مجتمع

دراسة رسمية: المغرب في طريقه للالتحاق بالدول التي تحكمت في الحجر الصحي

كشف دراسة مقارنة لوضعية جائحة “كورونا”، أجرتها المندوبية السامية للتخطيط، أن المغرب في طريقه إلى التحكم في الحجر الصحي، مشيرة إلى أنه وبعد كل الجهود المكثفة المبذولة من أجل احتواء كوفيد 19، أصبح المغرب على خط التماس تقريبا مع منطقة النجاح، وبالتالي الالتحاق بالدول التي تمكنت من السيطرة على الوباء.

وشددت الدراسة على أن وصول المغرب إلى منطقة النجاح سيتعزز أكثر إذا ما تواصل المنحى التنازلي لعدد التكاثر المسجل حاليا، معتبرة أن من شأن تعزيز إجراءات اليقظة وتكثيف التحاليل المخبرية الجارية حاليا، أن تجعل رفع الحجر الصحي بالمغرب، بما تمليه ضرورات اقتصادية واجتماعية واضحة، في الطريق لأن يكون عملية متحكما فيها.

وأشارت الدراسة إلى أن وضعية الجائحة تتميز في مختلف البلدان بتفاوتات كبيرة، حيث نجح البعض في احتواء انتشارها، فيما لا زال البحث جاريا عن سبل التحكم فيها بالنسبة للبعض الآخر، موضحة: “في الوقت الذي شرعت فيه العديد من البلدان في رفع الحجر الصحي على ساكنتها أو هي مقبلة على ذلك، ارتأينا أهمية التوفر على لمحة حول وضعية الوباء في المغرب مقارنة ببلدان أخرى، مع إبراز بعض توجهاتها الكبرى”.

وأوضحت المندوبية أنه تم تصنيف البلدان موضوع الدراسة إلى عدة مجموعات، وذلك حسب حالتها الوبائية، بالاعتماد على العدد التراكمي للإصابات لكل مليون نسمة والذي يؤشر على مدى تأثير الوباء، فيما تم قياس التحكم في هذا الوباء باستخدام عدد التكاثر الأساسي “R0” الذي يرتبط رياضياً بشكل كبير بمؤشر “متوسط ​​انتشار الإصابات المتراكمة خلال فترة حديثة (10 أيام الأخيرة)” من أجل الحصول على دقة أفضل للنتائج.

الدراسة التي اعتمدت على معطيات تم حصرها في 22 ماي، صنفت دول العالم إلى 4 مجموعات رئيسية، تتكون المجموعة الأولى من البلدان التي عرفت أكبر عدد من الإصابات والتي لم تتمكن إلى الآن، بدرجات متفاوتة، من التحكم في تطور الوباء، فيما تضم المجموعة الثانية البلدان التي عرفت أكبر عدد من الإصابات بالوباء والتي تمكنت من التحكم بشكل جيد في انتشاره (إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا).

وتشمل المجموعة الثالثة البلدان التي شهدت إصابات قليلة نسبيا والتي لم تتمكن بعد من التحكم بشكل كلي في انتشار الوباء، بينما تتكون المجموعة الأخيرة من البلدان التي تمكنت من السيطرة على الوباء و/أو التي عرفت تأثيرا محدودا للجائحة.

واعتبرت الدراسة أن المغرب يوجد في المجموعة الثالثة كما الشأن لبلدان الأفريقية الكبيرة، غير أنه يبقى الأقرب إلى التصنيف ضمن المجموعة الرابعة التي تضم البلدان المتأثرة قليلا بالوباء والتي تتجه نحو القضاء عليه، مشيرة إلى أن منحنى عدد الإصابات التراكمي لا يزال في اتجاه تصاعدي مع وجود بعض الإشارات التي تدل على بداية التسطيح وعلى الخصوص لم يعد يتبع اتجاها متسارعا.

دول لم تتحكم في الوباء

فبخصوص المجموعة الأولى، أفادت الدراسة أن بعض حالات الدول تعتبر ذات دلالة كبرى لكونها تجسد حالة مخاطر انتشار الوباء بشكل متسارع، مماثلة للسيناريو المسمى “التطور الطبيعي”، مشيرة إلى أن بعض بلدان أمريكا اللاتينية والهند أمثلة واضحة على ذلك، إذ سجلت البرازيل أكثر من 300 ألف إصابة إلى غاية 22 ماي مع اتجاه نحو مضاعفة العدد الإجمالي للإصابات كل 12 يومًا. بهذه الوثيرة وفي غياب أي إجراءات إضافية، سيبلغ عدد المصابين، بعد شهر واحد، 1.7 مليون شخص وأكثر من ذلك بكثير على المدى البعيد.

وبالنسبة للعديد من بلدان هذه المجموعة مثل المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، البرازيل، الهند، إيران، تقول الدراسة، لم يتم تطبيق الحجر الصحي بشكل صارم وفي الوقت المحدد، مما أدى إلى حالة من الإرباك إبان رفعه. وقد عانت إيران، على سبيل المثال، كثيرا عند رفعها للحجر الصحي يوم 14 أبريل الذي لم يعرف تطبيقه احتراما كبيرا من طرف الساكنة والذي أدى، على ما يبدو، إلى عودة ارتفاع أعداد المصابين.

وتندرج السويد كذلك ضمن هذه المجموعة على الرغم من أنها اختارت توجها يهدف إلى تحقيق مناعة القطيع (توجه واكبته إرشادات الحذر وإجراءات النظافة) والذي نتج عنه حتى الآن ارتفاع كبير في العدد الإجمالي للإصابات (بدون أفق لتسطيح المنحنى).

بلدان كبحت انتشار الفيروس

المجموعة الثانية التي تتكون من البلدان التي نجحت في كبح انتشار الفيروس بفضل إجراءات الحجر الصحي والتدابير المصاحبة له، وذلك على الرغم من ارتفاع عدد الإصابات، قالت الدراسة إن الاستراتيجية الرامية إلى تكثيف التحاليل المخبرية، بفضل الإمكانيات الكبيرة التي تمت تعبئتها من طرف هذه البلدان والتي تعتبر في غالبيتها من الدول المتقدمة، كانت حاسمة (مثال الدنمارك التي قامت بإجراء 75 اختبارًا لكل 1000 نسمة).

وأضافت أن ذلك مكن من الشروع في رفع الحجر الصحي بمجرد أن أصبحت المؤشرات الرئيسية للتحكم في انتشار الوباء في حدودها المقبولة (R0 <1) والمتطلبات اللوجستية معبأة، حيث يتجه تطور الوضعية في هذه البلدان نحو الاستقرار ويؤسس لمرحلة الاختفاء التدريجي للوباء بالنظر لمختلف المنحنيات المتعلقة بالحالات اليومية أو التراكمية (مثال إيطاليا).

غير أن معدلات الوفيات المسجلة في هذه البلدان تبقى جد مرتفعة وتتجاوز 10٪ (فرنسا 15.5٪، إيطاليا 14.2٪، إسبانيا.212٪)، إذ رجحت الدراسة أن تكون تلك الحصيلة ناتجة عن الضغط القوي الممارس على النظام الصحي جراء عدد الإصابات العالي جدا، لافتة إلى أن متوسط العمر للساكنة في غالبية هذه البلدان يتجاوز 40 سنة، وهو ما يفسر أيضا الارتفاع الكبير في نسبة الوفيات بسبب الجائحة.

وشددت على أنه من السابق لأوانه الحديث، بالنسبة لكافة البلدان المنتمية لهذه الفئة، عن ارتداد محتمل والذي لم تظهر بوادره إلى حدود هذه المرحلة، نظرا لأن رفع الحجر الصحي حديثة في معظم الحالات (أوائل ماي)، مضيفة أن الوضع يبدو مستقرا على ضوء الأرقام الأولى لما بعد رفع الحجر الصحي بالنسبة لهذه المجموعة من الدول، فالأمر يتعلق برفع للحجر الصحي تحت المراقبة وليس برفع قسري للحجر الصحي.

رفع الحجر مبكرا يقوض الجهود

في المقابل، أوضحت الدراسة أن وضعية بلدان المجموعة الثالثة، غير واضحة بالنسبة لعدد كبير منها، وذلك بناء على المؤشرات الرئيسية واتجاهات المنحنيات التي تشير أحيانًا إلى تطورات غير منتظمة، وقد شرعت بعض هذه البلدان، منذ الآن، في رفع الحجر الصحي والذي قد يبدو سابقا لأوانه.

وأعطت الدراسة المثال ببولونيا التي سارعت إلى فرض الحجر الصحي منذ 13 مارس ثم بدأت في رفعه ابتداء من 11 ماي في وقت ما يزال فيه عدد التكاثر (R0>1) ما يشير إلى أن تطور الوباء لم يكن بعد تحت السيطرة. فعودة عدد الإصابات الجديدة اليومية إلى الارتفاع بعد رفع الحجر الصحي يشير إلى عودة انتشار محتملة للوباء (انظر الشكل المقابل). ويتجه منحنى حالات الإصابة التراكمية إلى تصاعد خطيً دون وجود أية إشارة على تسطيحه.

وباختصار، تضيف الدراسة ذاتها، فإن هذه البلدان التي بذلت، في معظمها، جهودًا كبيرة لمكافحة الوباء وهي في طريقها إلى السيطرة على انتشاره تقريبًا (بدرجات متفاوتة) يمكن أن تتحول إلى وضعية غير مريحة في حالة رفع مبكر أو بدون تخطيط محكم للحجر الصحي.

رفع الحجر دون مخاطر

وأشارت الدراسة إلى أن بلدان المجموعة 4 تبنت بشكل عام الحجر الصحي المبكر والصارم، الأمر الذي مكنها من الاقتراب من السيطرة على انتشار الوباء، مثال اليونان وماليزيا، حيث قامت برفع الحجر الصحي بطريقة تدريجية مع بداية شهر ماي على الرغم من بعض الارتفاع الذي سجلته أعداد الإصابات الجديدة، وذلك لكون المنحنى يتجه بالأساس نحو الانخفاض.

واعتبر المصدر ذاته أن وضعية ما بعد رفع الحجر الصحي تستمر في الاتجاه نفسه كما كان من قبل، أي نحو الاختفاء التدريجي للوباء على الرغم من بعض الزيادات التي تعرفها أعداد الإصابات الجديدة التي تبقى طفيفة في هذه المرحلة، ورغم أن احتمال موجة ثانية للوباء يظل غير مستبعد بشكل كلي (في حالة ارتخاء قواعد الحماية الذاتية)، فقد وصلت هذه البلدان إلى وضعية لم يعد فيها تأثير كبير لأي ارتداد محتمل للوباء.

وضعية المغرب وإفريقيا

قالت الدراسة إن إفريقيا أقل تضررا نسبيا من الوباء، لكونها سجلت في هذه المرحلة حوالي 100ألف إصابة (75 حالة لكل مليون نسمة) و3100 وفاة (2.3 وفاة لكل مليون نسمة)، فيما يظل عدد التكاثر أكبر من 1، لافتة إلى أن معظم البلدان الأفريقية في المجموعة 3، مما يشير إلى تأثير محدود للفيروس إلى حدود اليوم، وحتى البلدان الإفريقية الكبيرة (نيجيريا ومصر وجنوب إفريقيا) تبقى في معظمها غير متأثرة نسبيًا ولكنها تسجل بشكل عام عدد تكاثر مرتفع (يتجاوز 4 ٪) مما يشير، بدرجات متفاوتة، إلى تحكم ضعيف في تطور الوباء.

وحسب هذه الدراسة، فإن المغرب يصنف في المجموعة 3، أي من بين البلدان نسبيا الأقل تأثيرا بالجائحة في هذه المرحلة والتي لا تزال في بحث عن السيطرة على انتشار الوباء (عدد التكاثر R0 أقل من 1 وتطور انتشاره على مدى الأيام العشرة الأخيرة 1.4 ٪ في انخفاض مستمر).

ومع ذلك، فالمغرب يتميز بوضعية أفضل من بين البلدان الأفريقية الكبيرة في هذه المجموعة كما أنه الأقرب إلى التصنيف ضمن المجموعة الرابعة التي تضم البلدان المتأثرة قليلا بالوباء والتي تتجه نحو القضاء عليه، مشيرة إلى أن منحنى عدد الإصابات التراكمي لا يزال في اتجاه تصاعدي مع وجود بعض الإشارات التي تدل على بداية التسطيح وعلى الخصوص لم يعد يتبع اتجاها متسارعا.

بالإضافة إلى ذلك ، تقول الدراسة إذا أخذنا بعين الاعتبار الحالات النشيطة (أي صافي حالات الشفاء والوفاة)، فإن الأرقام في انخفاض مستمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *