وجهة نظر

وزارة أمزازي وأولياء الأمور.. معضلة الاختيار

بداية لست من أولياء أمور التلاميذ ولا تربطني بالمدرسة حاليا صلة قرابة.. إلا عبر إبنة أختي ريحانة.

وما أوتيت من العلم إلا قليلا.. قد يكون قليلا جدا.

لذلك لن أكتب بالعاطفة ولا حتى بالعقل.. بلاغ وزارة التعليم بالأمس ليس ارتجاليا كما يصفه البعض ولا يمكننا حتما أن نصفه بالغباء.. لأنه من وجهة نظري البسيطة “ماكر”… قد يكون تقليدا فرنسيا ماكرا.. لكن التقليد لا يسقط عنه صفة المكر.

من كتبه يعلم جيدا أن الإنسان عاجز أمام الاختيار.. لذلك صاغ أحدهم عبارة مفادها “إذا أردت أن تحيره، فخيره”.. فالحيرة دائما ترتبط بالاختيار في أغلب الأحيان وشقاء الإنسان يبدأ فعلا حين نترك له قرار الإختيار.

تخيل معي لو أن بلاغ الوزارة كان “صارما”.. الحضور إجباري.. كان بعض أولياء الأمور سينتفضون بحجة أن المسؤولين يعرضون أبنائهم لخطر فيروس كورونا كوفيد 19.. وكنا قد نشهد ثورة بسبب هذا القرار تزامنا مع الأرقام المعلنة كل يوم من طرف وزارة الصحة المغربية.

ولو كان قرار التعليم عن بعد خيارا وحيدا.. كانت صرخة أولياء الأمور وخاصة في التعليم الخصوصي ستسمع مدوية.

لذلك كان الاختيار أن يكون اختيار.. هكذا ستكون الوزارة “بريئة” من الاختيارات.. خاصة التي قد تكون لها أضرار وخيمة مستقبلا.

ومن كتب مضامينه، ربما (أقول ربما) يعلم أن تحديد قرار أمام أكثر من خيار مناسب قد يجعل الأفراد يعانون وتتحول “وفرة الإختيارات؛ التي يفترض بها أن تكون إيجابية؛ إلى نقمة تجعل المرء مرتبكا وعاجزا عن اتخاذ أي قرار من أي نوع” وهو أطلق عليه “فرط الإختيارات” حسب ما جاء في مؤلف لمفكر أمريكي يدعى ألفين توفلر بعنوان “صدمة المستقبل”.

ويجب أن يعلم أولياء الأمور الذين ابتعدوا عن “اختيارات الوزارة” واختاروا التأجيل.. أن الأخير كان أيضا إختيارا “مخفيا” في البلاغ.

لأنه كلما كان مجال الاختيار أوسع، كلما جلب ذلك مزيدا من الحيرة والإرتباك مما يؤدي إلى جواب واحد ووحيد: شكرا، لا نريد.

وهو ما أكده عالم النفس الأمريكي باري شوارتز في كتاب بعنوان “مفارقة الاختيار” :”عندما يكون الاختيار واسعا، هذا يؤدي إلى شللنا، وإلى اقتناعنا بتأجيل اتخاذ القرار، ويزيد من عطالتنا ويجعلنا نخاف من اتخاذ القرار غير الصائب. عندما يكون الاختيار بين شيأين فلن يدوم الإختيار طويلا، أما عندما يتعلق الأمر بمئات الأشياء، فهذا يكبح قرارنا من أجل انتظار الخيار المثالي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *