مجتمع

رؤساء سابقون لهيئات المحامين يستنكرون “تجميد” مشاريع قوانين ويراسلون العثماني

وجه رؤساء سابقون لجمعية هيئات المحامين بالمغرب مذكرة لكل من رئيس الحكومة، رئيس مجلس النواب، رئيس مجلس المستشارين، ووزير العدل، حول تعليق مقتضيات من الدستور.

المذكرة المعنونة بـ”نُخاطبكم لكي تَضعُوا َحدا للحيرة السيَاسية، والتردد التشريعي.. فالمؤسَسات لا تُـشَرع لنفسها ولهواها، بل تشرع لمصلحة المواطن”، أثار خلالها النقباء انتباه الجهات المعنية إلى “تعثر القرارات السياسية الضرورية للسلطتين الحكومية والتشريعية، لإعادة الاعتبار لقواعد جوهرية من الدستور، وتفعيلها ضمن سياساتها العمومية”.

وتأتي المذكرة التي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منها، “اعتبارا لما تمثله مهنة المحاماة من جرأة في الفكر، وقوة في التحليل والاقتراح، وصراحة في الدفاع بالكلمة، وبالقلم عن القضايا المجتمعية الكبرى، وفي طليعتها قضايا العدالة والقضاء، وترجمة إرادة نساء ورجال الدفاع”.

وذكّر النقباء السابقون بما أسموها “معضلة جثمت لمدى يقارب العقد من الزمن بعد الدستور الجديد، والتي أرخت بتداعياتها على المواطن، والمتقاضي، وقلصت من حقه في الولوج للعدالة، والقضاء، واستعمال كل الأدوات المسطرية ضمانا لأمنه القانوني، ولحقوق الدفاع، ووقايته من شطط السلطة، ومن أي انتهاك لقواعد المحاكمة العادلة بروحها، وليس بشكلها”.

كما أكدت على أن قيم حقوق الإنسان، من الإلتزامات السياسية، والدستورية للدولة، التي تفرض احترامها، وتطبيقها على كل مسؤول، كيفما كانت وظيفته ومهامه.

وزادت: “أنتم من جهة أولى، في السلطتين التنفيذية، والتشريعية، على علم بأن الدستور، أتى بعدد من المؤسسات، وأعطاها صلاحيات، وسلطات وازنة قوية، ومن بينها المؤسسة التي لها علاقة وثيقة بمجال التقاضي والتشريع، وهي المحكمة الدستورية التي يعتبرها الفقه قضاء سياسيا، بالنظر لفلسفة أدوارها الرقابية على الاختيارات، والعمل التشريعي للحكومة، وعلى القوانين المصادق عليها من قبل البرلمان، وكذا ما أنيط بها من مهام كبرى، ومنها البث في الدفع بعدم دستورية القوانين ، و َمكن المتقاضي من هذا الحق الذي يستعمله أمام القضاء الدستوري لإثارة رقابة شعبية بَــعدية على أي نص يرى في تطبيقه في النزاع ما يمكن أن ينتهك قواعد الدستور وأحكامه”.

من جهة ثانية، أكدت المذكرة على أن المؤسسات المعنية على اطلاع واسع بتَعثر وتعليق عدد من القوانين المهيكلة للمجتمع، والضابطة لعلاقات المواطنين بينهم، وعلاقاتهم مع مختلف السلطات وأجهزة الدولة، وفي مقدمتها مشاريع القانون الجنائي، وقانون المسطرة الجنائية، وقانون المسطرة المدنية، وهي النصوص والمشاريع المهمة التي ينتظرها المواطنون.

مذكرة الرؤساء السابقين لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، أبرزت أيضا أن هذه المشاريع التي حرم منها المتقاضون لحد اليوم، كانت منذ عرضها قبل سنوات في عهد رئيس الحكومة السابق، من بين المواضيع التي حظيت بحيوية النقاش، والجدل، في الكثير من مقتضياتها.

وأفادت أن المحامين، اشتغلوا على تلك المشاريع بالتحليل، والنقد والاقتراح، وتضاربت حولها اجتهادات القضاة تماشيا مع نوعية، وطبيعة القضايا، ومع ظروف، وطبيعة المحاكمات، ومع الأوضاع السياسية المختلفة، التي مر، ويمر بها المغرب، كما طرحت في إطار الهيئة العليا لإصلاح القضاء، ومنظومة العدالة منذ اكثر من سبع سنوات في ظل محاولة تفكير أعضائها تحديث السياسة الجنائية من مدخل المدونة الجنائية، وتنقيح وتطوير المسطرة المدنية، وضرورة ملائمتهما مع مستجدات الدستور.

وعبرت عن أسفها حيث فضلت الحكومة قبر كل الجهود، وإضاعة الفرص على المتقاضين، والركون للإنتظار القاتل، لأسباب لا يعلمها أحد.

وتساءل أصحاب المذكرة، “بكل الموضوعية والمسؤولية، حول أسباب تعطيل المسطرة الجنائية، والقانون الجنائي منذ سنوات، وقطع مسارهما التشريعي الطبيعي؟”

وزادت المذكرة: “ما هي الحسابات، ومواطن الخالفات، والتناقضات على مستوياتكم حولهما كمكونات حكومية، وبرلمانية، وسياسية أغلبية ومعارضة؟ ولماذا عُرضت مواد من القانون الجنائي مؤخرا على البرلمان دون تقديم قانون كامل برؤية سياسية مستقبلية غير ظرفية وانتقائية؟ ومن المستفيد من عرقلة القانون التنظيمي والمدونة الجنائية؟ ولماذا تراعى مصالح سياسوية، ولا تراعى مصالح المتقاضين؟”.

وأضافت “إننا نعرف أن هناك من يدفع المغرب للوراء في مجال تطلعات المواطنين نحو عدالة المستقبل، ومجتمع الحرية، ومناهضة الإفلات من العقاب، أو يتضايق من فتح آفاق رحبة أمام قضاء جنائي يحقق أكبر حماية لحقوق المتقاضين، لتوسيع حقوق المشتبه فيهم بحضور المحامي خلال مرحلة البحث التمهيدي بالحراسة النظرية، وضمان حقوق الدفاع بفعالية، أو تقليص مدد الحراسة النظرية، أو في مراجعة وحصر أسباب الاعتقال الاحتياطي لتقبل التأويل عند الأمر به، وتقرير حق الطعن فيه، أو حماية قانونية ومسطريه لقرينة البراءة، وضبط سلطة النيابة العامة”.

وخلص النقباء في مذكرتهم بالقول: “نعتقد أنه لا يمكن أن يظل مجتمع بكل فئاته، رهينة داخل بيت الانتظار.ولا يمكننا كمحامين أن نستسلم لخيارات تحرمنا من تشريع يرفع من مكانة الدفاع وتوسيع فعاليته، وضرورته، وكذا مستوى القضاء، والعدالة ليمكنهم كلهم من أدوات العمل لخدمة المصالح المشروعة للمواطن”.

* الصورة من الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *