وجهة نظر

هل إلى هذا المستوى تنطلي الحيلة على الشعب المغربي؟

لو سألت إنسانا سوي الفطرة سليم العقل هل تقبل صدقة من لص ؟ هل يرضيك أن تأخذ بدل حقك الطبيعي في الثروة والكرامة صدقة ممن اغتصبوا حقوقك وحالوا بينك وبين الحياة الكريمة؟طبعا سيكون الجواب لا ،لأن الصدقة يعطيها فضلاء القوم وأشرافهم لمن يستحقها من الفقراء لا المفقرين ،والجائعين لا المجوعين ،والضعاف من القوم لا المستضعفين.

كيف يقبلها من أناس ثروتهم تحوم حولها عدة تساؤلات ،وفوزهم في الإنتخابات قيل فيه ماقيل ،وتبين بالملموس أنهم صناعة مخزنية جاءت لتعصف بما حققه الشعب من حقوق وحريات .وتعيد المغرب إلى البصروية والتونسة البغيضين.

أقصد ماتداولته وسائل الإعلام من تخلي نواب حزب الجرار عن مستحقاتهم عن الأشهر الأخيرة ،وكيف سوق للرأي العلم وكأنه فتح مبين ،سيحل مشكل البطالة وتستقيم العدالة ويرفع به التهميش والإقصاء عن المغرب غير النافع ،وسيحرك اقتصاد البلد ..إلخ.

هذا الخداع(التدواخ ) للمغاربة لن يجدي نفعا ،لأن الأمر لايعدوا أن يكون محاولة يائسة لتبييض وجه الفساد الذي يعتبر حزب الجرار ذراعه الأيمن وفاعله السياسي داخل البلاد

إنها خطة لئيمة يراد بها تحويل النقاش عن القضايا الجوهرية إلى مواضيع لا تسمن ولا تغني من جوع.

الموضوع الأول هو “البلوكاج الحكومي” ، فالمسؤولون عن عدم تشكيل الحكومة حتى تعطلت كل المؤسسات التي تدور في فلكها ، ومنها البرلمان ، هم نواب حزب الأصالة والمعاصرة ،فلو لم يكن أخنوش مدعوما من هذا الحزب السلطوي المشؤوم لما تعامل مع السيد ابن كيران بهذا الأسلوب المتعالي ، لأنه يحاور وفي يديه أغلبية عددية ،قطبها الرئيسي نواب حزب الأـصالة والمعاصرة.

إذن،كيف يتحدث حزب “البام” عن العطالة البرلمانية وهم من كانوا السبب فيها ؟ ألا يعتبر هذا تدليسا على الشعب ؟والغريب في الأمر أنه بدل مطالبة الشعب بمحاسبة الجهة أو الجهات التي عرقلت تشكيل الحكومة نجد بعض المغاربة انساقوا وراء كذبة إسمها “التعفف عن أخذ الأجرة”،بدعوى الإلتزام بمبدأ الأجر مقابل العمل.

ياسلام ،إلى هذا الحد أصبح سياسيونا كرماء ،لهم حس بالمسؤولية وحب للوطن ،فلماذا لم يصرحوا بقيمة ومصدر ثرواتهم بكل شفافية ؟ ومن أين أتوا بالمليارات التي أنفقت في الحملة الإنتخابية ؟حتى أن أحدهم ، والمصدر موثوق ، قد صرف ،بمناسبة فوزه في استحقاقات 7 أكتوبر 2016 ، أزيد من 200 ألف درهم.

نريد أن نعرف كشوفات عن ثرواتهم وعن مدى أدائهم للضرائب المستحقة عليهم بحكم القانون ،وتقدر بالمليارات ،وقد كشفت وسائل الإعلام عن كثير من أسماء المتملصين الكبار من دافعي الضرائب .

هذه الكذبة لن تغفر لهؤلاء عندما تآمروا على إرادة الشعب التي عبر عنها في 7 أكتوبر 2016 ،وذلك بمنح رئاسة البرلمان لحزب عاقبه المغاربة ، كما أنها لن تغفر لهم ما سببه تدخلهم السافر في عرقلة تشكيل الحكومة ، من خسائرة مادية ومعنوية جسيمة للدولة والقطاع الخاص ،لن تعوضها كل ملياراتهم.

كنا نتمنى ،بدل هذه المهزلة ، أن نسمع عن المطالبة بتخفيض أجور البرلمانيين والوزراء ،وبالإقتطاع من الأجرة عن التغيب أثناء عمل مؤسسة البرلمان ، والتخلي عن الإمتيازات الكبيرة التي تقدمها لهم الدولة بكل سخاء ،والمطالبة بإيقاف مهزلة تقاعد الربلمانيين…إلخ

أعتقد أن الألاعيب المخزنية انكشفت ، وكما نقول بالمثل الشعب التاوناتي “تهرست القلة وبقى الزيت معلق ” ، حزب الجرار سيبقى حزب المخزن الأول ، وسيظل زعماؤه يدا سلطوية لكبح عملية الإصلاح السياسي ببلادنا ، ولن يغير من ذمامتم وقبح منظرهم وخطر وجودهم على الحياة السياسية أي حيلة ، فلوا وضعوا كل الأقنعة والمساحيق لن يقنعوا الشعب المغربي بأنهم جادون ومخلصون ، والحل الوحيد أمام هذا الحزب أن يعترف أمام الشعب بالمآمرة ، وأنه وراء كل الويلات التي عرفها المغرب في الأربع سنوات الأخيرة، ونقول له : لا نريد صدقاتكم ، إنما نريد اتقاء شروركم والعودة إلى رشدكم.