اقتصاد، مجتمع

ثوب “رديء” وصفقات مع مصانع “سرية” .. معطيات مثيرة حول كمامات صنعت بالشمال

كشف عدد من مهنيي قطاع النسيج والألبسة بشمال المملكة، عن معطيات جديدة بخصوص الكمامات التي يتم تصنيعها محليا، مشيرين إلى وجود “اختلالات” في صفقات شراء الثوب الخاص بصناعة الكمامات، وهو ما دفع مختبر “إيمانور” إلى رفض اعتماد أزيد من 700 ألف كمامة، فيما طالب المهنيون المعنيون باستقالة رئيس الجمعية الوطنية لصناعة النسيج والألبسة.

وأوضح مهنيو الجمعية الوطنية لصناعة النسيج والألبسة فرع الشمال، في بلاغ لهم، تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، أن الثوب الذي اقتناه الرئيس الوطني للجمعية غير مطابق للمعايير المعتمدة من طرف السلطات وليس هو الذي التزام به في لقاء رسمي، متهمين المعني بالأمر بإبرام صفقات مع وحدات إنتاج “سرية” تنتمي للقطاع غير المهيكل، قصد صناعة الكمامات لقطاعات حكومية ومتاجر كبرى.

واعتبر المهنيون الموقعون على البلاغ، أن الثوب الذي توصلوا به كانت جودته رديئة، حيث وجد المصنعون مشاكل كبرى في عملية الإنتاج، لدرجة أن المهنيين طلبوا مساعدة تقنية في كيفية التعامل مع هذا الثوب من الجمعية الوطنية لصناعة النسيج والألبسة، كما اتهموا رئيس الجمعية المذكور بـ”احتكار المعلومة” و”التضحية برئيس فرع الجمعية بالشمال بعد اكتشاف هذه الورطة”، وفق تعبيرهم.

جاء ذلك بعدما قدم 8 أعضاء أعضاء بالمكتب المسير للجمعية الوطنية لصناعة النسيج والألبسة فرع الشمال، استقالتهم، قبل أن يقدم رئيس الفرع (ج.م) استقالته أيضا، ليتم تشكيل لجنة مؤقتة برئاسة (ك.م)، وعضوية 5 مهنيين آخرين، عهد إليها تدبير شؤون الفرع مؤقتا والتحضير لشروط انعقاد الجمع العام فور انتهاء فترة الطوارئ الصحية.

تفاصيل القضية

وفي التفاصيل، كشف مهنيو قطاع النسيج والألبسة المنضوون تحت لواء الجمعية الوطنية للقطاع فرع الشمال “AMITH-Nord”، أن البداية كانت يوم 8 أبريل 2020، عندما دعى رئيس الجمعية (م.ب) إلى عقد اجتماع بطنجة لمناقشة إمكانية الانخراط في مبادرة تصنيع الكمامات ووضعها رهن إشارة السلطات المحلية لتوزيعها مجانا على ساكنة الجهة، بحضور على الخصوص الرئيس السابق لفرع الجمعية بالشمال ورئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة طنجة تطوان الحسيمة، وبعض المهنيين بالقطاع.

وأوضح المهنيون في بلاغ وجهوه إلى أعضاء المجلس الإداري للجمعية الوطنية لصناعة النسيج والألبسة، أن رئيس الجمعية التزم خلال الاجتماع بتوفير كمية أولية من الثوب، سيتم استوراده من شركة “SANTANDIRINA” بإسبانيا بتكلفة 90 ألف أورو (حوالي 3 أورو للمتر)، على أن تليها كميات أخرى، مقترحا إنتاج 2 مليون كمامة مجانا، وهو ما خلق جوا من الحماس في صفوف الحاضرين الذين قرروا رفع الرقم إلى 4 مليون كمامة.

وأضاف البلاغ الذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، أن المهنيين الحاضرين اعتبروا الأمر مساهمة منهم في مواجهة هاته الجائحة، وتعبيرا منهم عن وطنيتهم وغيرتهم على بلدهم، لينتهي الاجتماع بإصدار بلاغ مشترك في الموضوع بين “AMITH” وغرفة التجارة والصناعة والخدمات، كما تم إحداث مجموعة عبر تطبيق واتساب ضمت جميع الحاضرين في الاجتماع، وتحمل مسؤولية إدارتها الرئيس السابق لفرع الجمعية بالشمال.

وأشار المصدر ذاته، إلى أنه بعد الاجتماع مباشرة، شرع المهنيون في اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لاستئناف نشاطهم الانتاجي، حيث قام العديد منهم باقتناء الآليات التي سيتم استخدامها في إنتاج الكمامات، كما رصدوا استثمارات مهمة لتهيئة وحدتهم لتصبح مؤهلة لهاته العملية الخيرية والنبيلة.

وأضاف البلاغ: “لكن الذي حدث هو أنه رغم مرور 10 أيام علي الاجتماع المذكور، لم يتوصل المهنيون بالثوب الذي وعد بتوفيره رئيس الجمعة، دون أن يتوصلوا بأي توضيحات رسمية لا من طرف المعني بالأمر، حيث كان في كل مرة يقدم عذرا مختلفا، مرة أن البضاعة شحنت من المصنع وهي في طريقها للمغرب، ومرة الشحنة وصلت للميناء”.

بعدها توصل المهنيون بكميات من الثوب المصنوع من القطن، يضيف البلاغ، “تبين أن رئيس الجمعية اقتناه من فرع شركة “HALLOTEX” المتواجدة بطنجة، كما أنه ليس من نوعية الثوب الذي التزم بتوفيره يوم اجتماع 8 أبريل الماضي، فيما لا يُعرف مصير الثوب الذي اشتراه من شركة “SANTANDIRINA”، الذي كان من المنتظر توزيعه على المهنيين بعدما أخبر الجميع بأنه قد اقتناه باسم جمعية “AMITH”، وفق تعبيرهم.

وتساءل البلاغ عن سبب عدم اقتناء رئيس الجمعية الثوب الذي يتم تصنيعه من طرف شركات مغربية، ويتوفر علي جودة تفوق ذلك الذي تم استيراده من إسبانيا، مشيرا إلى أن “المفاجأة الصادمة تمثلت في أنه بعد تصنيع أزيد من 700 ألف كمامة، فوجئ الجميع برفض مختبر “إيمانور” التصديق على هذا الثوب، ناهيك عن جودته الرديئة، حيث وجد المعنيون صعوبة كبرى في عملية الإنتاج، لدرجة أن المهنيين طلبوا مساعدة تقنية في كيفية التعامل مع هذا الثوب من الجمعية”.

ولفت مهنيو النسيج بالشمال إلى أنه بعد قرار مختبر “إيمانور” توقف كل شيء و”عم الإحباط في نفوس المهنيين وساد الكثير من الغموض، بسبب غياب التواصل مع رئيس الجمعية وطنيا ورئيس فرعها بالشمال، أكثر من ذلك تم حذف بعض الأسماء التي حضرت اجتماع 8 أبريل من مجموعة الواتساب لأسباب لازالت مجهولة وتحتاج الى توضيح”.

واستغربوا عدم أخذ رأي مختبر “إيمانور” في جودة هذا الثوب قبل الشروع في إنتاج الكمامات، ولماذا انتظر رئيس الجمعية حتى أنتج المهنيون 700 ألف كمامة بما تعنيه من جهد ووقت، ليتبين عدم مطابقتها مع المعايير المطلوبة، حسب المصدر ذاته.

صفقات 

وفي نفس السياق، أوضح البلاغ أنه “في الوقت الذي كان فيه المهنيون متهمون في إنتاج الكمامات التي تبين فيما بعد أنها غير صالحة، فوجئ الجميع بكون رئيس الجمعية تمكن من إبرام صفقات مباشرة لإنتاج 5 ملايين كمامة لفائدة قطاعات حكومية ومتاجر كبرى، وهو ما اعتبره الكثير من المهنيين سلوكا يفتقد للشفافية، ويكتسيه الكثير من اللبس وحتى الشبهات”.

وطالب أصحاب البلاغ من رئيس الجمعية بتقديم كافة التفاصيل المتعلقة بالصفقات التي أبرمها، “بما فيها الكشف عن قيمتها المالية والوحدات الإنتاجية التي تعاقدت معه لإنتاج الكمامات بموجب عقود مناولة، وذلك بسعر يتراوح ما بين 1.5 و2 درهم للكمامة، علما أننا نتوفر على معلومات وثيقة تؤكد أنه تعاقد مع وحدات إنتاجية سرية تنتمي لما يعرف بـ”القطاع غير المهيكل”، وهذا خرق يكتسي خطورة بالغة ويستوجب ترتيب ما يستحق من قرارات بشأنه، خصوصا وأن مرتكبه هو الذي انتخبه المهنيون للدفاع عن حقوقهم ومطالبهم”.

وأضاف البلاغ أن “المثير في قضية الصفقات، هو أنه في الوقت الذي حصلت فيه 3 شركات مملوكة لرئيس الجمعية على شهادة المطابقة من طرف مختبر “إيمانور” في وقت قياسي، كان المهنيون حائرون، يجهلون مسطرة الحصول على شهادة المطابقة من المختبر، لأن الرئيس لم يقم بتعميم المسطرة الواجب اتباعها على المهنيين”.

وتابع المصدر ذاته: “بعد انكشاف حقيقة الصفقات، وأمام حالة الغضب التي انتابت المهنيين بطنجة، لم يجد رئيس الجمعية من مخرج للورطة التي وجد فيها نفسه سوى التضحية برئيس فرع “AMITH NORD” الذي أدى ثمن قرارات وممارسات الرئيس الوطني للجمعية، علما أن الرئيس السابق لفرع الجمعية بالشمال يتحمل قسطا من المسؤولية، خاصة عندما فضل السكوت وعدم إحاطة المهنيين بما يجري”.

واتهم المهنيون الموقعون على البلاغ، رئيس الجمعية بـ”احتكار المعلومة وعدم تقاسمها مع مسؤولي الجمعية وأجهزتها الوطنية والجهوية، وعبرهم مع جميع المهنيين، باعتباره المخاطب الرسمي للمهنيين مع وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي ورئيسا لـ”AMITH”، وهو بهاته الصفة كان على اطلاع بشكل مستمر على جميع القرارات والتدابير التي تتخذ، أو التي يتم التحضير لها”.

واعتبروا أنه “عوض أن يبادر الرئيس إلى تقاسم المعلومة مع المهنيين، اختار أسلوب التكتم والاقتصار على إخبار دائرة ضيقة، تضم المقربين منه، ولسنا في حاجة للبحث عن سبب هذا التكتم، لأن تطورات الأحداث والصفقات التي انكشفت كفيلة بالإجابة، مشيدين في نفس الوقت بـ”المجهود الكبير الذي بذله الوزير حفيظ العلمي، ومعه جميع أطر الوزارة، في سبيل إنجاح رهان تحويل بلدنا إلى أحد كبار المنتجين والمصدرين الكمامات على الصعيد الدولي، وذلك باعتراف وإرادة دولية”.

هذا وحاولت جريدة “العمق” الاتصال برئيس الجمعية الوطنية لصناعة النسيج والألبسة من أجل أخذ وجهة نظره في الموضوع، إلا أن هاتفه ظل يرن دون رد، كما أرسلت الجريدة رسائل نصية وعبر تطبيق “واتساب” للمعني بالأمر، لكن دون جواب، وستورد “العمق” رأي رئيس الجمعية حال توصلها برده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *