغيرت ومشروع “مصالحة” يحتاج إلى تقييم وتقويم

تحل اليوم السبت، الذكرى 17 لأحداث 16 ماي الإرهابية، التي شهدتها مدينة الدار البيضاء سنة 2003، والتي أدت إلى وفاة 45 شخصا، وجرح آخرين، وهي الذكرى التي تأتي هذه السنة في ظل الحجر الصحي بسبب وباء كورونا المستجد كوفيد 19.

ملف “الإرهاب” عمر لسنوات كثيرة دون أن يجد طريقه للحل، إلا أنه عرف تغييرات جذرية في التعاطي معه، سواء على المستوى الاجتماعي، أو الحقوقي، أو الأمني، أو على مستوى المحاكمات.

وفي تصريح لـ”العمق”، أكد منتصر حمادة، الكاتب والباحث في الشأن الديني، على أن تدبير الدولة المغربية لظاهرة “التطرف العنيف”، يندرج ضمن ملف أكبر، عنوانه تدبير ملف الحركات الإسلامية، وتتوزع على ثلاثة تيارات، دعوية وسياسية وقتالية، والتي تصنف في خانة “التطرف العنيف” أو ما كان يصطلح عليها بـ”الإرهاب” سابقا.

وأضاف منتصر، أن “ملف المعتقلين الإسلاميين المتورطين في قضايا “التطرف العنيف”، عرف تحولاً كبيراً في التفاعل الذي ساد مباشرة بعد اعتداءات الدار البيضاء المؤرخة في ماي 2003، وبين ما نعاينه خلال السنوات الأخيرة، وإن كان العنوان الرئيسي لا يخرج عن تبني مقاربة أمنية على غرار السائد في أغلب الدول المعنية بمواجهته”.

واستدرك المتحدث ذاته قائلا إن تلك المقاربات معرضة للمراجعات، بين مقاربة الأمس التي كانت صارمة، وتسببت في مشاكل حقوقية للمغرب، إلى درجة إقرار الملك محمد السادس في حوار شهير مع صحيفة “إل بايس” بوقوع تجاوزات حقوقية، وبين مرحلة لاحقة، ومستمرة اليوم، عنوانها الأبرز المراجعات التي قامت بها الدولة المغربية، والتي أفضت إلى تبني مقاربة أمنية لينة، تتضمن عدة مقاربات موازية، وبشهادة المعتقلين أنفسهم، فالأحرى شهادات الجمعيات الحقوقية.

وزاد الباحث في الشأن الديني قائلا:” إن من نتائج هذه المراجعة الرسمية التي انخرطت فيها الدولة، إطلاق مشروع “المصالحة”، الذي يروم تشجيع المعتقلين في قضايا “التطرف العنيف” على الانخراط في “مراجعات”، عبر دورات تكوينية، تهم تحصيل مجموعة دروس قي حقوق الإنسان وعلم النفس وغيرها”.

وأضاف:”نقول هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن مشروع المصالحة، يحتاج إلى التقييم والتقويم، وخاصة فيما يتعلق بالشق الديني، بخلاف السائد في الشق الحقوقي، وما يقوم به المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على اعتبار أن الشق الديني في هذا الملف، يتطلب إعادة النظر في بعض المبادرات، من باب إغناء المشروع وصيانته”.

وتحدث منتصر حمادة عن نجاح المقاربة التي تبناها المغرب مشيرا إلى أن “من مؤشرات تميز التجربة المغربية في تدبير الظاهرة، أن المغرب أصبح يتوصل منذ حوالي عقد بطلبات إقليمية، ودولية ذات صلة بتدبير ظاهرة “التطرف العنيف”، مع أن المنطقة تضم مجموعة دول منخرطة في تدبير الظاهرة، لولا أن الطلب على التجربة المغربية مرتفع مقارنة مع الطلب على باقي التجارب”.

وبالرغم من عدد من المآخذات على برنامج “مصالحة” الذي أقدمت عليه الدول محاولة منها للطي التدريجي لهذا الملف، إلا أن العفو الملكي فتح باب المصالحة مع هذه الفئة من المجتمع، سيما في صفوف المعتقلين الذين أقدموا على مراجعات في مواقفهم وتوجهاتهم الفكرية، وأعلنوا بشكلٍ رسمي نبذهم لكل أنواع التطرف والإرهاب، حيث تم الإفراج على عدد من المعتقلين على ذمة هذا الملف بعفو ملكي في مناسبات وطنية مختلفة، وهو العفو الذي استفاد منه محكومون بمدد طويلة.

ويرتكز برنامج المصالحة حسب بلاغ سابق لمندوبية السجون وإعادة الإدماج، حول ثلاثة محاور أساسية، ويتعلق الأمر المصالحة مع الذات، المصالحة مع النص الديني، والمصالحة مع المجتمع”، كما تكرس هذه المبادرة “المبدأ الذي قامت عليه تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في صيغة جديدة تتفرد بكون المصالحة فيها صادرة عن السجناء المعنيين، مع المجتمع الذي تحمل أضرارا مادية ومعنوية بسبب أفكارهم المتطرفة أو أعمالهم الإرهابية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *