وجهة نظر

مراجعة كتاب الإفتاء والتاريخ قضية المرجع الديني في النقاش حول التنمية ببلاد الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
مراجعة كتاب “الإفتَاء والتَّاريخ .. قضِية المرْجع الدِّيني في النّقاش حولَ التنِميَة ببَلاد الإسْلَام” للأستاذ أحمد التوفيق

الكتَاب صدَر في طبْعته الأُولى سنة1441ه/ 2019م، عن مطبَعة النجَاح الجَديدة، الدار البيضاء-المملكة المغربية، لكنه بحثٌ أُنجز سنة 1992م بكلية الآدَاب والعلوم الإنسَانية بجامعة محمد الخَامس بالرباط، بتمويل من مؤسَسة كونراد أديناور الألمانية ضِمن برنامج لتَشجيع البَحث العِلمي في العُلوم الإنسَانية.

ومن الملاحَظ أن كثيرًا من المقولات الثّاوية في متن هذا الكِتاب تحتَاج إلى المراجعَة واستئنَاف القَول فيها، خصُوصا أن المؤلِّف انتقل من مرحَلة الدّراسة العلمية والبَحث الأكادِيمي في موضُوع التّاريخ والفَتوى بصفته أستَاذا للتَّاريخ في كُلية الآدَاب والعلوم الإنسَانية بالرّباط، إلى الإشرَاف على هذا المجَال الحيَوي من خلال تدبيره لوزَارة الأوقاف والشّؤون الإسلَامية منذ سنَة 2002م إلى الآن، واشتبَاكه من موقع المسؤُولية مع قضايا المجتَمع في الدين والتَدين، في السيَاسة والاجتمَاع، في الثّقافة والاقتصَاد، علما بأن الوَزير أحمد التَّوفيق هو أحد مُهندسي إعادة هيكَلة وإصلَاح الحقل الديني منذ بداية الألفية الثالثة، خصوصًا بعد إحداث الهيئة العِلمية المكلفة بالإفتاء لدى المجلس العلمي الأعلى، والتي نص عليها الظهير الشَّريف رقم 1.03.300 الصادر في 2 ربيع الأول 1425 (22 أبريل 2004) .

ينطلق الأستَاذ أحمَد التّوفيق مؤلِّف الكِتاب من إشكالية المَاضي والحَاضر والمسْتقبل في حديث النّاس عن الإسلَام، حيث يكثُر انعدَام اليَقين عند الكَثير المسْلمين في مستَقبلهم، خُصوصًا فيما يتعلق بميَادين التّنمية، وهي الإشكَالية التي تتجَلى في علاَقة الفَتوى بالتّاريخ، على اعتبَار أن التّاريخ هو الوقَائع بسيَاقاتها ومجرَياتها.

في هذا السياق التّاريخي والاجتمَاعي يندرج هذا البَحث، لكن من الَجدير بالذِّكر أن العمل على ارتبَاط وثيق بفقْه النوازل، الذي يُجلي الخصَائص الفِكرية والذِّهنية والاجتماعية والحضَارية للمجتمع في تلك الفتْرة التاريخيَّة، مع العلم أن المقَاربة التاريخيّة لوحدها غير كافية لتحليل الفَتوى ودراسَتها وتصنِيفها، بل لا بٌد من التَّوسل بالمقاربة الفٍقهية أولا ثم المنهجِية ثانيا ثم التّربوية ثالثا..،”لأن الانتِصاب للفَتوى هو انتصابٌ لتربية الخَلق، ومعلوم أن المرَبي إنما يكون مربيا بحالِه قبل مقَاله، ومنها اعتبره مفتيًا بقوله، وفِعله ، وإقراره، فَتَعْظُم مسؤوليته، إذ تُحتِّم عليه أن يُراعي المستفتين في دخولِه الشَّخصي في التكَاليف، لأنَّ ذلك كله منه فتْوى”، وبالتالي فإن الفَتوى تكشف عن موْقع الشَّرع من الثَّقافة السَّائدة وأثرها في التَّدين، بل ودورِها في ترشِيد التدين ” لكون الفتْوى(إعلاما للمستفتي بالحُكم الشَّرعي) فهو مبني على قصْد التوجيه والإرشاد الرّاميين إلى تربيته، والإمساك بيده في مسَالك التدين، إن إعلام المفْتي للمستفتي هو بمثابة نظَر الطبيب إلى العَليل، وإرشَاده إلى الدواء الشَّافي. وذلك هو الحُكم الشرعي المناسب لنَازلته”.

ولذلك يُصرح أحمد الأستَاذ التوفيق أنه لا يبحث في الإفتَاء من منطلق علُوم الشّريعة وعلوم الدّين لأن تخصصه ليس في تلك العُلوم، وإنما ينظر إلى تلك الآراء والاجتَهادات باعتبارها سُلوكات تاريخَية، ولذَلك يؤكد بأن كلَمة “الإفتَاء” المستعمَلة في هذا البَحث تندرج تحتَها كل الآراء والتّصرفَات التي تستند إلى مرجع في أصول الدين يستشهد به مستشهد ويفسره لتسويغ أو إنكار سلوك معين، ويُدلل على هذا التوسيع لمفهوم ” الإفتاء بقوله:” فمن تأمل تاريخ المسلمين وجد أن المفتين الإصطلاحيين الاختصاصيين، وإن حرصُوا على فرض توقير خطتهم، لم يكونوا في واقع الأمر سِوى قلة لا يعتد لا بعددها ولا بتأثيرها إذا قُورِنوا بكل الجماعات والأفراد الذين ظلوا يستعملون الاستشهاد الدّيني لتأسيس مشروعية أو تبرير مطالب أو تمرير أفكار أو فرض مذاهب أو تصفية مُعارضين. فالسّياسي والتّاجر والرَّجل من عامة الناس يكون مُفتيا إذا أراد عمل شيء، أو اعتراض على عمل شيء، ورام أن يقوي موقفه أو تصرفه بنص فهمه أو اعتمد في فهْمِه على غيره ممن يُماشِيه”.

ومن ثمة فهو ينأَى في هذَا الكتاب عن مقَاربة فتَاوى العبَادات المحضة، إنما يشتبك مع الفتاوي التي تنظم أمور السّياسة وشؤون الاقتصَاد وقضايا المجتمع، والتي تتمظهر في التنمية، وهي بلا شك مثَار نقاش بين المسْلمين موافقة ومخالفة، وبالتّالي فإن صناعَة الفتوى العامة ترتبط بالنّقاش حول التّنمية وتوظيف المرجِع الديني في استحضارٍ للسياقات والحيثيَات، خصُوصا التَّاريخية منها، ليَدلِف بعد ذلك إلى بعض أنوَاع الفتاوي والنماذج التاريخية ، وقد أجملها في خماسية: الفتوى الموَاجِهة للتّاريخ، الفتوى الملَبِّسة على التاريخ، الفتْوى المجَاملة للتاريخ، الفتوى المتجَاهلة للتاريخ، الفتوى البَاحثِة عن التاريخ.

1-الفَتوى الموَاجِهة للتَّاريخ:

المفتي البَعيد من البيئة يسلك أسلُوب التحريم والاستنكار والإبادة في حق العوائد الجماعية والممارسات الثّقافية التي دخلها الإسلام، خصوصًا إذا وُصفت هذه العوائد بأنها بقايا وثنية أو بِدع ضالَّة، أما المفتي القريب من البيئة فإن فتواه تكون أقرب إلى التَّفهم والاحتضَان والتجْويز، بهذا المعنى تكون فتاوى الأول مواجهة للتاريخ أو معاكسة له، أما المفتي الثّاني فقد ينجَح في انقاذ إمكانات المتحف البشري دون التضحية بمبدأ أساسي هو صَوْنُ الشرع.

وفي هذا السّياق يورد الأستاذ أحمد التّوفيق فتوى عاكسَت تاريخا مختلفا-في نظره- وإن كانت ثورية في سياقها، ولذلك لم تستطع هذه الفتوى تصْحِيح الواقع الذي استتبت فيه بُنى تاريخية بطيئة التطور، لأن المفتي لم يضع نصبع عينه الواقع الجغرافي والاقتصادي والسّياسي والثقَافي والديني، وهذه الفَتوى تتعلق بمنطقة جبلية في الأطلس المتوسط في القرن 12الهجري/18 الميلادي، في بلدة تسمى “كْرْوْلْ” بين دمنَات ومُرَّاكش، ونظرا لضعْف فلاحتهم بسبب نُدرة الأرْض، وضعف رعيِهم، فإن سكان هذه المنطقة كانوا يعيشُون في سائر أيامهم على حَافة الفقر،

الذي قال بهذه الفَتوى هو الفقيه محمد بن عبد الله الكيكي توفي سنة 1185ه، وأوردها في كتابه الموسوم ب”مواهب ذي الجلال في نوازل البلاد السائبة والجبال”، وقضية هذه الفتوى تتعلق بالحيازة ومدى صحة تلك المعاملة في تلك الظّروف، وهي تعالج مسألة حرمان الإنَاث من حقهن في تملك الأرض، بشتى الأساليب التي كان يسلكها أهل البلدة من تحبِيس أو هبة أو قسمة أو عضل….

والفَقيه الكِيكي رحمه الله، كان يحَاول تصحيح سلوك أهل بلده بخصوص حرمان الإناث الوارثات من حقهن وإبطال الهبة التي كانت تمنع الإناث من حقهن في الأرض، وهذا الحرمان هو تجل من تجليات معاناة المرأة في هذه المنطقة الجبلية.

والمشكِل -في نظر د. أحمَد التّوفيق- بين فتوى الفقيه الكيكي وبين التّاريخ الذي تواجهه هذه الفتوى يدور على التناقض بين الأساس المادي لبنية القبيلة، وهو مِلكية الأرض التي تستغلها العّائلة الكُبرى بالاشتِراك بحيث لا تقبل تقسِيمها مهما توالت الأجيَال، وبين مقتضَيات خروج البنات بالزّواج إلى خارج العَائلة وذهابهن بنصيبهن من الإرث مما يهدد بعض الأسر بالانقرَاض، بمعنى أن المُفتي لم ينتبه إلى الخلفية الاجتماعية والتّاريخية لهذه المشْكلة، ولذلك فسر عدَم اتباع الشّرع ناتج عن عدم وجود حام يستَعمل وازع السُّلطان.

2-الفَتوى الملَبِّسة على التَّاريخ:

للمُفتي سلطةٌ معنوية في وسط يُصغي لأحكام الشرع، أما إذا طُلب الإفتاء بضغط من السّلطة القائمة أو في ظرف تخوف منها انطَوى على مخَاطر عديدة، لأن الفَتوى ساعتئذ تتقاطع مع مصالح فئوية وتاريخية، ولذلك نجد بعض المفتين يتموقعون في موقع التّلبيس على التّاريخ، وقد يكون ذلك بحُسن نية.

في هذا الصَّدد يورد المؤلف الفَتوى التي أصدرها أعيَان علمَاء فاس المتضمنة مجوزات عزل السلطان مولاي عبد العَزيز سنة 1907م، وذلك بناء على مجموعة من الحَيثيات، من بينها تغيير الزّكاة الشرعية وإحداث الضّريبة التي عُرفت بالترتيب، لأن سياق معَارضة هذا الإجرَاء من طرف نُخبة من علماء المغْرب هم الذين حضَروا البيعة الحَفيظية، وبالتّالي تبقى مقاربة علَاقة المفتي بالتّاريخ من القضايا المهمة في استيعَاب صنَاعة الفَتوى.

3-الفَتوى المُجامِلة للتَّاريخ:

تنهض قضية الفَتوى المجاملة للتاريخ أو المسًايرة له، في نظَر الأستاذ التّوفيق من خلال حَيرة المسلِمين عمومًا و مُفْتِيهم خُصوصا، عندما اصطَدموا حضَاريا بالغرب على مستوى الأفكار والمخترعَات في ميدان التّدبير والتّقنيات، حيث نشَطت الفتوى في القرن 19 وبدايات القرن العشرين، فما لبث أن طفح الكيل وصَار التاريخ مُندفعا وعُدّ السكوت عن مئات المستجدات اليومية بمثابة انهزَام الموقف المحَافظ أمام حركة التَّاريخ، وقد أورد الأستاذ محمد المنوني جملة من الفتاوى الصادرة في النّصف الأول من القرن العشرين في كتابه “المصَادر العربية لتَاريخ المغرب”.

وقد توقَف المؤَلِّف مع فتَاوى الفقِيه الأديب المامُون الحَسني البلغِيتي، الواردة في كتابه الموسوم ب”بيان الخسَارة في بضَاعة من يحط من مقام التّجارة” والذي أنهى تأليفه في شهر شعبان عام 1325ه، والفقيه البلغيتي كان تَاجر حَرير يبيعه في محلٍّ قريب من داره، وسبب تأليفه هو الرّد على من اتهمه بالانصرَاف لما هو دون قدره، يقصد انصرافه من منْصِب القضاء إلى التِّجارة، فكأن هذا العالم يحتَاج إلى الاستشهَاد بالنُّصوص والآثار لتبرئة سلوكه عندما رام القيام بأنواع من مُعاملات البيع والشراء.

وناقش فيه جمْلة من النوازل والمسَائل الوقتية، كمسألة الإِطرة، والأورَاق البنكية، والتأمين على البضائع أو الضمان، والسَّفر لأرض الحرب من أجل التجارة، وأكد بأن المفتي قد يميل إلى الرأي القَائل بالأخذ بالرأي الضعيف إذا ساير الواقع المعبر عنه هنا بالتخريج.

4-الفتوى المتجَاهِلة للتاريخ،

المرجعية الصُّوفية حاضرة بقوة في كتَابات الأستاذ أحمد التوفيق، كيف لا؟ وهو من المريدين الخُلَّص للزاوية القادرية البوتشيشية، ولذلك فقد انتصر للتصوف من الناحية النظرية والتاريخية، ودافع عن التصوف الاجتماعي المتمثل في الأشخاص والمؤسسات والإنجازات والوظائف التي يضطلع بها، وهي كثيرة ومتنوعة، بغض النظر عن بعض الانحرافات أو الشطحات التي وقعت فيها بعض الطرق والزوايا الصُّوفية.

وفي هذا السّياق اعتبر فتوى الشيخ أحمد خَالد الناصري السلوى (1897-1885) – والذي ينتمي إلى بيت تصوف وعِرفان، -، الواردة في كتابه الضخم “تعظيم المنة بنُصرة السنة”، اعتبرها متجَاهلة للتَّاريخ، والتي بين -الشيخ النَاصري-من خلالها أنَّ الذِّكر باسم الجلالة مفردا بدعة، وزاد في التوضيح بقوله:” وإذا كان الذِّكر على الوجه المطلوب بدعة، فمن يرقص ويتواجد ويقول: اللهْ اللهْ! أوغَل في باب البِدعة بكثير”.

5- الفتوى البَاحِثة عن التاريخ.

يختتم ذ. أحمد التوفيق علاقة الإفتاء بالتاريخ، بالفتوى البَاحثة عن التَّاريخ، حيث ربطها خطبة الجمعة والخُطباء الذين اعتبرهم مفتين بالمعنى الواسع للفتوى كما بين في مقدمة الكتاب، لأن الخطيب في نظره يعطى رأيا يستند فيه إلى المرَاجع النصية المعتمدة في شَأن من شؤون الدُّنيا والحياة.

ونظرا لأهمية خطبة الجُمعة وخطورتها، فقد حَاول حكام المسلمين ترسيمها، ومن مظاهر هذا التّرسيم إدراج الدعاء للحَاكم القائم باعتباره “الإمَام” الذي ينوبه عنه إمامُ الصلاة، فكأن هذا الدّعاء بمثابة تجديد أسبوعي للبَيْعة، وهو الأمر الذي كان يؤدّي في كثير من الأحيان إلى التنازع بسبب الوِشاية، ومن أغرب التهم الموجهة إلى بعض الخطباء الشُّحُّ في الدعاء للحاكم.

وتاريخ الإسلام حَافل بخطباء أكفاء بعثوا وظائف النبوة ، وحققوا مقاصدها من خلال خُطبة الجمعة، وفي الوقت نفسه نجد الكثرة الكاثرة من الخطباء الذِين يسردون مُتونا وضعت للمناسبة، ومن أقدم المتُون المتدَاولة مجموعة خُطب “ابن نُباتة عبد الرحيم بن محمد” المعروف بالفارقي توفي 374ه، الذي كان واعِظا ببلاط سَيف الدولة من القَرن الرابع الهجري، فأعيد طبع هذه الخطب في المغرب مع ادخَال بعض التّعديلات والتغييرات، ونسج بعض الخطباء على منوالها وإيقاعها المسْجوع والمصنُوع، فأصبحت تلك الخُطب بعد التّشذيب والتهذِيب صالحَة لكل بلَد، فخرجَت بذلك عن زمانها ووقتها وسياقِها.

قلتُ: ومما أذكرهُ وأنا تلميذ بالثَّانوي أن خطيبا بأحد مساجد مدينة مكنَاس، كان عنده دفتَر للخُطب، يختِمه كل سَنة، إلا ما كان من خُطبة من وزَارة الأوقاف تكَسر ذلك الروتين، بل إنّ بعض رواد هذا المسجِد، كانوا يعرفون موضُوعَ الخُطبة ومضمونَها حسب شهور السنة والمنَاسبات. بهذا الاعتبار تصبح الخطبة جامِدة هامدَة، خارج التَّاريخ، بل خارج الجُغرافيا أيضا.

وختاما تُعتبر الفتوى في عالم المسلمين إحدى الحاجات الدينية المهمّة والضرورية لدى الفرد والمجتمع، لما لها من دوْر في تعميق فهم الدين، وأثرٍ في ترشِيد التَّدين، خصوصا في هذا العصْر الذي أضحت فيه الفتْوى عابرة للقَارات عبر الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي.
عموما الكتِاب في حاجة إلى مراجعة وتحيين، ربما ظروف وانشغالات المؤَلِّف لا تسمح.

وفرَغ منه حامدًا ومُصليّا

1 -فريد الأنصاري، المصطلح الأصولي عند الشاطبي، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، معهد الدراسات المصطلحية، الطبعة الأولى 1424ه-2004م، ص:333

2 -المرجع نفسه، ص:331.

3 -للكتاب عنوان آخر هو:”مطالع التمام في عدم القول بالحيازة في البلاد التي تجري فيها الأحكام”، وهذه الفتوى تزيد في مخطوطتها على خمسين صفحة بمقدمة وأربعة أبواب وخاتمة.

* باحث في الفكر الإسلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *