وجهة نظر

لجنة النموذج التنموي والرغبة في الانصات لنا!

تنمية البلاد تحتاج لتضافر جهود الجميع دون استثناء لأحد، ووضع النقط فوق الحروف بشكل صحيح، دون اغفال أحد، والابتعاد تماما عن سياسة حلال علينا حرام عليكم، مع القطع مع نهج سياسة كم من حاجة قضيناها بتركها، وعدم التحايل على مقولة القناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل.

فهناك الكثير من القوانين التي قد تساهم في زرع الثقة بين مختلف الفئات الاجتماعية، وتساهم في وضع حد لأغلب المصائب والمشاكل البنيوية، التاريخية، والتي غالبا ما تتكثل في رزنامة منبعها البطالة والفقر.

إذ، أن الانتقال من التضامن التطوعي، إلى التضامن المؤسساتي والاجباري، أمسى ضرورة ملحة وصعبة فى آن واحد.
فالتفكير في خلق تعويض عن البطالة، أو خلق فرص شغل على الأقل أسبوع أو أسبوعين في الشهر، في ميادين مختلفة كالبيئة أو النظافة، وبطرق دائمة ومفتوحة لجميع العاطلين دون استثناء، على أساس التناوب الدائم. يعد رأفة بالضمير، واحياء للحق الانساني، ومحاربة لمذلة 0درهم في الجيب المهينة والمستفزة!

العاطلون والعاطلات في هذا الوطن العزيز، لهم رغبة جامحة للعمل، والاشتغال فوق تراب هذا الوطن، لا العمل الموسمي في بلدان أجنبية بأساليب، توحي أننا لا زلنا في واقع مرير، غير قادر على توفير العيش الكريم للجميع.

فهناك قوانين تتطلب جرأة زائدة، وليس توافقا، لأن التوافق في بعض الأحيان، تكون له نتائج عكسية على التنمية والمجتمع والحياة المعيشية للسكان.
ومن بين القوانين التي قد تضع القطار في السكة الصحيحة وتساهم في تيسير نجاح النموذج التنموي الجديد نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
_قانون النقابات.
-قانون تحديد السقف الأعلى للأجور والتعويضات.
-قانون التأمين الصحي لكافة المغاربة.
-قانون التعويض عن العطالة لحملة الشواهد التعليمية والمهنية.
-قانون ملزم لمن يتقلد المسؤوليات السياسية والإدارية والتربوية بتسجيل الأبناء في المدارس العمومية.
-قانون حل الأحزاب السياسية التي لا تحصل على العتبة الانتخابية.
-قانون إعادة الاعتبار للغات الوطنية وإلزاميتها في كل الإدارات المغربية وفي القطاع الخاص.
-قانون تعميم التعويضات العائلية على كل الأسر المغربية
-قانون يلغي نظام العتبة في جميع المباريات، ويسمح للجميع بالمشاركة مع تصحيح المباريات خارج الجهة الأصلية رغبة في توفير الحد الأدنى للنزاهة.

ومن الأمور المهمة كذلك، والتي قد تساهم في زرع الأمل داخل الأسر المغربية، أن يتجه النموذج التنموي في برمجة البعد الاجتماعي القيمي أولا، وقبل كل شيء، في أي مخطط تنموي، بعيدا عن التقليد الأعمى، الذي ضيع على البلاد فرصا تاريخة لا تعد ولا تحصى في المجال التنموي.
كما أن هذا النموذج الجديد، عليه أن لا يغفل موضوع خلق تعويض عن البطالة، للذين تعذر عليهم ايجاد فرص عمل، أو تجاوزوا السن القانونية للعمل.
فعدالة التضامن هي محاربة اليأس، وتوزيع الثروة، وعدم الهروب في التغطية على هذا المعطى، بمصطلح تشجيع الريع، لأن الريع مكانه معروف وواضح للجميع!

أما فيما يخص خوصصة بعض القطاعات الاجتماعية،
فلم الخوف! هيا للجرأة، والقول الصريح، فإذا كانت الحكامة المالية تقتضي خوصصة التعليم، وتحقيق التطور المنشود، دون التناقض مابين الأقوال والأفعال!!!
فالأجرأة الحقيقية، تدبر من خلال تخصيص الميزانية الضخمة لهذا القطاع للكل، فيعاد تدبيرها وعقلنتها، وفق مقاربة دقيقة، تستهدف منح الأسر قدرا شهريا من المال، عن كل طفل طيلة مساره الدراسي، بهدف تغطية كل الرسوم، والواجبات الدراسية والمهنية. مع ربط صرف المبلغ بالنسبة للأسر بالعقاب، في حالة صرف هذا المبلغ خارج هذا المسار، في حين تبقى الدولة مسؤولة عن أجور المدرسين. وفي المقابل تتشدد الدولة من خلال مصالحها وأجهزتها، على جمع الضرائب من المؤسسات الخاصة، التي يمنح لها صلاحية الإستقلالين الاداري والمالي.

وفيما يخص المبالغ التي يتم توفيرها، فتخصص كمنح شهرية لكل العاطلين من حملة الشواهد الدراسية والمهنية إلى حين حصولهم على عمل قار ولائق، ما دامت الدولة، مسؤولة عن توفير مناصب الشغل ، فمناصب الشغل مرتبطة أساسا بنجاح الحكومات في رفع نسبة النمو، والقطع مع سياسة الإتكالية، والريع بمختلف أبعاده، من خلال تنظيم صارم لسوق الشغل.

هنا تكون الصراحة، وإن كان عكس ذلك فلم المشاكل تتناسل في هذا القطاع سنة بعد أخرى!؟
ولعل النموذج التنموي سيواجه الكثير من الاكراهات، لكن في حالة كان ميالا للجانب الاجتماعي، ستكون له قيمة قيمية، داخل عقول وقلوب الأسر المغربية.
إذ أن الكل،! أصبح يبدع في الإنتقاد، ويوجه سهامه للمدرسة المغربية، من خلال توجيه تهم، أقل ما يقال عنها أنها مجانبة للصواب وحقيقة الواقع.

فكيف يمكن تفسير جحافل الأطر المتخرجة من كل التخصصات، أطباء مهندسين، تقنيين، أساتذة، قضاة محامون، وزد على ذلك.
فالمدرسة المغربية مغبونة بغبن البيرقراطية الإدارية. فلو أتيحت الإمكانية لها لإستقطاب ملايين الطلاب، الراغبين في ولوج إحدى المعاهد العليا، وتم تجاوز التعسف اللغوي الإجباري، وخلق مسارات لغوية في التعليم العالي والتقني، من خلال خلق إمكانية الإختيار اللغوي لإستكمال المسارات المهنية المتشعبة.

فمن أراد الدراسة باللغات العربية الانجليزية أو الفرنسية أوالاسبانية فله ذلك. هنا يمكن أن نقول أننا خلقنا نوعا من تكافؤ الفرص لأبناء الشعب، وتقابل الدولة ذلك، بقبول كل الخريجين، وبالتالي الحفاظ على التنوع والزخم المعرفي الثقافي.

كما أن مسألة الإنضباط تعد أولوية من خلال تشديد الإجراءات الزجرية، وليس إطلاق العنان للمكبوتات من خلال الليونة والتساهل المهين للأخلاق والتفاعل التربوي.
ومن المسائل المهمة كذلك، ضرورة أن تتوقف السياسات الحكومية عن تعليق الفشل على المدرسة، ما دامت المدرسة ضحية، وليست طرفا في الاختيارات التنموية.

إذ، للأسف أن أغلب الأحزاب أصبحت منشغلة بالبوليميك، والسجال السياسي العقيم، عوض البحث وجلب الاستثمارات الضخمة، من خلال الدبلوماسية الموازية، بغية خلق فرص جديدة لاسترجاع الكرامة المنهكة لجحافل ملايين العاطلين.

كما وجب خلق دينامية معنوية، ومادية، لتشجيع الشباب على التكوين والبحث و خلق للفرص، وعدم التساهل مع إستعباد الشباب العاطل، من خلال زجر كل المخالفين لقانون الشغل، ومعاقبة من يهمل الحماية الإجتماعية لليد العاملة.
هذا مع فتح المجال للقطاع الحر، والسهر عى ضمان إنخراطه في الحماية الإجتماعة.
ومن واجب من يصل إلى مراكز أخذ القرار خلق تعويض عن العطالة، بموازاة مع عدم ترك الفرصة للاجراءات المشجعة على الإتكالية، ورفض الأفكار التشاؤمية، التي زرعتها تقلبات مواقف الهيئات السياسية والنقابية.

تلك المدرسة التي ننتقذها هي مدرسة الرجال والنساء والأسرة والمجتع والشعب.هنا الدولة المواطنة القوية.

كما أن خلق ضريبة تضامنية جديدة غير مباشرة تفرض على المؤسسات، والأشخاص وترشيد أموال الزكاة والنفقات لصالح احداث تعويض شهري للعاطلين من حملة الشواهد المهنية والتعليمية والأرامل والمعاقين ليس ريعا أبدا، وإنما بداية أنسنة المجتمع.الطلب ليس مستحيلا بل يحتاج فقط مخطط للتنفيذ.
فالبطالة تدفع صاحبها الى التفكير فقط بفكر الجحيم واليأس المفضي إلى كره نعيم الحياة، ومن تم التطرف الأسود.

انعاش تشغيل المعطلين، الذين رمتهم النماذج التنموية خارج السيرورة الاقتصادية، أمل تنموي واعد، وذلك على أساس التناوب في الشغل فيما أشرنا اليه سابقا، هذا التناوب الدائم، والمنظم، والصارم في المراقبة، والتتبع في التنفيذ، من خلال بطائق التعريف الوطنية الجديدة، التي عليها أن تظيف هذا المعطى بجانب السجل الاجتماعي المرتقب خروجه للوجود، أمر لا مفر منه. فهذا الاجراء يعد رأفة بالضمير واحياءا للحق الانساني ومحاربة مذلة 0درهم في الجيب.
الوطن والعاطلون في هذا الوطن يحبون أن يشتغلوا فوق تراب هذا الوطن. فالحكامة المالية، والتضامن الدائم، والفعال، قادر على انعاش التشغيل الدوري ومحاربة البطالة المطلقة، والقاتلة للنفس البشرية والمهينة للكرامة الانسانية.

ومن الأولويات التي يجب أخذها بعين الاعتبار لدى من ينظر لتنمية البلاد، القيام بإصلاحات جدرية للقطاع السمعي البصري.
فعندما يتم بث مسلسلات مدبلجة لدول ما لها حمولة ثقافية ولغوية معينة لمدة طويلة، يصبح العقل شاردا مدمنا، خاضعا وميالا لطرق عيش مجموعة لا ينتمي إليها جغرافيا ولا تاريخيا.
فيفضل أهل البلد المنتجات الإستهلاكية غير الوطنية، وتخلق ترسبات على مستوى العقل، تتكثل في رزنامة من التمثلات القيمية والأحكام الجاهزة، التي تعطي نظرة دونية للمنتجات الوطنية، عكس المنتجات الأجنبية، خصوصا تلك المرتبطة بالتأثير النمطي، الذي تتكفل بترويجه البرامح والسلسلات الدرامية التلفزية المختلفة، عقائديا وسلوكيا، والمؤثرة على طبيعة الأفكار الاستهلاكية للمنتجات المتنوعة.

مما يولد أفكار مبرمجة على التبعية بطرق غير مباشرة، فيوصف المنتوج الوطني بالرداءة ودون المستوى المطلوب.
ثم يقبل الملايين على شراء بضائع أجنبية بدعوى الجودة والإتقان، فيهان المنتوج الوطني ويربط بالفقر لا لشيء إلا أنه صنع في المغرب.
وهو ماينعكس سلبا على آلاف المؤسسات الصناعية والتجارية، خصوصا المهتمة بالصناعات الاستهلاكية خاصة صناعتي النسيج و الألبسة الجاهزة وغيرها من المنتجات المتنوعة.
وهي مرحة نحو تشريد العمال وأسرهم وبداية الإعلان عن الافلاس المحتمل والمؤسف!

كما أن بث برامج تلفزية تروج لدراما معينة بطرق مختلفة تنتمي لأقطار أخرى، ماهو إلا تشجيع للهجرة، ودفع الناس إلى تفضيل السياحة خارج أرض الوطن، والأغرب هو سعي بعض البرامج الترفيهية إلى احداث جوائز للفائزين من خلال تنظيم رحلات خارج الأراضي المغربية، وهو ما يعد تشجيعا بكل تأكيد للسياحة المضادة، التي تساهم في خروج العملة الصعبة من البلاد، وبالتالي زعزعة مسار السياحة الوطنية، علاوة على التتروج لاقتصادات بلدان أجنبية.

وخير دليل، ما وصلت إليه وضعية المؤسسات والمواقع والمدن السياحية المغربية، والرغبة الجامحة للملايين في السفر إلى بلدان تروج لها وسائل الإعلام، التي من المفترض أن تتشبع بالوطنية، من خلال الترويج فقط للمؤهلات الفلاحية والصناعية والثقافية المتنوعة للروافد الوطنية.

الابتعاد عن التنسيق، و عدم قراءة أبعاد البرامج التلفزية، والتركيز على نسب المشاهدة القياسية باعتماد الضحك، والرقص والطبخ وما غير ذلك، لدليل على قصور استراتيجية العمل الإعلامي في خدمة الاقتصاد الوطني بشكل خاص، والنموذج التنموي المراد توسيعه بشكل عام.
النموذج التنموي الجديد من الأجدر أن يبعد عن النماذج التي تم تقليدها منذ الاستقلال، والتي أبانت عن محدوديتها وخلفت أعطابا اجتماعية بشهادة الجميع.
كما أنه يستحيل من باب منطق العقل، أن تقبل اي دولة أجنبية، مهما كانت بنجاح التنمية في البلاد لسبب بسيط هو الدخول في المنافسة، وهذا لا يروق للعقليات الاستعمارية، والتي لا زالت تؤمن بالولاء للتبعية، أو التهديد بخلق القلاقل للبلدان التي تريد أن تنفك من وصاية، تجعلها تابعة للعقائد الفكرية والاقتصادية والتنموية بحتمية أبدية!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *