منتدى العمق

هوس “اللايف”.. أنا “ألايفي” إذن أنا موجود

على غرار ما ذهبت إليه الفيلسوفة الفرنسية إلزا غودار، والتي ألفت كتابا بعنوان: “أنا أوسيلفي إذن أنا موجود” ، والذي أشارت في جزء منه إلى أن الإنسان أصبح يقيم علاقة مع ذاته بناء على المعطيات الرقمية، وبهذا تطور الكوجيطو الديكارتي من ” أنا أفكر إذن أنا موجود” – وذلك باعتبار صفة التفكير هي معيار الوجود وتحقيق الكينونة – إلى معيار آخر إضافة إلى التفكير هو التقاط صور سيلفي ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق هذه الكينونة والذي سمته غودار ب: ” أنا أوسيلفي إذن أنا موجود. ”

ومع تطور المعطيات الرقمية تطور معها معيار تحديد الوجود لدى الكثير من الناس، حيث تطور من ” أنا أوسيلفي إذن أنا موجود” كما عبرت عنه إلزا غودار إلى معيار آخر والذي أسميه ” أنا ألايفي إذن أنا موجود”.

إن المتتبع لوسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها وتباينها يدرك حقيقة مفادها كون البث المباشر (( les live قد طغى على أغلب الناس في وقتنا الحاضر واستشرى فيهم، وصار معينا على تحقيق للوجود، حيث تجد اللهفة عند الكثيرين من أجل تقاسم ما يقومون به مع متتبعيهم عن طريق البث المباشر، وصار الايف وسيلة للتعلم وأداة للحوار و التواصل وتبادل مختلف الآراء بل قد يصبح في الكثير من الأحيان مناظرة ومشادة قد تصل للدرجة المشاحنة وتبادل السب والشتم …

والملاحظ أن البث المباشر ليس مقتصرا على مشاركة شيء مهم يقوم به الشخص مع متتبعيه، بل غدا وسيلة لتحقيق الكينونة وذلك بمشاركة كل شيء يقوم به الإنسان ولو لم يكن ذا شأن وفائدة.

إن مرد هذا كله هو ذلك الارتباط الوثيق الذي أصبح بين الإنسان والوسائل الرقمية والذي يزداد مع الزمن وتطور الوسائل الالكترونية وهذا ينتج عنه في المقابل تباعد بين الذات والحياة الواقعية.

وخلاصة المقال ” إذا كانت الفيلسوفة الفرنسية إلزا غودار ألفت كتابها الموسوم ب: ” أنا أسلفي إذن أنا موجود”، معتبرة في جزء منه أن أخد السلفي معيار لتحقيق الوجود، فأنا أرى أن العلاقة بين الإنسان والوسائل الرقمية قد تطورت أكثر وأصبح معيار تحقيق الوجود ” أنا ألايفي إذن أنا موجود” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *