أدب وفنون، حوارات

الأديب الأردني فوزي الخطبا للعمق: هناك حاجة إلى نظرية متماسكة للأدب الرقمي (حوار)

يبرز الأديب والناقد والباحث والمؤرخ الأردني الدكتور فوزي الخطبا أهمية البيئة الحاضنة للإبداع في بدايات نمو الغراس الإبداعية، مبرزا أنه لا يمكن للتعليم أن يحقق الغايات المرجوة منه ما لم يكن قائماً على الإبداع والتفكير الإبداعي وحفز الطاقات الإبداعية. كما يتحدث في هذا الحوار على مواضيع متعددة منها الأدب الرقمي، والرواية التفاعلية، وأهمية التاريخ في الإبداع، وحضور البيئة في الرواية العربية.

حاوره عبد الغني بلوط

كيف تقدمون نفسكم للقراء في المغرب؟

شكرا لكم على اهتمام بالفعل الثقافي والنقدي، فوزي الخطبا أديب وناقد وباحث ومؤرخ عربي أردني عضو رابطة الكتاب الأردنيين، عضو اتحاد آسيا وأفريقيا، عضو إتحاد أميركيا اللاتينية مؤلف37 كتابا في مختلف حقول العلم والمعرفة في الأدب والفكر التاريخ والسير والأعلام والنقد والتاريخ والتحقيق والتربية، ناشط في حقوق الإنسان، رئيس مجلس أمن السلام في الأردن، نائب رئيس منظمة هوانا الأردن للسلام وحقوق الإنسان، عضو منظمة عفوا الدولية مؤسس ومشارك في تأسيس العديد من المنتديات الثقافية والبيئة.

عملت في العديد من الوزارات الأردنية وزارة الثقافة و وزارة العمل و وزارة التربية والتعليم، مسؤول نشاط ثقافي وبيئي ومديرا للإعلام والعلاقات الثقافية ورئيس قسم النشاط الثقافي والبيئي وباحث مشرفاً ومدير تحرير ومستشار لمجلات أدبية واقتصادية وضابط ومنسق العديد من مؤسسات المجتمع المدني وعضو للعديد من الهيئات الأندية والملتقيات الفكرية والأدبية والبيئة.

ما هي منجزاتكم الجديدة في المجال الأدبي والأكاديمي؟

أصدرت في الفترة الأخيرة ثلاثة كتب الفضاء الأزرق في الرواية العربية رواية أنثى افتراضية نموذجا للأديب الروائي الأردني د. فادي المواج، وكتاب سعيد يعقوب شاعرا وإنسانا، وكتاب نازك ضمرة الأديب والإنسان، ومشرفا على العديد من الروائيين الجدد ضمن مشروع راوينا العربي مع الأديب والروائي د. محمود الرجبي وهنالك دراسات وأبحاث تنتظر الطبع.

 

تناولتم “الفضاء الأزرق” في الرواية العربية، ما الذي جذبكم إلى هذا الموضوع؟

الاشتغال النقدي على مسار إبداعي أو ظاهرة يظهر بعد ظهور الإبداعات الأدبية في هذا المسار، والحقيقة أن عددا من الروائيين اتجهوا إلى تناول أدوات الإعلام الاجتماعي أو وسائل التواصل الاجتماعي في أعمالهم الروائية، فظهر ما يشبه المسار الإبداعي أخذ يتكئ على الفيسبوك والتويتر والانستغرام وغيرها، مما أصبح من اللازم معه ظهور حركة نقدية تواكب مثل هذا الاشتغال الأدبي، خاصة أنه يشكل ملمحا من ملامح التحول الرقمي والتفاعل ومحاكاة أنشطة الحياة اليومية على شبكات التواصل الاجتماعي.

مع ظهور رواية أنثى الافتراضية للروائي الدكتور فادي المواج، وجدتُ أنها مكتملة الأركان اللازمة في العمل الروائي الذي يتأثر بالفيسبوك ويظهر ملامح التعاطي اليومي معه، حتى ظهرت في هذه الرواية ملامح التحول في البنية السردية واللغة الروائية والتقنيات المصاحبة، فوجدت انه من الضرورة بمكان أن يتم توفير مرجع نقدي تطبيقي على هذا المسار الروائي، يسعى فيما يسعى إليه التأطير للرواية الورقية ذات المحتوى الرقمي، وهي بلا شك لون مفارق نوعا ما للرواية الرقمية لكنه لون يتقاطع معه ويمكن أن يشكل محورا فرعيا من محاورة، لكنه مهم وأساسي، وتكونت سلة من الإبداعات العربية فيه. فجاء كتابي الفضاء الأزرق في الرواية العربية رواية أنثى افتراضية نموذجا للأديب الروائي المواج أول كتاب يقف عند هذا الفضاء يبحث في مسار الرواية من حيث بنيتها السردية وخطابها اللغوي والفكرة وشخوصها وأسلوبها وأبعادها الفنية وتأثرها في هذا الفضاء المدهش الذي يستمد فكرتها من الحياة اليومية وصور واقعها وتجاربها المعيشة.

كيف تنظرون إلى الأدب الرقمي في العالم العربي؟

الأدب الرقمي مسار أدبي جديد في التسمية والتقنيات والوسيط الناقل، لكنه أثار موجة عالية من فوضى المصطلحات حد التداخل وعدم وضوح الحدود الفاصلة بينها، لا سيما مع وجود اختلافات في حدود المصطلح ” الجامع المانع ” الذي يجمع أركان المفهوم كلها ويمنع غيرها من الدخول في حدود المفهوم، فهناك خلط نقدي أو تنظيري أحيانا بين ” الرواية الرقمية ” و ” الرواية الفيسبوكية ” و ” الرواية الورقية ذات المحتوى الرقمي ” و ” الرواية التفاعلية “، وهناك تسميات تسمي النص نصا رقميا بالقياس إلى الوسيط فقط، مع أن التحول من وسيط إلى وسيط آخر حدث عبر التاريخ ولم يحدث أن رافقه تغيير في المسميات، فقد كان الوسيط يوما ما ” الحجر ” وكان يوما ما ” الجلد ” ثم أصبح ” الورق ” حتى الورق تعددت أنواعه وأشكاله، لكن ما نراه اليوم هو نوع من الإصرار على تسمية كل عمل إبداعي وسيطة الحاسوب عملا رقميا، والحقيقة أنه ليس هذا هو المعيار في تحديد مفهوم الأدب الرقمي. بكل الأحوال، التحول ضروري، والثابت الوحيد هو التغيير، وينبغي أن يصاحب التغيير الإبداعي تغيير في الأدوات النقدية وظهور نظرية نقدية تواكب نظرية الأدب الرقمي، والحقيقة أن هناك اشتغالات نقدية ظهرت من المغرب العربي على سبيل المثال، قام عليها سعيد يقطين وزهور کرام وغيرهما، ولكن ما زالت هناك حاجة إلى نظرية متماسكة للأدب الرقمي وأنا من أولئك الذين يؤمنون بأن القضية ليست قضية وسيط ناقل، بقدر ما هي قضية تقنيات.

في الأدب الرقمي برزت الرواية التفاعلية، ما هي القيمة ” إن وجدت ” التي يمكن أن تضيفها للأدب ؟

التفاعل مع النص الإبداعي موجود منذ القدم، ولكن الأدب التفاعلي أصبح يطلق عموما على الأدب الذي يبني العلاقة بین المبدع والمتلقي عبر الوسيط الحاسوبي الأنترنتي، بحيث يستطيع المتلقي التعليق على النص أو التفاعل معه ” بأي شكل من أشكال التفاعل ” حد انه يمكن للمتلقي أن يقترح تعديلا للفصل في الرواية أو لمسار شخصية فيها، أو عاطفة قصيدة أو مشهد في مسرحية .

وهذا التفاعل يجعل من النص ملكية مشاركة بين المبدع و المتلقي مما يمنح القارئ فرصة الانتماء للنص، وهذا من شأنه أن يوجد مساحة للقاء العقول والأفكار، وتحقيق نقلة نوعية في نظرية التلقي. ويعود الفضل في إيجاد ” الرواية التفاعلية” إلى “ميشيل جویس” صاحب أول رواية تفاعلية ” الظهيرة، قصة “، عام 1989، وظهرت عربیا روایات محمد سناجلة ” شات “.

البيئة موضوع رئيس في اهتماماتكم، في نظركم هل نالت ما تستحق في الرواية العربية ؟

هناك أعمال روائية عربية سلطت الضوء على البيئة والجفاف وتدمير المقدرات و غيرها من الموضوعات ذات الصلة بالبيئة، منهم عبد الرحمن منيف في خماسيته وفي روايته “النهايات”، ومنهم غسان شبارو في روايته التي حملت عنوان “2022”، وغيرهما، لكن الأعمال الروائية التي تناولت البيئة ما تزال قليلة نسبياً.

لكم كتابات أدبية لشخصيات تاريخية، كيف يمكن أن يستفيد الجيل الناشئ من ذلك ؟

لقد أثبت التاريخ عصيانه على النسيان، وثبتت قوة مناعته أمام التحديات والمتغيرات وقوافل السنين، فالذاكرة لا تحفظ شيئا كما تحفظ التاريخ ورجالاته خاصة الأدباء والمفكرين والفلاسفة وفي سير هؤلاء شيء كثير يمكن أن يستفيد منه أبناؤنا والأجيال الحاضرة والقادمة، ولذلك حرصت على تسليط الضوء على بعض الشخصيات التاريخية، ففي حياتهم عبر وفي مواقفهم قيم، وفي تاريخهم كنز ثمين، وقد كتبت عن العديد من الرموز الوطنية والقومية في العالم العربي والأردن، نذكر شهداء النهضة العربية الذي أعدمهم جمال باشا السفاح وهم النخبة من رجال العرب والطليعة المثقفة، كما أصدرت عن العديد من المناضلين الأردنيين أمثال المناضلين محمد بطاح محيسن، حسين باشا الطراونة، وشمس الدين سامي، ومحمد الشريقي، وغيرهم.

أنتم صاحب فكرة “الورشات الإبداعية في وزارة التربية والتعليم” كيف يمكن أن نربط التعليم بالإبداع؟

التعليم مختبر الإبداعات، وهو البيئة الحاضنة للإبداع في بدايات نمو الغراس الإبداعية، ولا يمكن للتعليم أن يحقق الغايات المرجوة منه ما لم يكن قائماً على الإبداع والتفكير الإبداعي و حفز الطاقات الإبداعية، عندما كنت رئيسا لقسم النشاط الثقافي و البيئي عملت ورشات إبداعية للمبدعين في وزارة التربية والتعليم عن أصول الكتابة الإبداعية في القصة والمقالة والشعر والخاطرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *