ملف

“مملكة التناقضات .. المغرب في مائة سؤال”: هل المغرب لديه حدود طبيعية؟ (ح 14)

الصحراء المغربية

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 14: هل المغرب لديه حدود طبيعية؟

يتورع الجغرافيون الفرنسيون عن استعمال هذا النوع من التوصيفات. إن سؤال الحدود الطبيعية يُطرح بحدة في حالة المغرب وخاصة أنه عبارة عن امتداد جغرافي تحده البحار من الشمال والغرب ويفصله حاجز جبلي عن الصحراء الكبرى بالإضافة إلى مساحاته الصحراوية، مع العلم أن حدوده الدولية مغلقة في كثير من الأحيان أو غير معترف بها مثل حدود مناطق الحروب، ولذلك فهو يعيش كالجزيرة. والمغرب له مساحات ضخمة موضوع نزاع وخاصة الصحراء كما أن لديه 3400 كلم من الحدود البرية مع إسبانيا والجزائر وموريتانيا، بما في ذلك الجزء الصحراوي، وتقريبا العديد من الحدود البحرية، بما في ذلك 500 كلم في البحر الأبيض المتوسط، وواجهة ضخمة على المحيط الأطلسي، والتي هي مصادر للنزاعات البرية أو البحرية مع إسبانيا.

إن الهضبة الوسطى (“المغرب النافع” وفقا لليوطي) تحيط بها الجبال الكبيرة من الشمال والشرق والجنوب. ومع ذلك، لا يمكن تصور المغرب بدون بعده الصحراوي، فهو في الواقع مرتبط باستمرار بامتداداته الجنوبية والشرقية والتي منها جاءت السلالات الكبرى التي حكمت البلاد. وقد ضم المغرب تدريجيا الجزء الغربي من مرتفعات المغرب الأوسط (الجزائر) وبسط نفوذه إلى تونس.

وإذا كانت الحضارة المغربية قارية بامتياز فإنها تنفتح على المناطق البحرية الأطلسية والمتوسطية.
إن قراصنة سلا، وموانئ موغادور وطنجة السلطانية، ومضيق جبل طارق، والأندلس كلها أجزاء لا تتجزأ من تاريخ المغرب. وحتى اليوم، لازال المغرب يكافح من أجل انتزاع الاعتراف الدولي بسيادته البحرية على سواحل الصحراء في مواجهة جزر الكناري الإسبانية، أو سيادته على الجيوب الستة والجزر التي تحتلها إسبانيا على حدودها المتوسطية، أما على اليابسة فليس له الكثير من الحدود الطبيعية.

وهذه الوضعية هي نتيجة المواجهات: مع الإيالة العثمانية في الجزائر أولا ومع إسبانيا ثانيا والتي لا تقتسم معه 16 كلم من الحدود البرية. وقد تحركت هذه الحدود كثيرا عبر التاريخ، حيث خاض المغرب ثمانية عشر حرباً ضد الإمبراطورية العثمانية. وأخيراً، قام الجيش الفرنسي بترسيم الحدود الطويلة مع الجزائر.

إلى الشمال، هناك واد كير الذي يجسد الحدود الصغيرة المعترف بها، والتي تمتد بعد ذلك جنوبا على مسافة 400 كلم نحو فجيج (وهي واحة مشتركة ومحاطة بالتراب الجزائري). ومن هناك إلى الغرب سطر الجيش الفرنسي ثلاث خطوط متتالية حتى هضبة حمادة كير في شمال تندوف. كانت هذه الواحة مسرحا لحرب الرمال في خريف عام 1963، قبل أن يعترف المغرب بالحدود الاستعمارية الموروثة (على الرغم من أن 150 كلم منها لا تزال موضع نزاع صامت مع الجزائر). أبعد من ذلك، يتم رسم الحدود بالحبل أو بالجرافة لعزل الصحراء المغربية عن منافسها الصحراوي.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *