مجتمع

السمنة .. كابوس يؤرق سيدة مغربية ويهدد زواجها ويجعلها عرضة للتنمر

السمنة مرض العصر

هاجر شريد – صحفية متدربة

“كل شيء تغير مزاجي، طبعي، أفكاري إلا جسدي، حقا أشعر بالحرج في كل مرة أرى نفسي في المرآة، ولا يوجد أصعب من هذا الشعور بالنسبة لي”، بهذه الكلمات تلخص إكرام معاناتها مع السمنة.

إكرام، سيدة متزوجة وأم لطفل هي واحدة من عدد كبير من النساء اللواتي يتعرضن إلى التنمر بسبب وزنهن الزائد، ففي كل مرة تجلس رفقة أسرتها الصغيرة لتناول العشاء أو مشاهدة التلفاز تنتظر تعليقا لاذعا من زوجها يفسد عليها متعة الأكل أو المشاهدة.

في حديثها مع جريدة “العمق”، تؤكد إكرام أن زوجها دائما ما يقلل من قيمتها وشأنها، بل يعتبرها أنها ليست كبقية النساء، بحجة أن جسدها لم يعد رشيقا ومنحوتا كالعارضات والنجمات، فبعض من الكيلوغرامات الزائدة جعلت إكرام مادة لسخرية من قبل زوجها.

“هذا هو أكبر مقاس لدي”
“ربما ذنبي أنني تناولت كميات كثيرة من السكريات أو الدهنيات أو أخذت بعض الأدوية التي تسببت لي في البدانة”، تضيف المتحدثة، التي لم تعد قادرة على الذهاب إلى التسوق فهي تتألم في كل مرة تسمع تلك الجملة التي يقولها البائع لكل امرأة ممتلئة “هذا هو أكبر مقاس لدي، وأظن أنه سيناسبك”.

ترتدي لباسا لا يروقها لأن الموضة مخصصة فقط للنساء للواتي يملكن جسدا جميلا ورشيقا، كثيرة هي أحلام التي تخلت عنها إكرام بسبب وزنها، لم تكن تعرف يوما أن تلك السعرات الحرارية قد تتسبب لها في تعاسة دائمة.

جسد إكرام الممتلئ كسر ثقتها بنفسها، فهي تقارن نفسها مع بقية صديقاتها محاولة أن تجد شبيهتها لكي تتقاسم معها مرارة ظروفها، لكن يخيب أملها مثل كل مرة لأن غالبيتهن يتمتعن بجسد رشيق عكسها.

تدخل إلى محرك كوكل بحثا عن حلول حاسمة لمشكلتها، فتجد أطنانا من الحيل والوصفات، لجأت إليها جميعها بهدف الحصول على جسم يرضي نفسها وزوجها لكنها فشلت فشلا ذريعا.

إحصائيات
كشف تقرير للبنك الدولي مؤخرا، أن 66 في المائة من النساء في المغربيات يعانين من السمنة المفرطة أو زيادة في الوزن.

كما أظهر بحث أجرته وزارة الصحة ارتفاعا أكبر في البدانة بين الإناث، حيث ارتفع معدل البدانة من 19.10٪ في 2000 إلى 29٪ في 017، بزيادة قدرها 10٪ خلال 7 سنوات. أما فيما يخص الرجال فإن الزيادة كانت أقل وذلك بنسبة 4٪ فقط.

أثار نفسية
تقول الأخصائية النفسية، والباحثة في علم النفس الاجتماعي بشرى المرابطي، إن للسمنة أثارا نفسية لا تقتصر فقط على فقدان الثقة في النفس وعدم تقدير الذات والعزلة، بل يمكن أن تشمل اضطرابات أكثر خطورة وفي مقدمتها الاكتئاب، وذلك حسب العديد من الدراسات التي أكدت أن البدانة قد تتسبب في الكثير من المشاكل والمضاعفات النفسية والاجتماعية المدمرة.

واعتبرت المرابطي أن “السمنة قد تكون أحيانا نتيجة مشاكل نفسية يمر بها الفرد كالإحباط والتوترات الداخلية، فيلجأ الإنسان في هذه الحالة إلى الأكل بشراهة، وبكميات كبيرة أكثر مما يحتاجه الجسم، كطريقة لتفريغ التوتر و الهروب من الضغط النفسي”.

وأضافت المتحدثة، أن معظم الأبحاث التي أجريت عن السمنة أظهرت أن أغلب الأشخاص الذين يعانون منها راودتهم فكرة الانتحار، ويرجع السبب في ذلك إلى الأزمات النفسية التي يمرون بها، إضافة إلى الرفض الاجتماعي وتدني فرص العمل والزواج.

وتؤكد المرابطي أن المرأة اليوم تتعرض إلى الضغط من قبل المجتمع، الذي يفرض عليها التماهي مع معايير الجمال الحالية التي أنتجتها الموضة ومواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يجعل النساء المصابات بالسمنة يشعرن بالإحباط والقلق، فسمينات الجسد غير معترف بهن داخل المجتمع.

وأشارت إلى أن هناك موجة خاصة ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية لعروض الأزياء للنساء السمينات، في محاولة للإعلاء من هذا النوع من الأجساد وتعزيز الثقة لدى النساء، لكن هذا التوجه لازال محتشما ولم يعرف الانتشار المطلوب.

عدات غذائية خاطئة
ويرى يونس الزاهري، وهو أخصائي في التغذية، أن هناك الكثير من الأشياء التي تسبب في الإصابة بالسمنة، من بينها العادات الغذائية الخاطئة التي قد تكون سببا رئيسا في البدانة، ناهيك عن تناول السكريات والدهنيات بكثرة، وعدم القيام بالرياضة، وممكن أن يكون مشكل أيضا هرموني وفي هذه حالة يجب استشارة الطبيب.

وأضاف الزاهري في حديث مع العمق أن “هناك فئة من الناس تقوم بإتباع حمية خاصة، ورغم ذلك لا ينخفض وزنهم، بل في بعض الأحيان يزداد وقد يعود السبب في ذلك إلى إتباعهم لحمية غير مناسبة، لأنه ينبغي أخذ بعين اعتبار مجموعة من الأشياء كالطول والوزن والعادات الغذائية المتبعة.”

الزاهري أبزر أيضا أن الإفراط في الطعام لديه علاقة بالسمنة، لأن جسم الإنسان يحتاج إلى عدد محدد من السعرات الحرارية، التي تختلف من شخص إلى آخر حسب ظروفه الاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية التي تلعب دورا مهما، وبالتالي الإفراط في الأكل يؤذي إلى انعدام التوازن.

واعتبر أنه “لا يوجد نظام غذائي ثابت ومناسب للجميع، لأن كل شخص يختلف عن الآخرين، ويعود السبب في ذلك إلى عدة عوامل منها الوزن، معدل الحرق، الحالة الصحية والنفسية وغيرها، لدى التخلص من السمنة يتطلب الالتزام ببرنامج طبي لفقدان الوزن من قبل الطبيب أو اختصاصي في التغذية.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *