مجتمع، مغاربة العالم

العالقون بالجزيرة الخضراء: الحكومة تعاملت معنا كأننا لسنا مغاربة.. والقنصلية تشرع في إحصائهم (صور)

يواصل المغاربة العالقون بمدينة الجزيرة الخضراء الإسبانية، التعبير عن غضبهم مما يعتبرونه “سوء تدبير” ملفهم من طرف الحكومة المغربية، قائلين إن “الحكومة تتعامل معنا كأننا لسنا مغاربة حيث أصبحت قضيتنا تشكل استثناءً على مستوى العالم وهو ما أضر بصورة بلدنا”.

وأول أمس الأربعاء، نظم مجموعة من المغاربة العالقين بالجزيرة الخضراء وقفة احتجاجية بسبب عدم توصلهم بمصاريف التغذية التي تمنحها لهم القنصلية أسبوعيا، قبل أن تتدارك مصالح القنصلية الأمر أمس الخميس، وتشرع في صرف أموال الأسبوع الجاري للعالقين المتكفل بهم، وفق ما كشفه مصدر لجريدة “العمق”.

مصدر الجريدة أفاد أن مسؤولا بالقنصلية وزع على المغاربة العالقين استمارات تتضمن أسئلة حول معلوماتهم الشخصية إلى جانب ذكر “الغرض الاستعجالي” لعودتهم إلى المغرب، وهو ما يؤشر إلى أن ملف العالقين بالجزيرة الخضراء قد يكون ثالث ملف سيتم حله بعد ملف العالقين بكل من سبتة ومليلية والجزائر.

ووفق معطيات “العمق”، فإن قنصلية المملكة تتكفل بإيواء وتغذية حوالي 160 مغربيا من أصل ما بين 750 و800 عالق مغربي بالجزيرة الخضراء، حيث يتوزع المتكفل بهم على فندق بالمدينة يتواجد به 113 عالقا، معظمهم سافروا لغرض السياحة، إلى جانب 37 آخرين بمنطقة تبعد حوالي 10 كيلومترات من الجزيرة الخضراء.

وتتكفل القنصلية بتغذية العالقين المذكورين عبر طريقتين، الأولى بتكليف مطعم بإحضار الوجبات الغذائية إلى مجموعة من العالقين بالفندق، والثانية عبر منح مبلغ 50 أورو أسبوعيا لكل شخص ضمن مجموعة ثانية من العالقين.

يأتي ذلك بعدما أجْلَت السلطات المغربية المئات من المغاربة العالقين بكل من سبتة ومليلية والجزائر خلال الأيام الماضية، وهو ما دفع العالقين بباقي الدول إلى مطالبة الحكومة بتحديد مواعيد محددة لترحيلهم، خاصة بعدما أكد كل من رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزير الصحة أن المشكل سيتم حله قريبا.

وكان عدد من العالقين بدول العالم، قد قرروا تصعيد خطواتهم الاحتجاجية بإعلان تنظيم وقفات احتجاجية أمام مطارات الدول التي يتواجدون بها، بعدما خاضوا وقفات احتجاجية سابقا أمام سفارات وقنصليات المملكة بالخارج.

“الحكومة عرضتنا للخطر”

سفيان، مغربي عالق رفقة زوجته بالجزيرة الخضراء منذ قرار إغلاق الحدود، أوضح لجريدة “العمق”، أن “العالقين يعيشون أوضاعا نفسية صعبة، خصوصا مع سماعنا لوفيات في صفوف العالقين بمليلية وإنجلترا والفلبين دون أن تحرك الدولة ساكنا”، معتبرا أن ما زاد من تأزم الوضع هو “عدم التواصل الواضح من طرف السلطات المغربية”.

وقال سفيان إن “الحكومة تنتظر على ما يبدو فتح الحدود لعودة المواطنين، وهنا لا يمكن التحدث عن عملية إجلاء، وتبقى هذه فرضية الأقرب للتنفيذ بحكم طريقة تعامل الحكومة معنا منذ اندلاع الأزمة”، مردفا: “ملف العالقين المغاربة أصبح يشكل استثناءً عالميا، مما يضر بصورة المغرب في الخارج”.

وأضاف أن الحكومة “لم تتعامل مع ملف العالقين بشكل يليق بدولة كالمغرب بهيبته ومكانته في العالم، كانت هناك بعض التصريحات المستفزة وغير المسؤولة لرئيس الحكومة، خاصة عندما قال إننا سنعود بعد فتح الحدود، فهذه التصريحات زادت من مستوى اليأس وتأزم أوضاعنا”.

وانتقد المتحدث تصريح وزير الصحة خلال اجتماع لجنة الخارجية بمجلس النواب حول شروع الحكومة في ترحيل العالقين، يوم الخميس الماضي، حين قال “حنا بغيناهم يدخلو عندنا، ما كاين حتى مشكل”، معتبرا أن هذا التصريح يدل وكأننا لسنا مغاربة، على حد قوله.

وتابع قوله: “ينتظرون توفر الشروط الملائمة منذ أكثر من شهرين، ما يعتبر خرقا لحق دستوري وشططا في استعمال السلطة، فنحن مغاربة ولسنا أجانب حتى يمنعوننا من حق العودة لوطننا كيفما كانت الظروف”.

وأشار سفيان إلى أن “الحكومة بتركها لنا في مواجهة مصير مجهول في بلدان أجنبية، تكون قد عرض حياتنا للخطر، خصوصا في بداية شهر أبريل حيث كان الوضع كارثي هنا بإسبانيا”، وفق تعبيره.

ولفت إلى أنه ترك ابنته التي تبلغ عاما ونصف في المغرب، كما ترك سيارته بمرآب ميناء طنجة، حيث كادت السيارة تتعرض لأضرار بفعل سقوط لوحة حديدية أثناء أشغال قامت بها الشركة المفوض لها تدبير المرآب.

“الغموض” 

واعتبر في تصريحه لجريدة “العمق”، أن “الحكومة للأسف لم تتعامل مع ملفنا بالشكل الذي يتناسب مع مكانة مغرب اليوم الحداثي الديمقراطي، خصوصا فيما يتعلق في الحق في المعلومة والوضوح والموضوعية في تبرير القرارت”.

وقال إن العالقين ينتظون أجوبة مقنعة من الحكومة تماشيا مع التعليمات التي جاء بها خطاب الملك في الذكرى 18 لعيد العرش، حين قال إن “الواجب يقتضي أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة، وفي آجال معقولة، عن تساؤلاتهم وشكاياتهم، مع ضرورة شرح الأسباب وتبرير القرارات، ولو بالرفض، الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني، وإنما لأنه مخالف للقانون، أو لأنه يجب على المواطن استكمال المساطر الجاري بها العمل”.

وطالب من الحكومة شرح قرارها بفتح المجال الجوي لموظفي إحدى الشركات الكبرى والسماح لهم بالدخول إلى المغرب، “الشيء الذ يعتبر تمييزا وخرقا صريحا لشرط المساواة بين المواطنين، في وقت لا يزال الغموض يلف وضعية المغاربة العالقين عبر بقاع العالم”، على حد قوله.

وشدد على أن الأمر الذي يزيد غضب العالقين وأسفهم من الحكومة هو عدم الوضوح في تواصلها معهم، قائلا: “جارتنا تونس تدارست الموضوع ووضعت جدولا زمنيا واضحا لرفع الحظر وفتح الحدود، في حين لم يعطي المغرب أي تفاصيل رغم أن شركات طيران فتحت باب شراء التذاكر على مواقعها ابتداءً من 17 يونيو وأخرى ابتداءً من 1 يوليوز”.

وبخصوص الاستمارة التي وزعتها قنصلية المغرب على العالقين بالجزيرة الخضراء، قال سفيان إنهم تفاءلوا خيرا بهذه الخطوة، خاصة بعد بلاغ سابق للقنصلية أوضحت فيه أنه سيتم الشروع في إعداد لوائح العالقين لإجلائهم عبر مراحل.

وتوقع المتحدث أن يكون ملف العالقين بالجزيرة الخضراء هو ثالث ملف سيتم حله، على اعتبار أن ملف إسبانيا يشبه ملف العالقين بالجزائر، حيث لم يتم إخبار العالقين بقرار إغلاق الحدود يوم 12 مارس إلا ببضع ساعات قبل دخوله حيز التنفيذ، عكس دول أوربية أخرى مثل فرنسا التي نُظمت فيها رحلات جوية طيلة 3 أيام بعد القرار.

الاعتبار الثاني لقرب حل مشكل العالقين بالجزيرة الخضراء، يقول نفس المصدر، هو القرب الجغرافي من المغرب، “فنحن لا نبعد عن أرض الوطن سوى ببعض كيلومترات، وعملية إجلاء المواطنين العالقين ستتم عبر رحلات بحرية غير مكلفة، خصوصا وأن أغلب العالقين المتواجدين هنا لديهم سيارات مسجلة بالمغرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *