حوارات، سياسة

بوطوالة ينتقد مذكرات اليوسفي ويتحدث عن بيان ليبيا ويقيم تدبير الجائحة (فيديو)

واجه انتقادات حادة قبل سنتين، بدوافع إيديولوجية، بسبب آدائه لمناسك الحج، فاضطر للاستقالة من قيادة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. اليوم عاد بوطوالة ليدعو إلى إلغاء ذبح الأضحية في عيد الأضحى المقبل بدعوى تأثير الجائحة، وهو ما يطرح السؤال هل هذه الدعوة متحررة من الدوافع الإيديولوجية أم أنها شبيهة بحادثة الحج؟

حزب بوطوالة كان من أشد المعارضين لحكومة التناوب التوافقي التي قادها عبد الرحمان اليوسفي. لكن اليوم جرت مياه كثيرة تحت الجسر وتوفي اليوسفي رحمه الله، وقبل ذلك وثّق للكثير من مراحل حياته في مذكراته “أحاديث فيما جرى”، فهل أعاد بوطوالة تقييمه للمرحلة بعد كل هذه الأحداث؟ وما تقييمه لمذكرات الراحل؟

في هذا الحوار يجيب بوطوالة عن هذه الأسئلة، ويقيم أداء حكومة العثماني في زمن الجائحة ويشبه قانون 22.20 بقانون “كل ما من شأنه”، كما يتحدث عن قضايا كثيرة؛ من قبيل بيان ليبيا وعلاقته بالإمارات،وعلاقة اليسار بالإسلام، ومشروع اندماج أحزاب اليسار، وغيرها.

كيف تقيم أداء حكومة العثماني في مكافحة جائحة كورونا؟

بالنسبة للمغرب وكما هو معروف عليه كيفما كانت الحكومة فإنها ستكون محاصرة بالحواجز، ولا تتوفر على كافة الصلاحيات التي من المفروض أن يتوفر عليها أي جهاز تنفيذي في بلد ديمقراطي، وبالتالي فإن أداء الحكومة تميز في البداية بالارتباك وهذا طبيعي لأن الجائحة جديدة وانتشار الوباء كان سريعا. صحيح أنه تم اتخاذ إجراءات استباقية جنبت بلادنا نتائج كارثية؛ تلك الإجراءات كانت في محلها وفي وقتها رغم بعض الهفوات.

لكن تدبير بعض الأشياء الأخرى شابتها نقائص؛ مثل الرخص مثل قضية الكمامات التي كان فيها ارتباك في البداية، مثل صعوبات إيصال الدعم المباشر للأسر التي كانت بحاجة إليه ثم مشكل التعليم عن بعد وما رافقه من تفاوت بين البوادي والمدن وبين الأسر الفقيرة والأسر الغنية التي تتوفر على الإمكانيات والوسائل الإلكترونية، ثم تجاوزات السلطة المحلية في فرض حالة الطوارئ الصحية. إذن هماك عدة أشياء جعلت نظرة المواطنين في البداية يغلب عليهم التأييد والحماس والتجاوب، وبعض ظهور النواقص بدأ الناس يتشككون لكن المغرب تعامل باستباقية وبحرفية وإن كانت هناك نواقص،لأن بلادنا تعاني من نواقص في القطاعات الاجتماعي وفي الصحة على وجه الخصوص التي تراكم فيها الخصاص لثلاثين سنة خلت بسبب تطبيق سياسة التقويم الهيكلي، وبسبب ضعف ميزانية وزارة الصحة التي لم تتجاوز 5 في المائة، في حين أن المنظمة العالمية للصحة توصي بأن تتجاوز هذه الميزانية مل سنة 10 في المائة وتصل إلى حدود 15 في المائة؛ إذن هذا الخصاص الهائل الذي تعاني منه المنظومة الصحية جعل الحكومة تواجه صعوبة كبيرة؛ أولا في تأهيل المنظومة الصحية في الاستعداد لمواجهة الجائحة وهذا انعكس على القطاعات الأخرى.

شبّهت قانون 22.20 بقانون “كل ما من شأنه” إبان سنوات الرصاص، ما أوجه التشابه بينهما؟

مشروع قانون 22.20 ذكرني بقانون كل ما من شأنه لأنني عشت فترة سنوات الرصاص وعانينا كثيرا آنذاك منه لأنه كان يعطي للحكومة وللدولة ذريعة لمتابعة أي شخص بأي تهمة يتم تكيفها حسب الادعاء وحسب الاتهام كيفما كانت، سواء كانت تصريحا أو تحركا أو سلوكا، ومعلوم أن ذلك القانون صدر في عهد الاستعمار للتضييق على الوطنيين ومحاصرتهم وتتبع أنشطتهم، وبالتالي فقانون 22.20 نظرا لما حمله من نصوص ومواد زجرية ومن عقوبات مبالغ فيها ففعلا كان ذلك التشبيه في رأيي في محله، ولو تم تمريره كان سيعطي للدولة وللأجهزة المعنية سلطات واسعة جدا على حساب حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، وسيجد المواطنون والصحفيون والحقوقيون والسياسيون والنقابيون أنفسهم تحت سيف هذا القانون الذي يهدد حريتهم في كل لحظة، لذلك شبهت بينهما.

هل تتفق مع الرأي الذي يقول بأنه تم استغلال الجائحة للتضييق على حقوق الإنسان بالمغرب؟

فعلا مع الأسف.. على مستوى السلطات المحلية تابعنا في عدة مدن كيف تصرف بعض رجال السلطة، وبالنسبة لنا تم اعتقال ومتابعة بعض مناضلينا بتهم واهية، فقط لأنهم فقراء ولأنهم يمارسون مثلا البيع في الطرقات كالملايين من المغاربة الذين يمارسون أنشطة الاقتصاد غير المهيكل ويتعيشون منها وليس لهم مدخول آخر ولهم عائلات يعيلونها، ومع الأسف السلطات المحلية مارست الشطط في استعمال السلطة.. بعض السلطات المحلية بالخصوص استغلت الجائحة وبعض رجال السلطة مارسوا ممارسات انتقامية ضد بعض النشطاء، فقط لأن الفرصة أتيحت لهم للانتقام منهم، نظرا لمتابعة هؤلاء النشطاء لرجال السلطة وفضحهم للخروقات التي يرتكبونها في مناسبات متعددة، بدليل أن المغرب والفلبين من صنفا من قبل الأمم المتحدة من البلدان التي طبقت قانون الطوارئ بتشدد وبممارسة تنتهك حقوق الإنسان.

 

 

هل المغرب بالفعل في حاجة إلى حكومة وحدة وطنية لتجاوز تداعيات الجائحة، كما دعا لذلك الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ادريس لشكر؟

نحن في حزب الطليعة وفي فيدرالية اليسار لا نتفق مع هذا الطرح، أولا نحن ضد أي تراجع للوراء فبالنسبة لنا المنهجية الديمقراطية ينبغي احترامها، وترسيخ الديمقراطية وتوسيع الهامش الديمقراطي والحزب الذي يحصل على المرتبة الأولى في الانتخابات من حقه أن يكوّن تحالفا منسجما مع أحزاب أخرى، ويمارس ويطبق البرنامج الانتخابي الذي تعاقد مع المواطنين عليه.
كلما تقدمنا في المجال الديمقراطي كلما كان هذا أفضل للبلاد وكلما ساعد على تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية.. وأهم شيء في هذه المسألة هو ربط المسؤولية بالمحاسبة.. والدعوة لحكومة وحدة وطنية أو حكومة تكنوقراطية هو ضرب لهذا المبدأ الذي نص عليه الدستور؛ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، لأن حكومة التكنوقراط حكومة متعددة الأحزاب تذوب فيها المسؤولية ولا يصبح أي حزب مسؤولا عن التسيير الحكومي أو على الأقل مسؤول بصفة رئيسية عن تسيير الحكومة، إذن سيكون تراجعا إلى الوراء ولذلك نحن نعارض بشدة هذا الطرح ونعتبره خاطئا.

أين وصل مشروع اندماج أحزاب فيدرالية اليسار ومن يعطله وهل يمكن أن يرى النور قبل موعد الانتخابات؟

الفيدرالية تأسست 23 مارس 2014، وكان من المفروض أن يتم الاندماج قبل الانتخابات القادمة. وتعرفون أن العمل الوحدوي بين أحزاب مختلفة، ولو أنها قريبة في المرجعية، لكن نظرا للتجارب المختلف لكل حزب، هناك دائما صعوبات وحساسيات في تذويب الخلافات، خصوصا على المستوى التنظيمي، أما على المستوى السياسي فهناك خط سياسي مشترك يدعو إلى الملكية البرلمانية، وعلى مستوى المرجعية النظرية فالأحزاب الثلاثة تدعو إلى إقامة مجتمع اشتراكي مجتمع العدالة الاجتماعية والمساوات ومحاربة الاستغلال.

لكن على المستوى التنظيمي هناك تجارب مختلفة كل حزب له تجربته التنظيمية، هناك حزب يتبنى العمل بالتيارات وحزب يتبنى الديمقراطية الداخلية وبالنسية لنا في الطليعة نعتمد الديمقراطية المركزية، إذن هناك تفاوت واختلاف في المقاربات التنظيمية وتعرفون أن التنظيم هو المحك للممارسة السياسية وهو الذي يتوسط بين الشعارات والأهداف والخط السياسي وبين التطبيق.كنا قررنا برنامجا عملي وشكلنا لجان تحضيرية موضوعاتية لمناقشة المرجعية السياسية والفكرية ولمناقشة كذلك الاشكالية التنظيمية ومسألة التواصل وإحداث إعلام فيدرالي والعلاقات الخارجية للفيدرالية؛ أي جميع القضايا المتعلقة بالعمل السياسي، ومع الأسف جاءت الجائحة وعطّلت صيرورة التحضير، وهناك لجان توقفت عن الاشتغال لكن الآن ستستأنف أعمالها، وأتمنى أن تنجلي الجائحة وتشتغل اللجان من جديد وأن نقترب من موعد الاندماج إذا توفرت الشروط ونضجت، بطبيعة الحال سيكون الاندماج قبل الانتخابات وإذا لم تتوفر فهذا موضوع نناقشه في حينه وحتى الانتخابات لا ندري هل ستجري في موعدها أم سيتم تأجيلها.

هناك بعض المعارضين للاندماج في الفترة الراهنة داخل الأحزاب الثلاثة ويرون أن شروط الاندماج لم تنضج بعد، ويتخوفون من الفشل في حال تم الاندماج قبل توفر شروطه لكن الجميع حريص على توحيد أحزاب فيدرالية اليسار.

بعد وفاة اليوسفي تجدّد النقاش حول فترة قيادته للحكومة ومذكراته، بالنسبة لك هل هذه المذكرات تشفي الغليل من حيث المعلومات والأحداث؟

بالنسبة لحكومة عبد الرحمان اليوسفي فقد كنا عارضناها لأننا كنا نعتقد أن شروط نجاحها لم تكن متوفرة وأن التعاقد السياسي يجب أن يكون واضحا، ونظام الحكم لم يكن واضحا، وكنا آنذاك في المعارضة، لكن بعد الانقلاب على حكومة اليوسفي 2002 وبعد إخراجه من الحكومة بتلك الطريقة المهينة والتي تبعها نقد ذاتي قدمه اليوسفي في محاضرة ببروكسيل الشهيرة، وما حققته الحكومة في ظروف صعبة لأنها أخرجت المغرب مما كان يسمى مرحلة السكتة القلبية، كل ذلك جعل التقييم لتلك الحكومة تقييما متعدد الجوانب هناك ما هو إيجابي متمثل في بعض الإصلاحات للمواطنين، والدولة استفادت كثيرا، واليسار تأثرا سلبا بتداعياتها السلبية على المستوى الاجتماعي وعلى الانتظارات والطموحات التي كانت تعلقها عليها الجماهير الواسعة ولم تتحقق مع الأسف.

أما مذكرات اليوسفي فإنها لم تشفي الغليل وبقيت مناطق صمت ومناطق ظل كثيرة، ربما بسبب القسم الذي أداه، هناك قضايا شائكة وقضايا كثيرة لم نعرف حقيقة أسرارها وكواليسها سواء بالنسبة للتجربة السياسية التي بدأت قبل سنوات أو تجربة التناوب وتجربة عبد الله ابراهيم قبلها.. المسار السياسي المغربي لم يحظ بما يكفي من الدراسة والقراءة النقدية والتقييمية لنستخلص الدروس الضرورية ليستفيد منها الجميع بالنسية للمستقبل.

دعوت إلى إلغاء ذبح الأضاحي في العيد لهذه السنة بدعوى تأثير كورونا، هل يمكن أن تفصل أكثر في هذا الأمر؟

هذا الاقتراح الذي طرحته أمام رئيس الحكومة في اجتماع مع الأحزاب غير الممثلة في البرلمان كان نابع من قراءة للتجربة المغربية، المغرب تخلى عن ذبح الأضاحي في ثلاث مناسبات، سنة 1962 و1981 و1996 وفي تلك السنوات تخلى عن ذبح الأضحية بقرار من الملك بسبب تأثير الجفاف على المغاربة، اليوم هناك جائحة كورونا التي لها تأثير أكثر من الجفاف.

رئيس الحكومة في الاجتماع صرح بأن 5 ملايين و 800 ألف أسرة توصلوا بالدعم سواء المسجلون في صندوق الضمان الاجتماعي أو المسجلون في نظام راميد أو الذين لا يتوفرون على بطاقة راميد.. هذا العدد من الأسر التي فقدت دخلها أو لها دخل ضعيف جدا لا يكفي لسد الرمق خاصة بالنسبة للتغذية والعلاج والتنقل والحاجات الضرورية، معناه أن كل هذا العدد في حاجة إلى دعم إضافي لشراء الأضاحي إذا ما جرى الاحتفال بعيد الأضحى كما يجري دائما.

وكشف وزير الفلاحة أن الدعم المخصص للفلاحين بلغ 360 مليون درهم، بمعنى كان دعم للفلاحين الكبار والمتوسطين، وهناك العديد من الفلاحين الصغار والفقراء، وهم الأغلبية، لا يتوفرون على قطيع وفي حاجة للدعم لذلك نحن في نظرنا فدعم 500 ألف كساب أقل تكلفة من دعم 5 ملايين أسرة لشراء الأضحية، الذي يهمنا بالدرجة الأولى هو تخفيف العبء على الأسر وكذلك تخفيف العبء على الدولة وخاصة أننا لازلنا لم نخرج من الجائحة ولازالت الأسر في حاجة لدعم مالي.

ربما العرض متوفر وبما أن وزير الفلاحة حدد عدد الأغنام المرقمة، أي الصالحة للبيع والأضحية، في 3 ملايين رأس، ونعلم أن الاستهلاك يفوق 5 ملايين ونصف من الأغنام والماعز، وحتى إذا انطلقنا من معطى توفر العرض يبقى دائما مشكل الطلب، وتعرفون بعد عيد الأضحى بشهرين أو 3 أشهر يعرف سوق اللحوم اختلالا بين العرض والطلب، وترتفع الأثمان.

لكن حتى من جوانب أخرى يمكن إضافتها وإن على المدى البعيد، تتعلق بالجانب الصحي إذ أن استهلاك اللحوم الحمراء بكثرة له أضرار صحية ونلاحظ الإقبال الذي تعرفه المستشفيات بعد العيد، ثم الجانب البيئي الذي أصبح يتدهور بعد كل عيد، وان كان هذا جانب يمكن التغلب عليه، لكن يبقى الأساس هو التغلب على وضع الهشاشة، وأنا قلت في مناسبة أخرى إن الدولة أمام خيارين إما أن تدعم الكسابة وهم بالآلاف؛ أولا للإبقاء على القطيع وبيعه بالتدريج طيلة السنة وستعرف السنة استقرارا في بيع اللحوم، أو يجرى العيد كما العادة وأن تدعم ملايين الأسر، والمبلغ الذي تم دعم الأسر المتضرر به اليوم لا يكفي لشراء الأضحية فما بالك إذا كان هذا المبلغ تدخل فيه المصاريف الأخرى.

عمليا الأسر لكي تشتري الكبش وتوفر المستلزمات الأخرى يلزمها 4 او 5 آلاف درهم للأسرة ، وإذا حسبنا مجموع الأسر المتضررة فسيصير المبلغ بالملايير. نحن من توابث حزبنا الدفاع عن مصالح العمال والكادحين، ولكن المصلحة العليا للبلاد والاستقرار الاجتماعي مهم.

قبل سنتين واجهت انتقادات، بدوافع إيديولوجية بسبب أدائك لمناسك الحج واستقلت من قيادة الحزب، أليس وراء دعوة إلغاء الأضحية أيضا دوافع إيديولوجية؟

لا.. بالنسبة للدوافع الايديولوجية لا أعتقد، أنا مغربي من أصل أمازيغي وناطق باللسان العربي، مسلم أقوم بواجباتي الدينية ولي مرجعية اشتراكية وأنا معتز بشخصيتي ولا أرى أي تناقض بين هذه الأبعاد، واليسار في المغرب وفي العالم العربي أخفق في التعامل مع المسألة الدينية بشكل عام ومع الإسلام بشكل خاص وفي هذا المجال قراءات عديدة مثل التي قدمها الجابري. نحن ما يهمنا أو ما نفهمه من العلمانية هو رفض توظيف الدين في العمل السياسي ولا ينبغي جمع المقدس وغير المقدس، بلأن ذلك له تداعيات خطيرة ويؤدي إلى استغلال الناس باسم الدين ويؤدي إلى تضليلهم، ولهذا نحن ضد توظيف الدين في السياسة. ولكن بالنسبة لعيد الأضحى تعرفون أنه في المغرب ليس كما هو في الشرق، حيث يسميه المغاربة العيد الكبير يعني أكبر احتفال في السنة وأصبحت عادة اجتماعية راسخة من الناحية الأنثروبولوجية، زرت المشرق ولاحظت بأن المسلمين لا يضحون جميعهم، يضحي الإنسان الغني في العائلة ويوزع أضحيته على باقي أفراد العائلة. لكن بالنسبة لنا في المغرب الأضحية أصبحت بالنسبة لكل أسرة واجب اجتماعي يصعب أن يتخلى عنه حتى لو استدان أو باع أثاث منزله وهذا هو الجانب الذي أصبحت لها أبعاد اجتماعية خطيرة وله تأثيرات سلبية.

فأن يضطر الإنسان للاستدانة من أجل الأضحيىة فهذا محرم دينيا، أو يبيع أثاثه من أجل ذلك فهذا تجاوز للبعد الديني، نحن نحتكم إلى العقلانية وندعو إليها وكذلك إلى العقلانية حتى في التدين لأن الاسلام دين عقل وليس فقط دين نقل. هذه الأبعاد الايديولوجية حاضرة في خلفياتنا لكن أن نسقطها على المجتمع فهذا شيء آخر.

وقّع حزب الطليعة على بيان مع أحزاب عربية يدين التدخل التركي في سوريا وليبيا وسكت عن التدخل الروسي والغربي، لماذا هذه الانتقائية؟

لدي في الحقيقة ملاحظة على “العمق” قرأت بالأمس “حزب مغربي بين 38 حزبا عربيا يصطفون وراء الإمارات” هذا غير صحيح وغير دقيق، أولا بالنسبة لحزب الطليعة فهو من المؤسسين للجبهة العربية التقدمية، تضم 20 أو 21 حزبا تقدميا عربيا، ولكن بالنسبة للأحزاب الـ38 الموقعة على البيان تتفق على أولا رفض أي تدخل أجنبي في ليبيا بغض النظر عن المصدر.

صحيح أننا ربما لأننا لم نشارك في صياغة البيان، صيغ من قبل أصدقائنا في تونس واقترح علينا اتفقنا على التوقيع لم يكن هناك اجتماع ، كان فقط اتصالا عن بعد، وبالفعل البيان فيه التركيز إلى حد ما على تركيا، لأن الدور الذي لعبته تركيا في سوريا دور خطير جدا، لا يتناسب لا مع هويتها التي ترفعها كدولة ديمقراطية ومجاورة لبلدان عربية تشترك معها في التاريخ، دور تركيا في سوريا ودعمها لجماعات تكفييرية طرح لدينا علامات استفهام كثيرة، إدانة التدخل في ليبيا يدخل في هذا الاتجاه، إذسيؤدي إلى تدويل الصراع في ليبيا وتمزيق ليبيا، والذي يتأثر بالوضع في ليبيا هو المنطقة المغاربية، وبالتالي اؤكد أن البيان هدفه ضد تدخل جميع الدول.

أليست الإمارات هي من تقف وراء هذا البيان، خصوصا أن المبادرة انطلقت من 8 أحزاب في تونس لها ارتباط بأبوظبي؟

الأحزاب التي نعرفها في تونس خصوصا حزب التيار الشعبي التونسي، لا علاقة لها بالإمارات بل بالعكس هي معادية لتوجه الإمارات والسعودية وسبق لها أن أصدرت بيانات في هذا الاتجاه وشاركت معنا في الملتقى العربي لمواجهة التحالف الصهيوني الرجعي في دمشق سنة 2017، كل هذه الاحزاب معادية للتوجه الخليجي، خصوصا أنها نددت بالتدخل السعودي الإماراتي في اليمن، ولا يمكن أن تندد بالتدخل في اليمن وتدعم التدخل ليبيا، ونحن على اتصال بأصدقائنا ولم نقف على أي ارتباط لهم بالإمارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *