منتدى العمق

أوروبا؛ ليس كل ما يلمع ذهبا .. تجربة عمل (ج3)

ماهي إلا دقائق معدودات حتى وصلنا إلى مكان العمل ،إنه يا سادة مكان تحملت من أجله معاناة سفر ألفي كيلومتر و يزيد تركت فيها الأهل والأحباب والوطن، تحملت كل الصعاب أخرها هذه الخمسة و الاربعون دقيقة في سيارة خوصي في زحمة و ضيق التنفس بسبب سجارته اللعينة إظافة الى أنفاس سبعة أشخاص أخرين كأننا داخل علبة مصبرات، لا أضاق الله الدنيا على احد من عباده، مكان سيكون شاهدا على اول يوم و أول تجربة عمل لي بديار المهجر.

خرجنا من السيارة و وجدت نفسي في فضاء شاسع هادئ داخل حقول بعيدة عن الساكنة و الضوضاء تحت جنح ليل بارد و ضوء قمر خافت، للوهلة الأولى خلت نفسي وكأنني في حقول غليل الحبيبة ههه، يخال إلي كأن عقارب ساعة الزمن توقفت ها هنا لتأخد نفسا مطولا إستعدادا لطلق زفير أطول، نظرت يمينا و يسارا لإستكشاف المكان كطفل صغير نام بالليل في مكان و في الصباح وجد نفسه في مكان آخر وكأنه في بيت غير بيت والديه.

أول ما لمحت عيناي، شاحنتين من الحجم الكبير واقفتيين و سائقيهما الإسبانيين يتجادبان أطراف الحديث في ما بينهما، في ما إنظم إليهما سائق السيارة خوصي الذي هو في الاصل صاحب تلك المزرعة ، بالقرب من الشاحنتين توجد بناية واحدة فقط على شكل مستطيل طويل، إنه خم الدجاج، إنه مكان العمل ياسادة، المكان الذي إنتظرته بشغف، فيما لازلت منهمكا في فضول إستكشاف المكان، إذ بصديقي (ع.م) مطبطبا على كثفي هامسا في أدني قائلا هيا بنا حان وقت تغيير الملابس،للاستعداد المباشرة للعمل ، و فعلا غيرنا ملابسنا في الهواء الطلق تحت ضربات عنف برد قارس كسكاكين حادة تقطع أطراف من أجسامنا بدون رحمة ولا شفقة، إتجهنا بعدها صوب خم الدجاج (الكوري) لنبدأ عملنا ..

كان العمل هو شحن الدجاج في تلك الشاحنتين (أنشارجا اد الكاميوا ناغ سين س افولوسن)، ما إن قام خوصي بالضغط على زر ضوء الخم حتى بدأت تتعالى أصوات الديك الرومي بالصياح محطمة بذلك جدار الصمت و هدوء الليل السائد في رهبة، وتكفلت الطبيعة بإعادة رداد تلك الاصوات كلما إنقطعت مرات متعددة، ذكرني الامر ببعض الاحيان عندما نلهوا في بلدتنا الحبيبة عندما يسود السكون نصيح فوق تلة او مكان مرتفع و ننتظر الطبيعة لتعيد إلينا رداد صوتنا بطريقة جميلة أه من إحساس.! لكن الامر هنا مختلف تماما فهذه الأولى معاناة و التانية راحة واستمتاع بالطبيعة و أنستها ..

قلت لصديقي مستغربا بلهجتنا التنغيرية (هات ماشي إفولوسن أيا أوا هات إد بيبي) هذه دياكة رومية وليست دجاجا كما زعمتم و قلتم لي قبل المجيء الى هنا ، خر (بتشديد الراء)ضاحكا و قال لي لا عليك (دغي توالفت )أي لا تحزن سوف تتأقلم بسرعة كما تأقلمنا قبلك، قلت له ضاحكا ومازحا: ٱه صديقي هل هنا ايضا سنحرق المراحل كما كان يفعل بعض نواب أمتنا الاعزاء من الابتدائي او من الأمية الى قبة البرلمان مباشرة !؟ وغيرهم ممن وصل الى القمة بدون تسلق السلالم ، أليس الاجدر إحترام التراتبية !؟؟! أليس منطقيا صديقي أن نبدأ بشحن بيض الدجاج أولا ثم الكثاكيث فالدجاج، ثم يأثي الدور لاحقا او ختاما على الديك الرومي!؟؟ إلهي أ أبدأ بالديك الرومي دفعة واحدة !؟ ههه ( بيببببببي ݣ يوت تيكلت ههههه)!؟؟

كلما وقعت في ريب او مأزق من مآزق الحياة إلا و إستعنت بالحوار الداتي (المونولوج)،اسئلة و غيرها أحاول ما أمكن الجواب عنها و إن لم أستطع أحاول تهدئة نفسيتي ما أمكن عبر مسكنات كلامية باطنية تحفيزية تشحد الهمة، و تواجه الواقع بقوة و صبر عنيدين ، لا مكان للضعف و الوهن في مثل هذه المواقف ، كما نقول بلغتنا الام ( أترز ولا تكنا ) اي أن أنكسر أمام أمر ما أهون علي من أنحني له..

ما إن انتهينا من تغيير الملابس حتى بدأت فصول قصة جديدة ، غريبة مليئة ب…..

يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *