ملف

“مملكة التناقضات .. المغرب في مائة سؤال”: ما هو مصير اليهود المغاربة؟ (ح 22)

صورة لليهود المغاربة مع الراية المغربية

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 22: ما هو مصير اليهود المغاربة؟

ربما يكون المغرب هو البلد العربي، وفي هذه الحالة البلد الأكثر انتماء للفضاء الأمازيغي في العالم العربي، الذي لديه أفضل العلاقات مع إسرائيل، وأكثر من ذلك مع اليهود المغاربة في الشتات. والمغرب يعترف الآن بوجود رافد يهودي في هويته وهناك العديد من الخطب السياسية والأفلام والأعمال التاريخية أو المؤسسات تتناول قضية اليهود في المغرب وتؤكد على وجود ذاكرة يهودية مغربية وذاكرة تاريخية مشتركة. ويحب الخطاب الرسمي التذكير أن المغرب رحّب باليهود المطرودين من إسبانيا بعد عام 1492 وأن القصر الملكي فخور بحمايتهم من تعسفات حكومة فيشي الفرنسية (الموالية للنازيين) خلال الحرب العالمية الثانية.

والملك المغربي هو أحد رؤساء الدول العربية القلائل الذين لديهم مستشار يهودي، ولكن في بلد جاوز عدد سكانه اليهود 000 265 نسمة في عام 1948، يجدر التساؤل أين ذهب هؤلاء اليهود المغاربة ولماذا غادروا البلاد؟

وتشير التقديرات في بداية القرن الحادي والعشرين إلى أن عدد اليهود من أصل مغربي يتجاوز مليون نسمة موزعين في جميع أنحاء العالم، منهم أكثر من ألف أو ألفي شخص في المغرب، معظمهم من كبار السن، بحيث لم يعد بقاء هذه الطائفة مضمونا في المغرب ويعيش أفرادها حاليا على الخصوص في مدينتين هما الدار البيضاء ومليلية (إسبانيا)، ولذلك فإن الغالبية العظمى من اليهود المغاربة يعيشون في الخارج، وفي إسرائيل بشكل رئيسي. ويقدر عددهم بما يتراوح بين 000 700 و000 800 فرد مما يشكل ثاني أكبر طائفة وطنية بعد اليهود من أصل روسي في أوائل التسعينات.

كل عام، يأتي آلاف اليهود المغاربة لزيارة مقابر و أضرحة أسلافهم في المغرب. كما يستقبل المغرب رجال أعمال ومستشارين إسرائيليين زائرين، أما بقية الطائفة فهي في المقام الأول مستقرة في فرنسا وكندا، ولكن أيضا في بقية أوروبا الغربية والأمريكتين. لماذا تركت هذه الطائفة العريقة والمهمة وطنها لتشكل مجموعة من الفقراء في إسرائيل، المهمشين والأميين في البداية، لدرجة أنها أصبحت أحد الخزانات الانتخابية للأحزاب المتطرفة والأكثر تديناً بينما السلطات المغربية تعبر لها عن العطف والعناية.

كان الملك الحسن الثاني يصف أعضاء هذه الفئة بقوله “mes juifs”، وهو تعبير يشير من جهة إلى تاريخ الصهيونية ومن جهة أخرى إلى عواقبه على الرأي العام. عندما تأسست دولة إسرائيل في أعقاب حرب 1948، أسفرت أعمال الشغب العنيفة المعادية لليهود عن مقتل 44 ضحية في المنطقة الشرقية من المغرب، مما أدى إلى نزوح أول لـ 18,000 شخص، والذي استمر مع كل حرب في الشرق الأوسط (في عام 1956 بعد مذبحة مكناس، التي ضربت الفرنسيين بشكل رئيسي، ثم في عام 1967) ومع كل محطة من محطات إنهاء الاستعمار، تسارعت جهود الوكالة اليهودية العالمية لاستقطاب اليهود المغاربة وكان الملك محمد الخامس قد حظر عليهم المغادرة في عام 1956، لكن الدولة في عهد الحسن الثاني باعت سراً جزءاً من سكانها إلى إسرائيل مقابل 100 دولار للفرد.

وفي عام 1967، انخفض عدد السكان اليهود في المغرب إلى 000 70 نسمة وتسارع النزوح بشكل حاد حتى وصل العدد إلى 000 10 فرد في عام 1989. في ظرف أربعين عاماً، تبخرت ثاني أكبر جالية يهودية في العالم العربي الإسلامي بعد العراق ، وهي تميل إلى الانقراض مع بداية القرن الحادي والعشرين. ومع ذلك، يترك هذا الرحيل فراغاً وكثيراً ما يثار هذا الجزء المبتور من الشخصية المغربية.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *