مجتمع

تغريم مصحة بالبيضاء 100 مليون سنتيم بعد خطأ طبي تسبب في استئصال خصية طفل

أطباء القطاع العام والخاص

كثيرة هي الأخطاء الطبية التي تتسبب في ضرر كبير للمرضى، قد تصل إلى حدود وفاة المريض، وبعضها يصل إلى القضاء من أجل التعويض عن الضرر، فيما قد لا تتسنى لبعض ضحايا الأخطاء الطبية إثبات ذلك.

وبسبب خطأ طبي لطبيبة بمصحة للأطفال بالبيضاء، فقد طفل في عمر الزهور وظيفة جهازه التناسلي، مما جعل والده يلجأ إلى القضاء، حيث قضت المحكمة المدنية بالدار البيضاء، بتعويض مدني إجمالي قدره مليون درهم، مع تحميل المدعى عليها مصحة الأطفال بالدار البيضاء، مسؤولية الخطأ الطبي من طرف الطبيبة.

وتعود تفاصيل هذا الملف الذي تم النطق فيه شهر شتنبر 2020، إلى شهر مارس من سنة 2016، حين شعر الطفل حمزة بألم على مستوى جهازه التناسلي، ليتوجه به والده إلى أقرب مصحة للأطفال لمعالجته، وبعد إجراءات الفحوصات اللازمة من طرف طبيبة تشتغل بالمصحة، تو توصيف الألم الذي يشعر به حمزة بأنه التهاب عادي، ستتم معالجته ببعض الأدوية التي كتبتها له بالوصفة الطبية.

وبعد مرور أيام على تناول حمزة للأدوية، زادت حدة الألم، وزاد الإلتهاب، فاضطر والده إلى فحصه مرة ثانية بالمستشفى الجامعي بمدينة البيضاء، حيث بعد إجراء الفحوصات تبين أن إبنه حمزة مصاب بإحدى خصيتيه، كما أكد له الأطباء الذين شخصوا المرض، أنه كان بالإمكان معالجة المرض في بدايته، بأدوية معينة، الشيء الذي لم تنتبه له الطبيبة التي عاينته في البداية.

وبسبب نمو الالتهاب، وتعفن الخصيتين، وعدم وصف الدواء المناسب في بداية المرض، تمت إزالة الخصية اليسرى للطفل، وتم تثبيت الخصية اليمنى مكانها، حيث اعتبر الأطباء المعالجون للطفل حمزة بالمستشفى الجامعي أن التشخيص الأول للمرض شكل خطأ طبيا، تتحمل مسؤوليته الطبيبة، وكذا مصحة الأطفال، مما دفع والده إلى اللجوء للقضاء ملتمسا تحميل الطبيبة، والمصحة كامل مسؤولية الخطأ الطبي المتمثل في إزالة الخصية اليسرى للقاصر الضحية، وإحالته على خبرة طبية لتحديد مخلفات التدخل الطبي.

وفي المذكرة الجوابية للمصحة الخاصة، حسب الحكم الذي يتوفر موقع “العمق” على نسخة منه، أكدت هذه الأخيرة، أن الطبيبة تتوفر على عيادة خاصة بها، وبأنها ليست طبيبة قارة بالمصحة، بل تتردد عليها من حين لآخر من أجل القيام بالتطبيب، والعلاج بكل استقلالية، وبأن الوصفة الطبية أنجزت بعيادتها وليس بالمصحة، كما أن التعفن الذي أصاب الطفل، طرأ بعد أن توقف عن العلاج، وبعد إجراء كل الفحوصات، وبالتالي لامسؤولية تتحملها المصحة مادامت مسؤولية الطبيبة منعدمة.

من جانبه، أوضح دفاع الطبيبة أن هذه الأخيرة قامت بواجبها في فحص الطفل من أجل مغص في البطن، وتقيؤ لا أقل ولا أكثر، وبالرغم من ذلك فقد فحصت خصيتي الطفل، واللتين لم يكن بهما أي ألم وقت الفحص؛ وللزيادة في التأكد أمرت بإجراء فحص بالصدى على الخصيتين، وهو الشيء الذي وقع بناء على طلبها، والذي تبين من خلاله أن الخصيتين ليس بهما أي ضرر باطني واضح، وأن حجمهما عادي، وصورتهما عادية، ولم يكن بهما أي علامة توحي بوجود تعفن بالخصية اليسرى للطفل حسب الفحص بالصدى، كما أوضح أن تقرير المستشفى الجامعي أعطى تحليلا لحالة المريض أزيلت معه إحدى الخصيتين بسبب تعفنها، والتهابها، وإمكانية بقائها.

وبعد الخبرة طبية التي أمرت المحكمة بإنجازها من طرف خبير محلف، كشفت هذه الأخيرة عن وجود علاقة سببية بين الخطأ الطبي، والضرر، محددا مخلفات الحادث في العجز الكلي المؤقت بنسبة مائة بالمائة، مع نسبة تشويه الخلقة، وهو ما سيكون له تأثير على الحالة النفسية للطفل، إضافة إلى نسبة 40 في المائة من العجز الجزئي الدائم، ولم ترق هذه النتائج من الخبرة الأطراف المدعى عليها، ملتمسة استبعادها وإجراء خبرة مضادة.

وفي تعليل المحكمة لقرارها، أكدت هذه الأخيرة على أن التزام الطبيب تجاه زبونه هو التزام عناية الرجل المتبصر حي الضمير، وأن يسلك في ذلك مسلك الطبيب اليقظ من نفس مستواه المهني الموجود في نفس الظروف المحيطة به في هذه النازلة، وأن أي تقصير، أو إهمال منه منافي للأصول العلمية الثابتة في علم الطب، والظروف المحيطة به يكون مسؤولا عنه، ويرتب التعويض عن ما سببه من ضرر.

واعتبرت المحكمة في قرارها، أن التعويض يكون بحجم الضرر، وبأنه بالرجوع إلى الجزء المستأصل من جسم الضحية، يتبين أنه من بين أهم الأعضاء باعتباره المسؤول عن خلايا الحيوانات المنوية، وهرمون التستوسترون، وما قد يصاحب ذلك من تأثير على القدرة على الإنجاب مستقبلا، ناهيك عن الضرر النفسي الذي سيشعره بإحساسه بالدونية بسبب عدم اكتمال رجولته.

وبخصوص نفي المصحة لعلاقة الطبيبة بها مادامت تتوفر على عيادة خاصة، أكدت المحكمة أنه رغم عدم وجود علاقة نظامية بينهما، فإن الطبيبة قامت بفحص زبونها بالمصحة المذكورة، مستعملة بذلك التجهيزات الموجودة بها وغرفة الفحص، ومن ثم فإن مصحة الطبيبة تبقى مسؤولة عما ارتكبته الطبيبة الزائرة لديها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *