وجهة نظر

تطور التعليم بالمغرب.. حقبة الجد والحفيد

التعليم هو المنحى العلمي الذي يخرج بالإنسان من سن الصغر وحياة الفطرة اللسانية، الى حياة الرشد والعقلانية من العلم، وقد ظهر التعليم في الحياة البشرية منذ ظهور اللغة وتميزها بالقراءة والكتابة .

التعليم بالمغرب :

عرف المغرب التعليم الأولي من الدين الاسلامي، اساسه النص القرآني، ثم بعد ذلك، يتدرج القارئ في التعليم العام، وهو على شعبتين علميتين، من علوم اللغة العربية، وشعبة العلوم الشرعية .

وكان التعليم يعتمد في طرق تدريسه على الحفظ والاستظهار، واستمرارية القراءة من سن التعلم الى سن الصدارة من العلم .

ومن وجهة البنية التعليمية، كان التعليم الأولي يجري بالجامع الجماعي، بينما التعليم العام المتخصص يجري بالمساجد الكبرى بالمدينة، أو بمقرات زاوية العلم الاصلاحية .

واشتهر من المساجد العلمية بالمغرب جامع القرويين، الذي ارتبط في مناهجه العلمية بالأزهر الشريف، من فاطمة الفهرية بنت محمد نافع الفهري، شيخ ورش وصهره من فاطمة الفهرية .

الأدوات التعليمية الأولية :

كانت أدوات التعليم تستمد مادتها في التحصيل والعمل من ادوات العصر الزراعي، من لوح الخشب وقلم القصب، وصمغ الأصواف المفحمة، ومكراك قراءة اللوح حين حفظ الحزب القرآني.

وكذلك الحال حين ينتقل القارئ الى مقرئ ومتابع بالمسجد الكبير أو فرع الزاوية لمتابعة القراءة العلمية من قواعد اللغة الأدبية، والعلوم الشرعية، ناهيك عن سفارة علمية من الطلاب خارج حدود البلد، للمتابعة من الازهر الشريف، أو من بلاد الرافدين من الكوفة والبصرة، أو من العاصمة العثمانية، أو اصفهان الفارسية، أو اشبيلية الايبيرية .

وكان التعليم العتيق يعتمد فضلا عن الألواح الخشبية، على المخطوطات اليدوية العلمية المصنفة من الخزائن السلطانية .

المدارس العتيقة بالمغرب :

عرف المغرب المدارس العلمية من عهد الدولة المرينية، وهي مدارس ذات نظام مخزني عام، يخضع تسييرها للديوان السلطاني، والتي يتعلم فيها الأمراء وأبناء الحاشية السلطانية، أخذ بها المغرب سيرا ونهجا على الحياة العلمية للعرب من البلاد الايبيرية .

وكانت مدارس فاس المرينية في مناهجها العلمية تتبع من عهدها نظام مدرسة شالة الاسلامية، التي اتخذ منها أحد سلاطين بني مرين ضريحا لمثواه الأخير .

وعهد دولة السعديين، أسسوا مدرسة علمية في علوم الحضارة من مدينة مراكش، من علاقتهم الدولية مع دولة التاج البريطاني، عهد تعمير امريكا الشمالية، مستقلة عن مدرسة علوم البديع من ديوان العرب بالقصر السلطاني .

أما بالعهد الموحدي فقد كان ارتباطهم العلمي موصول بالجامع من القرويين، واشتهر صرحهم العلمي بالأطلس الكبير من جامع تنمل وهو جامع خاص بالمتون العلمية المنظومة، والتي اشتهر نظامها من عرب ثقيف باللمتونيين المصامدة، يرجع لهم الفضل العلمي في ذخائر المنظومات اللغوية، والشرعية .

التعليم المعاصر :

هو تعليم عمومي حديث، أعطى انطلاقته الاجتماعية الملك محمد الخامس الذي ارتقى المغرب في عهده من نظام الحماية، الى نظام السيادة الوطنية، والمكانة الدولية، حيث أضحى المجتمع يرتبط عضويا بالمجموعة الدولية، كارتباط الفرد بالمصالح الاجتماعية لبلده

كما انه تعليم في مستوى وطني من اللغة الأصيلة، ودولي من اللغة الفرنسية، وما ينحو نحوها لغويا من الوسط الدولي، يعتمد على المناهج التربوية وطرق التدريس المعاصرة، من الفصل التربوي، والطور الدراسي، والتوجيه العلمي، والتخصص العالي .

يلقن المدرس الى المتعلم اولا، الدرس عن طريق اللوح والطبشورة، من سبورة الفصل الى لوح التلميذ، ثم الكتابة بالحبر السائل في الدفتر الورقي من الطور الابتدائي، وفي التعليم الثانوي تجري الكتابة بقلم الحبر الجاف والاستخدام التقني للآليات الخاصة بالحساب، والاشتغال على الورقيات الخاصة بالرسم الهندسي، والأعداد اللوغاريثمية .

بينما القراءة تعتمد على الكتب والمطبوعات الحديثة، وميزة التعليم المعاصر أنه يوفر مجال الشغل للمتعلم من البلد أو خارجه، لارتباط التعليم الاجتماعي بالقواعد العلمية السائدة من المحيط الدولي .

ويسري التعليم المعاصر بدءا من المدرسة الابتدائية، ثم الاعدادية، فالتأهيلية، بينما في التعليم العالي يجري بالمدارس العليا والمعاهد المختصة، ومراكز التكوين، والمعاهد التطبيقية، ومن الكليات الجامعية .

وكما ظهر الى جانب التعليم العتيق بالجامع والمسجد، التعليم بزوايا التصوف الديني، ظهر الى جانب التعليم العمومي من نشأته التعليم الحر، والذي تطور بالمدن من تحسن الدخل لدى الفرد بالمجتمع، الى التعليم الخاص بالموازاة مع التعليم العمومي الذي تموله الدولة .

التعليم عن بعد :

هو تعليم حديث يعتمد تقنيات استخدام التواصل الالكتروني عبر الحاسوب من تواصل مع مدرس المادة من الفصل الدراسي أو المدرج الجامعي، أخذ به الابناء عبر المنصة التعليمية بدءا من القنوات العمومية للسلك الثانوي، أو الحاسوب بالنسبة للتعليم العالي بعد أن وضعت جائحة كورونا فيروس المعدية المجموعة الدولية على المحك، والتي قلبت موازين العمل والعلاقات الدولية بالمجتمع المحلي والدولي .

وقد سخرت القنوات العمومية للخدمة في مجال التعليم عن بعد، على سبيل الاستعجال من حالة الطوارئ الصحية، ريثما تتزود المدارس بالشبكة العنكبوتية من الوسط الحضري، كي يكون ارتباط المتعلم بالمؤسسة والمدرس بالفصل ارتباطا الكترونيا سلسا مريحا، لا فرق بين متعلم سليم، ومتعلم يعاني من اعاقة غير عقلية .

كنا أنه اصبح تعليما مكشوفا على المستوى الدولي، يتجلى منه المستوى العلمي، وتدارك النقصان به من المستوى التأطيري، إضافة الى تراتبية مستواه بالتصنيف العالمي .

ومن هذا التطور المعرفي في المجال العلمي الذي عرفه البلد، بين الستين والسبعين سنة من حياة المجتمع، يكون البلد قد حقق قفزة دولية ارتقت به معرفيا، وطوت مرحليا الحقبة من القرن الرابع عشر الى القرن العشرين، وهو حلم تطور من رؤية مستقبلية، الى حياة واقعية، يعيشها الانسان من رؤية الفضاء عن بعد من ادوات القرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *