أدب وفنون، مجتمع

باحثون يقيمون التعليم عن بعد ويطالبون بالتجديد في وسائل تدريس اللغة العربية

قيم باحثون وأكاديميون تجربة التعليم عن بعد في المغرب، وطالبوا بضرورة التجديد في وسائل تدريسِ العربية وتطويرِ آلياته لتحقيق التطوير المنشود، وذلك خلال ندوة تفاعلية عن بعد، نظمتها المنسقية الجهوية للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، فاس مكناس، يوم الجمعة الماضي.

وفي هذا الصدد، قال رئيس المنسقية حميد حماموشي، في كلمة له بالمناسبة، “إن هذه الندوة تنظم في ظروف استثنائية يعيشها العالم عامة والمغرب خاصة، وهي ظروف جائحة “كورونا”، التي فرضت على مسيري الشأن التربوي في المغرب التكيف، والتأقلم بشكل يسمح باستمرارية الدراسة عن بعد”.

وكشف محمد دخيسي أبو أسامة من المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين للجهة الشرقية” عن وجود مشاكل كثيرة تعيق العملية التعليمية التعلمية عن بعد، لا سيما في مراكز التكوين، ومن أهمها ما يرتبط بما هو مادي وتقني لدى الأساتذة المتدربين”.

وأوضح، “أن فرض التعليم عن بعد بشكل قسري، جعله يتسم بالفشل وعدم المواكبة من لدن جميع الأساتذة الذين غابت لديهم الرغبة، لا سيما أن الآليات المعتمدة فيه كانت تقليدية وغير مناسبة؛ كقناة الرابعة، أو الرياضية”.

وأضاف المتحدث ذاته، “أن التعليم عن بعد في هذه المرحلة كان أفضل من البعد عن التعليم”، مبرزا “أن عمليتي التقويم والتقييم في هذا النوع من التعليم، يخضع لهما الآباء عوض الأبناء، مما يضرب في مصداقية هذا التعليم عن بعد”، مؤكدا “أن العناية الحقيقية ينبغي أن توجه إلى المناهج، لأن الوسائل مكملة وليست هي عمود العملية التعليمية التعلمية مثل المناهج”.

من جانب آخر، قالت فتيحة اليحياوي من الأكاديمية الجهوية فاس مكناس إن “فضاء القسم لا يمكن تعويضه بفضاء الإنترنت، لأن التفاعل الحضوري يسهم بتمرير قيم وإيقاعات خاصة تغيب في التعليم عن بعد”.

ونبهت اليحياوي، “إلى ضرورة عدم مقارنة التعليم الحضوري بالتعليم عن بعد”، مشيرة “إلى إشكالية النقل الديداكتيكي لمادة اللغة العربية عن بعد لدى التلاميذ، لا سيما في ظل غيابهم التام عن التفاعل”.

وأشارت، “إلى غياب البعد التواصلي في التعليم عن بعد، وغياب التقييم الفعال أيضا”، مشددة “على ضرورة التجديد في تعليم اللغة العربية، لا سيما فيما يرتبط ببعض دروس اللغة التي لا يتحمس لها تلاميذ الثانوي التأهيلي”.

في السياق ذاته، يرى المختار السعيدي من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين الدار البيضاء سطات، “ضرورة مناقشة قضية التعليم عن بعد، في إطار شمولي يراعي زوايا ثقافية، وتربوية، واجتماعية، لأن كل ذلك سيحدث فروقا لا يمكن القفز عليها بين التعليم الحضوري، والتعليم عن بعد”.

وزاد قائلا،” إن أهم أسباب غياب التفاعل في التعليم عن بعد هو طريقة الإلقاء السلبية في بعض القنوات التلفزية، والتي تعود بنا إلى بيداغوجيات تقليدية؛ مثل بيداغوجيا المضامين”.

ونبه المتحدث ذاته، “إلى ضرورة عدم محاسبة هذه التجربة الاضطرارية في التعليم، لأنها لا تخضع لأطر مرجعية منظمة عكس ما نجده في التعليم الحضوري، مبرزا وجود إيجابية خاصة للتعليم عن بعد، وهي كشفه عن مواهب كثير من المتعلمين أبانوا عنها وراء شاشات الحواسيب، في حين غابت عنهم في التفاعل المباشر”.

من جهته، اعتبر محمد بنلحسن من المركز الجهوي لمهن التربية لتكوين فاس، “أن المقارنة بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد مقارنة ظالمة، لا سيما أن هذا التعليم عن بعد فرضه وباء “كورونا” ولم تهيئ له الوزارة الظروف المناسبة، ولذلك ينبغي أن نقبله في هذه المرحلة بجميع عيوبه”.

وشدد بنلحسن على ضرورة انسجام التعليم عن بعد مع “المهارات، والقدرات، والمصاحبة، والتقويم، والتفاعلية، وتوفير الصبيب؛ وكل هذه الامور إن وُجدت، فستكون كافية لإنجاح عملية التعليم عن بعد”.

واستطرد قائلا، إن “الكفاية التواصلية الرقمية تختلف عن الكفاية التواصلية الحضورية، وهناك الكثير من الطلبة والتلاميذ والأساتذة لا يمتلكون هذه الكفاية، ولذلك وجب عقد تكوينات للجميع لتفادي الخلل”.

ودعا المتحدث نفسه،” إلى ضرورة أن يتحد الجميع لتطوير تعليم العربية وتعلمها بعد الجائحة، فلا بد من تغيير في العقليات والمنهجيات والوسائل، وجعل التكنولوجيا رافعة لتطوير التعليم بشكل عام”.

وفي سياق متصل، سلط  عبد الحق العمري من الكلية المتعددة التخصصات الناضور، الضوء على تفاعل الجامعة مع قضية التعليم عن بعد، موضحا “أن الجامعة انخرطت أيضا في التعليم عن بعد بوسائل متنوعة؛ محاضرات مسجلة، ووثائق مصورة، أو مطبوعات وغيرها”.

في المقابل، سجل العمري، “غياب تفاعل الطلبة، وضعف الوسائل الموظفة، وانعدام التقويم”، مشيرا إلى “تحقق البعد التواصلي يشترط الاستماع، والتحدث ثم الكتابة، مؤكدا أن تفاعل الطلبة في التعليم عن بعد كان غائبا، مما غيب النتائج المرجوة”.

وفي هذا الاطار دعا إلى ضرورة توفر جميع المتعلمين على الوسائل التقنية، كما شدد على “ضرورة إخضاع هيئة التدريس للتكوين في مجال التعليم الرقمي، وضرورة تبيئة المجتمع بأكمله لتقبل التكنولوجيا في مجال التربية والتعليم”، متسائلا عن مدى حضور القيم في التعليم عن بعد” وفق تعبيره.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *