وجهة نظر

التعارض القائم بين المصلحة الفضلى للطفل وحقوق المثليين

بعد أن طفا موضوع المثلية مرة أخرى على السطح، وددت أن أقوم بقراءة صغيرة للعلاقة الطردية لهؤلاء المثليين وانعكاسهم السلبي على حقوق الطفل، تعمدت تناول الموضوع من زاوية حقوقية اجتماعية، ولو أدخلت آراء الأديان كافة – ليس الإسلام فقط – لخلصت لنفس النتيجة…

بعد أن نادت جل منظمات الأمم المتحدة عن حقوق هذه الأقلية، كان لمنظمة اليونيسيف – والتي تُعنى بحماية حقوق الطفل- نفس الاتجاه، الشيء الذي يبدو متناقضا مع الهدف المرجو من إنشائها، بحكم أن هؤلاء المثليين يشكلون – إن صح التعبير- مساسا لحقوق أجيال وأجيال من الأطفال، كيف ذلك؟

لما كان الزواج التقليدي يساهم بإنجاب الأطفال وتربيتهم بطريقة صالحة ليصبحوا أفرادا فاعلين في مجتمعاتهم. أُقِر “الزواج المثلي” العقيم الذي سيحرم المجتمع من جيل جديد لن يعيش تحت سقف أسرة مبنية على الأسس الطبيعية التي عاشها هؤلاء المثليين أنفسهم، ما قد يعرض المجتمعات إلى التدهور؛ اجتماعيا وثقافيا وأخلاقيا… فرغم تشبث هذه الأقلية بأن رغبتهم هذه نابعة عن حرية شخصية، واقتناعا منهم أن من حقهم وحريتهم اختيار ما يريدون لأنفسهم، دون مراعاة الآخر ودون التفكير في العواقب التي سينتج عن اختيارهم هذا، فإن المبدأ المعروف لدى كافة الحقوقيين أنه ليس هناك ما يسمى بالحرية المطلقة “فالحرية تنتهي عندما تبدأ حرية الآخر”، ولو فتحنا المجال للحرية المطلقة لأصبحنا نعيش في فوضى، ولو بحثنا عن ضوابط الحريات الشخصية لوجدنا أن من أهم مرتكزاتها هي عدم انتهاك قيم الأخرين والاعتداء على خصوصياتهم.

إن أهم الإشكالات التي يطرحها هذا الزواج، أنه يتنافى مع الهدف الرئيسي من الزواج الطبيعي الكامن في الإنجاب وتربية الأطفال ضمانا لاستمرارية البشرية، علاوة على أنه ضرب وخرق لقانون الطبيعة البشرية، حيث عادة ما يكون أطفال هؤلاء المثليين إما متبنين، أو يلجؤون إلى طرق غير طبيعية واصطناعية للإنجاب؛ حيث يكبر الطفل من دون أب أو من دون أم، وسط إمرأتين أو رجلين، واحد منهما أو كلاهما لا تربطه بالطفل أي صلة بيولوجية، مما قد يؤثر ذلك سلبا على تربية الطفل وحياته اليومية ومستقبله، إذ أن “الزواج المثلي” يتجاهل أهم اهتمامات الأطفال وعاجز عن تكوين عائلة وهو علاقة عقيمة كما سبق وأن ذكرنا.

ختاما، تجدر الإشارة إلى أن كثيرا من المسائل الحقوقية التي طفت على السطح مؤخرا، قد تبدو من الوهلة الأولى أنها ممارسات وحريات شخصية بحتة، لكنها تحمل في طياتها أهدافا خفية وتمثل انتهاكات لأطراف أخرى، وليس أدل على ذلك من اعتبار بعض الحقوقيين أن تعاطي المخدرات هو حرية شخصية في الواقع، لكن البعض الأخر يصر على كونها انتهاكا لحرية أشخاص آخرين، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على حقوق المثليين… ليبقى السؤال العريض؛ أليس هناك تناقض بين حقوق المثليين وحقوق الطفل التي تنادي بهما نفس المنظمات التابعة للأمم المتحدة؟

* طالب باحث بجامعة محمد الأول وجدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *