أدب وفنون، رمضانيات

كتاب “نظام التفاهة”: هكذا جعل زلزال هايتي العالم يعيش على المساعدات الإنسانية (23)

في عمق الأزمة الإنسانية التي نكابدها، تشتد الحاجة إلى أنيس يسافر بنا بعيدا، لمعرفة كيف يمضي العالم اليوم، وكيف تمتزج السياسة بالاقتصاد والإعلام، لتولد مضامين، تعمل على تشكيل وتسيير كافة جوانب عيشنا المجتمعي. لهذا اختارت جريدة “العمق” قراءة في كتاب “نظام التفاهة”، عبر حلقات يومية طيلة الشهر الفضيل، تلخص المضمون، وتحافظ على عمق المعنى. 

قراءة ممتعة…

الحلقة الثالث والعشرين: 

قال آلان، صاحب كتاب “نظام التفاهة” إنه “منذ زلزال عام 2010 الذي ضرب هايتي، صار العالم، يعيش بصورة جد جيدة على ظهر الكارثة، من خلال المساعدات الإنسانية، كما أنه غالبيتها مُول من قبل المؤسسات المنشأة بواسطة جهات الأعمال، التي إما أن تكون مضطلعة بإعادة إعمال البلاد، كِسرة بعد كِسرة، أو في طور التخطيط لكيفية نهب مواردها”.

وأضاف، أن “النتيجة هي موقف مقلوب رأسا على عقب، يقوم فيه العمل الإنساني، رغم طبيعته التلطيفية، بتهميش الحكومة إلى درجة لا يعود الناس معها يتذكرون فكرة المؤسسة العامة”، متسائلا “كيف يتسنى لهم، على أية حال، أن يؤمنوا بشيء مثل هذا عندما تكون القوى السياسية في تاريخ هايتي بأكمله لم يعرض نفسها إلا في صورة عنيفة أو سلطة أجنبية؟”.

وأوضح آلان، بأنه “بدأت حقبة انفتاح هايتي للأعمال التجارية بشكل واضح لا لبس فيه، وإن المساعدات الإنسانية تمثل للمستثمرين الأجانب استثمارا أدنى، يهدفون من خلاله إلى ضمان خضوع واحد من أفقر شعوب العالم لهذا النموذج الاقتصادي الذي يستغله”.

وبالرجوع إلى مرحلة وقوع الزلزال، زاد آلان، بأنه “في اليوم التالي للسادس من يناير 2010، قامت اللجنة المؤقتة لإعادة إعمار هايتي بوضع البلاد تحت وصاية واقعية محددة مجال عمل الحكومة بدور شكلي فقط، واشترك في ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، في رئاسة هذه اللجنة التي ضمت مجموعة غير متجانسة من الشركات الخاصة، المنظمات غير الحكومية، وكالات التمويل، دولا ذات تاريخ من التدخل السياسي في هايتي، وبعضا من ممثلي السلطات المحلية والاتحادات العمالية”.

وأكد صاحب كتاب “نظام التفاهة”، بأن “رئيس وزراء هايتي، لم يتم إشراكه في رئاسة هذه اللجنة إلا من أجل تحسين صورتها”، مشيرا لما وصفه عالم الاقتصاد فريتز ديسوم للجنة بالقول “هذه اللجنة كيان سيادي غريب وعجيب، يمكنه إمضاء العقود مع أي طرف شاء، منح الأراضي أو الإمساك بها، تشغيل التراخيص، منح الموافقات على الاستثمار، إقرار المشروعات أو رفضها، وكل ذلك من دون أي يكون هذا الكيان مسائلا”.

وأردف، “في بلد مثل هايتي مر بتجارب عديدة، لم تكن هناك أية جهة في ذلك الوقت تستطيع النظر في الموضوعات العامة من وجهة نظر شمولية، لذلك، فإن التحسن ما كان له أن يحدث إلا بشكل جزئي، فكانت المؤسسات تمنح المال لبناء عيادة هنا، أو بناء مكتبة كيفما اتفق في مكان آخر، وهكذا، كانت كل هذه الإنجازات تُعزى إلى الشركات أو المنظمات غير الحكومية التي قدمت تلك الخدمات، وبشكل عام ظلت نسبة الأمية كما هي، وبقيت شبكات شوارع المدينة خربة، واستمرت مشكلات الصرف الصحي، وصارت الدولة والمؤسسات العامة تبدو وكأنها اختفت”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *