سياسة

الطوزي: إصلاح الدولة يبدأ من الدوار وليس المركز .. والمغرب يعاني من عدالته

قال المفكر والأكاديمي المغربي وعضو لجنة النموذج التنموي، محمد الطوزي، في معرض حديثه عن القناعات التي توصلت إليها لجنة بنموسى، إن مشوار إعادة إصلاح الدولة يبدأ من المحلي وليس المركزي، مضيفا أن الأمر يتطلب إعادة النظر في الإطار القانوني والمؤسساتي، وأيضا مراجعة العقليات.

وأضاف الطوزي، في ندوة صحفية نظمتها اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، اليوم الثلاثاء، أن هذه الأخيرة، ليست تقنية ولا لجنة خبراء، بل هي لجنة مواطنين تضم قناعات مختلفة، مضيفا أن المشروع الأول للجنة هو بناء قناعات مشتركة حول تصور المغرب الذي نريده.

واعتبر، أن صلب عمل لجنة النموذج التنموي يظهر تقنيا إلى حد ما، ولكن هو سياسي، مسجلا ضعف تنظيم الدولة على المستوى الترابي، رغم أن هناك قناعات كبيرة وخطاب كبير حول الجهوية المتقدمة المتوقفة حاليا، إضافة إلى ضعف التجهيزات على المستوى المحلي وتهميش العالم القروي.

ومن القناعات التي توصلت إليها اللجنة، يقول الطوزي، إن هناك إشكالا كبيرا في المغرب على مستوى تصور دور الدولة وما هي الدولة، وما هي مسؤوليتها تجاه المواطن والمجال، وما هو تصورها لاستدامة التنمية، لافتا إلى أن الجهوية المتقدمة تعرف “بلوكاجا” رغم الرهان الكبير عليها.

هذا الإشكال، بحسب الأكاديمي المغربي، يستوجب إعادة النظر ككل في تنظيم الدولة على المستوى المجالي، مضيفا أن هناك قناعة كبيرة أن المغرب في بعده الاستراتيجي هو قروي رغم أن هناك تناميا كبيرا للمدن ورغم أنه يعرف شبكة كبيرة من المدن الصغيرة والمهمشة كذلك.

وأردف الطوزي، أن البعد القروي ظهر في تجربة “كورونا”، إذ أنه رغم المجهودات التي قامت بها الدولة من خلال منحها لإعانات مالية للمواطنين، إلا أنه لو لم يكن العالم القروي لازال محافظا على قيم التضامن لكانت هناك مشاكل أكبر.

وركز الطوزي خلال حديثه عن التصور المستقبلي للنموذج التنموي على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الدور المهم للفلاحة الأسرية على مستوى مساهمتها في التوازنات، إضافة إلى بناء سياسات عمومية على المستوى الملحي وإيصال الخدمات العمومية للدواوير من ماء وكهرباء ومدرسة وصحة.

وتحدث الأكاديمي المغربي، عن قضية الاستدامة، أي جعل هذه الخلية الأساسية التي هي الأسرة والدوار إطارا مهما لتدبير ما يسمى بالتدبير البيئي للبلاد والمحافظة على الثروات المحلية، منتقدا الضعف الكبير لمستويات السياسات العمومية المتعلقة بإعداد التراب على مستوى الدوار والجماعة والدائرة والعمالة والجهة ككل.

وأبرز الطوزي أن البعد الذي يؤكد أيضا بأن تصور اللجنة ليس تقني بل هو سياسي هو أنها تهتم بقضية المناخ العام الذي يحيلنا على تساؤلات حول الحكامة العامة لأي نموذج تنموي الذي سيطرح للنقاش العمومي، لأنه لا يمكن أن يؤسس إلا إذا كان منسوب الثقة بين الحاكم والمحكوم، وأن تكون التوافقات مبنية على قناعات ليس موحدة بل مشتركة.

وسجل المتحدث، ضعفا في منسوب الثقة على المستوى العام، وضعف الثقة في المؤسسات التمثيلية والسياسية، ومشاكل على مستوى الحريات العامة والشخصية، لافتا إلى أن هناك تشنج كبير بين التصور الأمني والتصور السياسي لتطور المغرب على مستوى التشخيص.

وتبعا لذلك، أكد الطوزي أن القناعات التي توصلت إليها اللجنة، أنه يجب رد الاعتبار على الأقل للثقة والمؤسسات السياسية والتمثيلية وإعادة الاعتبار للسياسة ككل ليس من خلال الخطاب ولكن من عبر مشاركة جميع الفرقاء السياسيين.

رد الاعتبار للمؤسسات التمثيلية والفعل السياسي، بحسب الطوزي، يواكبه محور آخر هو قضية العدالة، إذ أن المغرب يعاني من عدالته رغم أن هناك عدة قفازات إلى الأمام على مستوى استقلالية العدالة، إلا أنه لا يزال يعاني على مستوى النجاعة وعلى مستوى الرشوة.

وزاد الطوزي، قائلا: “هناك إشكالية تطرح عموما على مستوى الحريات العامة والحريات الفردية، وهي تحصين الحريات والإعلام الذي يساهم في توازن السلطات وخلق السلطات المضادة التي بها لا يمكن أن نكون مجتمعا منفتحا وديمقراطيا”.

وطرح الطوزي، أيضا إعادة النظر كليا في علاقة الدولة بالمجتمع المدني، والتي لا يجب أن تكون علاقة تبعية بل استقلالية، مضيفا أن المجتمع المدني يجب أن مشغلا ومساهما ومدبرا مهما للخدمات العمومية على المستوى القروي والحضري.

وشدد على ضرورة الاعتراف بالدور المحوري للمواطن عبر الاعتراف بالمجتمع المدني، والثقة في أن الديمقراطية التشاركية لا تتعارض مع الديمقراطية التمثيلية، ولكن تكملها وتمنحها شيئا من النجاعة، وتمكن من تأطير المواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *