وجهة نظر

محاضرة من إلقاء الفيروس كورونا

تحية سلام بنو البشر ،أن يخاطبكم فيروس فهو شيء غير اعتيادي ، غير أني تجرأت وأردت أن أتقدم بمرافعة دفاعا عني وتحليلا وتعقيبا عن كل ما قيل عني ولا زال يقال ،لأني أعرف أن الكثير من البشر أصبح أكتر تكبرا ومقتنعا أنه القاهر في الكون ،فعندما غزا الفضاء وأوجد اللقاح ضد بعضا من أبناء عمومتي ،وصنع حاملات الطائرات وأباد دولا وأعراقا وشعوبا بالسلاح وغيره ،وكثرت تجارته وتضاعف ماله وسلطته ضن أنه فوق كل شيء.

أنا مجرد مخلوق عادي جدا ، أتغير بنيويا كما تتغيرون أنتم البشر ،فكم من فقير أغناه الله أصبح متعجرفا بخيلا لا ينفق من شيء، وكم من مناضل حمل على أكتاف العمال ولما وصل خان وألصق مؤخرته عمدا فوق كرسي الزعامة طويلا ، وكم من زعيم أنتخب أصبح دكتاتورا فاسدا ،متسلطا . أنا مثلكم أولد وأموت تلقائيا كما كثير من أخوتي الفيروسات ، حاولت أن أفهمكم وأستخدم المنطق معكم إلى أن فقدت الأعصاب أحيانا فتغيرت تركيبتي وضاعت جهود مختبراتكم التجارية والفاسدة عموما عفوا العلمية والطبية في إيجاد لقاح ضدي. تعلمون علم اليقين في مقررات الإحياء والطبيعة أن كل كائن له دور ، فلا نخاف الموت نحن الفيروسات ، لسنا مثلكم بنو الإنسان نتصارع ونتحارب ونطغى، إياكم أن تعتقدوا أن اللقاح يخيفنا فهو فيروسات مثلنا ، عندما يكون الباحث والمختبر نيته طيبة ويشتغل للحياة ولا يعمل تحت الضغط ، من حقه الربح ولكن ليس لدرجة الجشع ،ولا يخفي مصادره العلمية يمكنه أن يصل غالى لقاح أسلمه نفسي طواعية .

مدا أفعل لكم يا بنو البشر إن كانت ذاكرتكم ضعيفة، وتريدون أن تحملوني فشلكم في الحياة ، في السلام ،في علاقاتكم الأسرية. ألم تصرح منظمتكم العالمية للصحة التي تبت فشلها في تدبير زيارتي لكم ،أن نصف المسنين في دور العجزة في إيطاليا ودول أخرى قضوا جراء الإهمال ،كيف ترمون آباءكم في أرذل العمر وتتركونهم يعانون الوحدة بعدما قدموا الغالي والنفيس ،ألا تعلمون أن المناعة تقل جراء الحرمان والجحود ،هل أصبح كبار السن من الدين شيدوا الغرب يكلفون الملايير من تقاعد وتغطية صحية ،فأردتم التخلص منهم.

أنا لست مثلكم ،يا من تتركون الأطفال يموتون جوعا جراء المجاعة والحروب والأمراض ، أنا فيروس أكبر من أن أعتدي على الأطفال. هل بلغ عدد الضحايا المتوفون بسببي عدد من ماتوا هلاكا بالجوع ،والأغلبية منكم يتركون الأطنان من الغداء يوميا في القمامة ،أنا لا أقتل الأطفال كما تفعل طائراتكم عندما تقصف الحجر والبشر ،أنا لا أقتل السود وأخنقهم ولا أميز حسب الدين واللون والعرق، أنا لا أنتقي بين فقير وغني ، بين حاكم ومحكوم . ألان معي ذاقت دولا كانت تعتقد أنها القوة بعينها ، دولا أحست يقينا برائحة الموت لأول مرة في تاريخها بالألوف ، فقد كانوا يصدرون السلاح ولا يزالون ، لا يجدون حرجا في إشعال الحروب والفتن ودعم الدكتاتوريات للسيطرة والاستبداد والاستعمار الناعم ، كانوا يشاهدون بكاء الأطفال واليتامى ولا يتأثرون، يهجر الناس ولا يهمهم غير حدودهم ولا يتحركون ،تهشم الجماجم وتصورها قنواتهم الإخبارية ولا ينتهون، إنها دورة الحياة وقانون الطبيعة وسقوط الأمم.

أنا فيروس عادي جدا قد أختفي من تلقاء نفسي بدون لقاح كما يفعل كنير من أجدادي ، قد أزور الأغلبية وأغادر بسلام ،قد أصيب الناس وأغادر بعد ترك مناعة قوية ضد أحفادي وأنتم لا تدرون ،أما من يتوفى من المرضى جراء أمراض مزمنة ،فلست الجاني وأعتبره شيء عادي وفق قوانين الطبيعة ،فالقانون يطبق على الجميع ،أبناء أخوالي وعمومتي من الأنفلونزا تفتك بأكثر من 300 ألف شخص سنويا ولا تتكلمون .

ما ذنبي إن دخلت رئة أشخاص ووجدتها أصلا متعبة جراء غازات سيارتكم ومصانعكم وجشعكم وطبيعة أكلكم المعدل جينيا ، فلا تستغربي يا منظمة الصحة عندما تلاحظي بعدم فتكي بإفريقيا والشرق الأوسط ،إنهم أناس بسطاء ،أكلهم لا زال طبيعيا وبالكاد يجدوه،أجواءهم صافية، دعمتم حكامهم وجعلتم بلادهم بلا علم بلا مصانع ،فقط سوقا لمنتجاتكم ،قوتهم في شبابهم ،هل تريدون إفريقيا فقط لتجريب لقاحاتكم البليدة ، ألم يزركم أبن خالتي “كوفيد سارز” ولم تأخذوه بمحل الجد ،أم أنه مس شعوبا من الدرجة الثانية ولم يمس الغرب ،حتى الأسماء بها عنصرية ” متلازمة الشرق الأوسط” ،أين المراعاة لمشاعر الشعوب ،لن تنجحوا في القضاء علينا ما دمتم لا تحترمون الحرية والطبيعة وتكفوا عن تدمير أنفسكم .

رسالتي الأخيرة ،هي أننا مخلوقات مثلكم ،وكل شيء يسبح بحمد الله ولكن لا تفقهون تسبيحنا، ومنا نحن الفيروسات الثائر والمسالم ،وإننا نعرف علم اليقين أن دولا لها مختبرات أسلحة بيولوجية ،وتتلاعب يبعضنا ولا تستحي ،ومنا من لا يرضي دلك ،فقد نبتدئ بهم أولا لأنهم أقل مناعة ولن نمس الآخرين بسوء ،تمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

*باحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *